مرايا – لم تكن الطريقة سهلة أمام دولة السودان ورئيسها المشير عمر البشير، في جمع أطراف النزاع بالجنوب، لإنهاء الصراع القائم هناك، ووقف حمام الدم وتشرد المواطنيين في حروب طال امدها وكثرت آلامها.

ولم تكون السودان دولة ورئيساً بمعزل عن ما يحدث في ارض الجنوب، فما كان من الرئيس عمر البشير الا بأن يبادر في طرح مبادرت السلام التاريخية التي إحتضنتها الخرطوم وجمعت بها الأطراف ليكون إتفاق سلام كامل تحتقن به الدماء ويسود الآمان اراضي دولة الجنوب.

وتككلت نتائج لقاء السلام بين اصراف النزاع على ارض الخرطوم بتوقيع اتفاق اطاري لتحيق السلام بعد مضي يومين فقط من الجلسات المتواصلة، حيث وقع على الإتفاق كل من الرئيس سلفاكير عن حكومة الجنوب ود.رياك مشار من الحركة الشعبية في المعارضة (SPLM.O) ودينق الور عن مجموعة العشرة (FD) ، وقبريال شانقسون عن تحالف الأحزاب السياسيةSSOA)) ، والسيد بيتر ميار عن بقية الاحزاب السياسية (OPP) ، وقد وقع السيد الرئيس عمر البشير في الاتفاق كضامن كما وقع كل من مبعوث الإيقاد لجنوب السودان وممثل الترويكا الأوروبية كشهود على الاتفاق.

وجاء الاتفاق وفقا لقواعد واسس ثابتة شملت إعلان وقف اطلاق النار الدائم في كل الجبهات خلال 72 ساعة من توقيع الإعلان وذلك استناداً على إتفاق وقف العدائيات الموقع في 21 ديسمبر 2017م وأن يشمل ذلك وقف الإشتباكات وفصل القوات وإنسحاب القوات المتحالفة وفتح الممرات الإنسانية وإطلاق سراح أسرى الحرب والمعتقلين السياسيين وأن تعمل الأطراف على مراقبة ذلك ذاتيا ومن خلال الايقاد والإتحاد الأفريقي والتزام جميع الأطراف بعدم تحريك قواتها من مواقعها الحالية وتفويض الإيقاد والإتحاد الأفريقي بنشر القوات اللازمة لتحقيق ذلك.

وفيما يتعلق بالترتيبات الأمنية ، يتم الاتفاق على إعادة بناء الأجهزة العسكرية والشرطية والأمنية بعيدا عن الإثنية والقبلية وأن تعمل الشرطة على نزع السلاح من كل المواطنين.

اصافة الى إدخال تعديلات على مقترح الإيقاد بإضافة فترة قبل الإنتقالية مدتها (120) يوماً تعقبها فترة إنتقالية مدتها (36) شهراً تعقبها إنتخابات يتم الإعداد لها خلال الفترة الإنتقالية، وأن يتم الإسراع في تطوير البنية التحتية والخدمات لرفع المستوى المعيشي للمواطنين.

ولم يستثنى أن يكون إستتباب الأمن في مربعات النفط فى الوحدة (block 1,2,and 4) وثارجاس( block5a ) مسئولية المواطنين وحكومة جنوب السودان بالتعاون مع السودان اللذان يجب أن يعملا فوراً على إعادة تاهيل وتشغيل حقول النفط على أن تحدد كلفة إعادة التاهيل بواسطة السودان وجنوب السودان على أن يكون لأي طرف الحق في الإستعانة بطرف ثالث للتقييم دون التسبب في تاخير العمل .

وبعد ذلك وجد توقيع الاتفاق إهتمام كبير على المستوى الداخلي في دولة جنوب السودان والمستوى الإقليمي والدولي، وردود افعال داخلية وخارجيةمن ابرزها، قرار رئيس ‏الجمهورية سلفاكير الى قوات الجيش الشعبي بوقف اطلاق النار تنفيذا لاتفاق الخرطوم.

وإجتماع وزير الدفاع كوال منجانق مع قادة الجيش الشعبى بتاريخ 28/6 في قيادة الجيش الشعبي ببلفام وقدم تنويراً منه حول إتفاق الخرطوم وحثهم على الإلتزام به.

وتوجيهات رياك مشار رئيس الحركة الشعبية بالمعارضة قوات الحركة بوقف إطلاق النار كما اعلنت الحركة الوطنية الديمقراطية بقيادة د.لام وقف اطلاق النار التزاماً بإتفاق الخرطوم.

اضافة الى التفاؤل الكبير وسط الشارع الجنوبي بإمكانية نجاح المفاوضات الجارية الأن بالخرطوم واهتمام الصحف المحلية في دولة جنوب السودان بتناول المفاوضات الجارية الأن في الخرطوم.

اما عن ردود الافعال الخارجية، فقد رحب الأمين العام للأمم المتحدة بالإتفاق الإطاري للسلام بدولة جنوب السودان الذي تم توقيعه بالخرطوم وأعرب عن أمله في أن يتم تنفيذه والوصول لإتفاق سلام لإنهاء الحرب الأهلية.

كما وأصدر رئيس الإتحاد الأفريقي موسي فكي بياناً رحب فيه بإعلان الخرطوم وأثنى على دور السيد الرئيس المشير عمر البشير لنجاحه في تسيير أعمال الإجتماع وبمساهمة الرئيس اليوغندي يوري موسفيني ، كما أكد دعم الإتحاد الأفريقي الكامل للمباحثات المباشرة التي تجري في الخرطوم.

اضافة الة ما أصدرته دول الترويكا (النرويج، المملكة المتحدة والولايات المتحدة) في بيان لها رحبت فيه بدور حكومة السودان في إستضافة جولة من المناقشات بين أطراف النزاع في دولة جنوب السودان التي خلصت الى إتفاق بينهم في الخرطوم.

وقرر مجلس وزراء خارجية الإيقاد ، تمديد موعد فرض العقوبات على معرقلي العملية السلمية في دولة جنوب السودان ، بسبب التطورات ‏الإيجابية في محادثات السلام بين الأطراف المتنازعة في العاصمة السودانية الخرطوم .

الى جانب ترحيب دونالد ياماموتو مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشئون الأفريقية بتوقيع أطراف الصراع على إعلان الخرطوم وأثنى على جهود السودان وأشاد بالإختراق المهم الذي تم تحقيقه.

جهود دولة السودان وعلى رئسها البشير لم تقف عند هذا الحد بل قامت السودان بتكوّن لجان فنية من خبراء سياسيين وقانونيين للمساعدة في تقريب وجهات النظر بين أطراف الصراع، وقد جلست هذه اللجان مع كل أطراف الصراع وإستمعت الى آرائهم حول قضايا السلطة والترتيبات الأمنية ومن المتوقع أن تقدم هذه اللجان مقترحاً متكاملاً لمعالجة الصراع في غضون اليومين القادمين.

كما وبذل السودان جهداً كبيراً في إحضار كل عناصر الحركات المعارضة وأعضاء منظمات المجتمع الدولي وكل عضوية المنبر عالي المستوى من القيادات الجنوبية الى الخرطوم للمشاركة في هذه المفاوضات حيث تشرف لجنة فنية على الإتصال ومنح التاشيرات وإستقبال وسكن وإعاشة وعلاج كل المشاركين في الجلسات.

وعلى كل ما تقدم فقد يعتبر الإتفاق خطوة متقدمة في إطار بناء الثقة بين أطراف الصراع ويعد بمثابة مؤشر على نجاح الجولة وإحتمال وصول الفرق الفنية الى تفاهمات بشان القضايا الخلافية التفصيلية.

كما يعتبر التزام الطرفين بوقف اطلاق النار المؤشر الأساسي لنجاح هذه الجولة مما يستدعي متابعة تنفيذ إتفاق السلام والتحقيق حول الخروقات التي تتبادل أطراف الصراع الإتهامات حولها واتخاذ قرارات حاسمة بشأن الطرف المنتهك لوقف إطلاق النار وذلك من خلال العمل على تعزيز فرق المراقبة والتقويم .