مرايا – غادر القسّ الأميركي أندرو برانسون تركيا مساء الجمعة على متن طائرة متّجهة إلى ألمانيا في طريق عودته إلى الولايات المتحدة حيث سيستقبله الرئيس دونالد ترامب، وذلك بعيد قرار محكمة تركية الإفراج عنه بعدما قضى عامين قيد الاحتجاز.
وقال وكيل الدفاع عن القسّ برانسون المحامي إسماعيل جيم هالافورت لوكالة فرانس برس إنّ موكّله الذي أثارت قضيّة احتجازه في تركيا أزمة دبلوماسية بين أنقرة وواشنطن غادر على متن طائرة عسكرية أميركية أقلعت من مطار عدنان مندريس في إزمير (غرب) متّجهة إلى قاعدة رامشتاين الجويّة الأميركية في ألمانيا، على أن يستقلّ من هناك طائرة أخرى تعود به إلى بلاده.
ولاحقاً أعلن البيت الأبيض أن برانسون أصبح خارج الأجواء التركية ويتوقّع أن يصل إلى قاعدة أندروز الجوية قرب واشنطن ظهر السبت (16,00 ت غ).
وسارع الرئيس الأميركي إلى الترحيب بهذا النبأ، مؤكّداً أنّه سيستقبل القسّ المفرج عنه في المكتب البيضاوي فور عودته المتوقّعة ‘السبت على الأرجح’.
وقال ترامب للصحافيين لدى وصوله إلى سينسيناتي بولاية أوهايو للمشاركة في تجمع انتخابي ‘بشرى سارة، القسّ برانسون موجود الآن في الجو (…) أعتقد أنّه بصحة جيدة’ بعدما ‘عانى الكثير’ خلال السنتين اللتين قضاهما في تركيا خلف القضبان ثم في الإقامة الجبرية.
وأكّد الرئيس الأميركي أنّ القسّ المفرج عنه ‘سيزور البيت الأبيض، على الأرجح السبت’.
– ‘لم يتم عقد أي اتفاق’ –
ونفى ترامب ما تداولته وسائل إعلام أميركية من أن الإفراج عن القسّ برانسون تمّ بموجب اتفاق بين أنقرة وواشنطن تعهّدت خلاله الإدارة الأميركية بأن تخفّف ضغوطها الاقتصادية على تركيا.
وقال الرئيس الأميركي ‘لقد تحدّثنا مع تركيا’ لكن ‘لم يتم عقد أي اتفاق’.
ويقول المسيحيون المحافظون الأميركيون إن قضيّة القسّ تمثّل قاعدة انتخابية مهمة لترامب الذي سبق له وأن وصف برانسون بأنه ‘قسّ أميركي رائع’ و’وطني عظيم’ محتجز ‘رهينة’.
وبعدما رفضت المحكمة الإفراج عن القس في تموز/يوليو، صعّدت واشنطن لهجتها وفرضت سلسلة عقوبات على تركيا.
وتم الإفراج عن القسّ البالغ من العمر 50 عاماً بقرار أصدرته محكمة علي آغا في إزمير (غرب) وحكمت فيه بالسجن لمدة ثلاثة أعوام وشهر على برانسون لكنها أمرت بالإفراج عنه فوراً بعدما أخذت في الاعتبار فترة سجنه (عام ونصف في السجن وشهران في الإقامة الجبرية) وكذلك أيضا سلوكه خلال المحاكمة.
وحكم على برانسون بهذه العقوبة بعد إدانته ب’دعم منظمات ارهابية’ أي حزب العمال الكردستاني الانفصالي وشبكة الداعية فتح الله غولن الذي تتّهمه أنقرة بتدبير المحاولة الانقلابية ضدّ الرئيس رجب طيب أردوغان في تموز/يوليو 2016.
كذلك، تجاوبت المحكمة مع طلب النيابة العامة رفع الاقامة الجبرية عن برانسون والسماح له بمغادرة تركيا.
– ‘أحب تركيا’ –
وكان القسّ قال خلال جلسة المحكمة مرتدياً بزة داكنة وقميصاً بيضاء ‘أنا بريء. أحبّ يسوع، أحبّ تركيا’.
ويقيم برانسون منذ نحو عشرين عاماً في تركيا حيث يدير كنيسة بروتستانتية صغيرة في إزمير. وينفي اتهامه بممارسة انشطة ‘إرهابية’.
وفور الإفراج عن برانسون طالب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أنقرة بـ’الإفراج سريعاً’ عن بقيّة الأميركيين المحتجزين لديها وكذلك أيضاً عن أتراك يعملون في بعثات دبلوماسية أميركية في تركيا.
وقال بومبيو في تغريدة إنّ ‘القسّ برانسون عائد أخيراً إلى أميركا، بعد محنة طويلة له ولأسرته. نأمل أن تفرج الحكومة التركية سريعاً عن بقية المواطنين الأميركيين وموظفي وزارة الخارجية المحليين المحتجزين لديها’.
وكالة دوغان/ا ف ب/ارشيف /
ضباط الشرطة التركية ينتشرون أمام المبنى الذي يقيم فيه القس الأميركي أندرو برانسون، في 27 تموز/يوليو 2018 في إزمير
وأضاف ‘هذا يوم عظيم لأميركا! مواطن آخر يتم الإفراج عنه. ينبغي على العالم أن يعي أن رئيس الولايات المتحدة ووزارة الخارجية الأميركية سيواصلان العمل بكدّ في سبيل أن يعود إلى ديارهم كل الرهائن الأميركيين وأولئك المسجونين والمعتقلين بغير وجه حق’.
وتطالب الولايات المتحدة تركيا بالإفراج خصوصاً عن سركان غولج الذي يحمل الجنسيتين التركية والأميركية ويعمل عالماً في وكالة الفضاء الأميركية ‘ناسا’ الذي حكمت عليه محكمة تركية في شباط/فبراير بالسجن لمدة سبع سنوات ونصف بتهمة الإرهاب قبل أن يتم تخفيض العقوبة في أيلول/سبتمبر الماضي إلى السجن لمدة خمس سنوات.
كذلك فإن أنقرة تعتقل موظفين تركيّين يعملان في بعثتين دبلوماسيتين أميركيتين في تركيا، أحدهما هو موظف في القنصلية الأميركية في أضنة بدعى حكزة أولوكاي وقد رفضت محكمة الجمعة طلباً تقدّم به لإطلاق سراحه.
في المقابل تبدي أنقرة غضبها من إصدار محكمة أميركية حكما بحق نائب مدير عام ‘بنك خلق’ (بنك الشعب) الحكومي محمد حقان أتيلا بالحبس 32 شهرا لإدانته بمساعدة إيران في الالتفاف على العقوبات الأميركية المفروضة عليها.
وقد يتعرّض المصرف لغرامة هائلة ما يثير قلق السلطات التركية التي تفيد تقارير إعلامية بأنها تريد التوصل إلى تسوية في هذا الملف في إطار اتفاق ينص على الافراج عن برانسون.