مرايا – واصلت الصحافة الإسرائيلية حديثها بتوسع عن تبعات كشف المزيد من تفاصيل القوة الأمنية الخاصة التي عملت في قطاع غزة، وفق التقارير الصحفية، ونشرت كتائب القسام صور أفرادها، ما أثار خيبة أمل “إسرائيلية” واسعة، دفعت بالرقابة العسكرية لحظر نشر الصور التي كشفت عنها حماس.
عاموس هارئيل، المحلل العسكري في صحيفة هآرتس، قال إن “حماس تسعى من خلال نشر صور أفراد القوة الإسرائيلية إلى استنساخ نموذج الكشف عن عملية اغتيال محمود المبحوح، قائدها العسكري في إمارة دبي، قبل ثماني سنوات، فما حصل في 2010 يتكرر اليوم في 2018 في ظل عصر الصورة وشبكات الإنترنت وسرعة الانتشار الهائلة”.
وأضاف في مقالٍ له، أن “الهدف الأساسي لحماس من نشر الصور الإسرائيلية هو الحصول على مزيد من المعلومات من الجمهور الإسرائيلي، وكأن حماس أرادت العودة بنا لما حصل في دبي، حين كشفت كاميرات المراقبة في الفندق الذي قتل فيه المبحوح هويات وشخصيات المتورطين باغتياله”.
وأوضح أن “نشر حماس للصور يذكرنا باغتيال دبي، التي كشفت عن وجود العشرات من أفراد جهاز الموساد المشاركين في الاغتيال بهويات أجنبية، ما تسبب بإحراج كبير لإسرائيل بعد التوضيحات والتعويضات من الدول الصديقة التي استخدم عملاء الموساد جوازات سفرها، وحماس تعاود العمل اليوم بالطريقة ذاتها”.
يوني بن مناحيم، الخبير الإسرائيلي في الشؤون الفلسطينية، قال في موقع نيوز ون، إن “حماس وإسرائيل تخوضان في هذه الآونة أحد أشكال حروب الظلال التي تشمل شن حرب نفسية ضد إسرائيل؛ بهدف إحراجها، وزعزعة الأمن الشخصي لأفراد القوة الإسرائيلية الخاصة، وكشف هوياتهم، لمنعهم من العمل في المستقبل في المناطق الفلسطينية وخارجها”.
وأضاف بن مناحيم، في مقال له، أن “الطرفين، حماس وإسرائيل، يعيشان حربا أمنية استخبارية، لكن نشر الصور لا يعدّ نهاية القصة، فالحركة قد تنشر المزيد من التفاصيل مستقبلا كلما تكشف شيء بتحقيقاتها الأمنية، وهكذا تدير حماس معركة على الوعي باستخدام وسائل إعلامها وتصاويرها وتسجيلاتها وتغريدات التويتر من أجل نقل رسائلها لترسيخ عبارة الانتصار على المخابرات الإسرائيلية”.
وأوضح أن “نشر صور أعضاء الوحدات الإسرائيلية الخاصة شكل ضرراً استراتيجيا بالغا للعمليات الأمنية الإسرائيلية داخل المناطق الفلسطينية وخارجها، مع أن هناك إمكانية للتغلب على هذه الأضرار في حال استخلصت إسرائيل الدروس والعبر من الأخطاء التي وقعت فيها الوحدة”.
وأشار بن مناحيم، وهو ضابط سابق في جهاز الاستخبارات العسكرية “أمان”، إلى أن “حماس هدفت من نشر صور القوة الإسرائيلية إظهار فشل القوة الخاصة، وتوضيح كم أن هؤلاء “الإسرائيليين” أغبياء، وبث الخوف في أوساط المجتمع “الإسرائيلي” ومؤسساته الأمنية، وإرسال رسالة لأعضاء تلك القوة بأنه لا أمان لهم، والتأكيد أن حماس تواصل تفكيك البنية التحتية التي ساعدت هذه القوة “الإسرائيلية” الخاصة داخل القطاع”.
بن كاسبيت المحلل السياسي في موقع يسرائيل بلاس قال إن “حماس وإسرائيل تعيشان أجواء جدية من حرب العقول وصراع الأدمغة، لأن كشف الحركة عن صور أعضاء القوى “الإسرائيلية” الخاصة قد تشكل كارثة على طرق العمل “الإسرائيلية” فيما وراء خطوط العدو، ناقلا عن أجهزة الأمن “الإسرائيلية” تقديرها أن حماس لديها صور وجوه الخلية، لكن لا تملك المزيد من التفاصيل الشخصية”.
وأضاف في أن “نشر الصور يعني أن الاشتباك الذي شهدته حدود مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة يوم 11 نوفمبر لم ينته بعد، بل إن الحرب الرقمية وصراع الأدمغة بين حماس وإسرائيل وصلت ذروتها بعد خطوة حماس الأخيرة الخطيرة”.
وأوضح أن “هذه الحادثة دليل على أن حماس وإسرائيل تخوضان حربا مستمرة، فالحركة لا تعترف بإسرائيل، وميثاقها يدعو لإبادتها، ومحوها عن الخارطة، كما أن إسرائيل لا تعترف بالحركة، ولا تجري معها أي اتصالات، ومع ذلك فإن كتائب عز الدين القسام، جناح حماس العسكري، تحارب إسرائيل وفق آخر نماذج الحروب الرقمية في الإعلام الجديد، عبر قناة تليغرام وحساب تويتر باللغة العبرية”.
وأكد أن “حماس أنشأت خطا تلفونيا أشبه بالمخبر الأمني يتصل عليه الإسرائيليون دون كشف أسمائهم للإبلاغ عما لديهم من معلومات، وهكذا تحاول حماس استعادة نموذج ما حصل لأعضاء فرقة “كيدون” التابعة للموساد، المكلفة بتنفيذ المهام خلف الحدود، ويشتبه باغتيالها محمود المبحوح في دبي، وجعلت إسرائيل في وضع مهين لا تحسد عليه، وكل ذلك دليل على أن العملية الإسرائيلية بغزة ما زال يحيط بها كثير من الضباب”.
وأشار إلى أن “إسرائيل صغيرة، ومن السهولة بمكان التعرف على وجوه العناصر التي نشرتها حماس، وتشخيصها، وتبادل الحديث بشأنها، وكشف المزيد من المعلومات التي قد تعرض أمن إسرائيل للخطر، صحيح أن المعركة الأخيرة انتهت باستشهاد سبعة من كوادر حماس، ولم تتمكن الحركة من اختطاف أحد من أفراد الوحدة، لكن الصورة الإجمالية للمعركة في مجال الوعي تبدو نجاحات حماس فيها أكبر بكثير”.
وختم بالقول إن “ما قامت به حماس تسبب بإشكالية كبيرة لمنظومة الأمن الإسرائيلية، ما يفرض عليها نمط عمل جديدا في أدائها الميداني، وإحداث تغيير جوهري في طرق العمل الاستخبارية السرية، وربما يؤثر سلبا على تفوقها الدائم في هذا المجال أمام أعدائها”.
ونقل عن مصدر أمني “إسرائيلي” كبير قوله إننا “أمام مهمة خطيرة بالفعل، نحن ننفذ مئات العمليات السرية في السنة في كل الجبهات والأماكن التي لا تخطر على بال أحد، نسبة الفشل والكشف فيها تقترب من الصفر، لكن الجمهور فقط يسمع عن الإخفاقات”.