مرايا – بينما تتسارع وتيرة الحديث في الكيان الإسرائيلي عن المستقبل السياسي لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، يسعى الأخير إلى جمع تبرعات لتغطية أتعاب ممثلي الدفاع عنه في قضايا فساد رغم ما تتداوله تقارير إعلامية حول ثروته غير المعلنة، وامتلاكه عقارات بملايين الدولارات.
الأسبوع الماضي، جدد نتنياهو طلبه من مكتب مراقب الدولة، السماح له بالحصول على تبرعات من مقربين منه لتغطية أتعاب محاميه في شبهات الفساد التي تلاحقه.
وذكرت صحيفة “هآرتس” الجمعة، أن محامي نتنياهو “نفوت تل تسور”، قدم وثيقة تضم 25 صفحة، لتبرير طلب موكله الحصول على تبرعات لتغطية أتعاب محاميه.
وورد في الوثيقة، أن “الطلب مصيري ودرامي، خاصة أنه يأتي للدفاع عن حق نتنياهو الأساسي في مواجهة السلطات، وفي ظل الموارد الضخمة واللامحدودة التي تملكها الدولة، والتي قدمتها خلال التحقيقات في قضايا نتنياهو”.
وكانت الصحيفة العبرية، قد كشفت الشهر الماضي، أن نتنياهو، تلقى تبرعًا بقيمة 300 ألف دولار أمريكي دون حصوله على موافقة من مكتب “مراقب الدولة”.
وحصل نتنياهو على المبلغ من رجل أعمال أمريكي، لتغطية أتعاب المحامين الذين يتولون الدفاع عنه وعن زوجته سارة، في قضايا الفساد المشتبهين فيها.
وقالت “هآرتس”، إن رجل الأعمال الذي قدم المبلغ لنتنياهو هو أحد أقاربه، ويدعى ناتان ميليكوفسكي، وهو أمريكي الجنسية.
وسبق أن رفضت “لجنة الموافقات” في مكتب مراقب الدولة، طلبًا من نتنياهو للسماح له بتجنيد الأموال من مقربين له هما ميليكوفسكي، ورجل أعمال أمريكي آخر يدعى سبنسر بارتريدج.
وأضافت الصحيفة أن الاثنين كانا شاهديْن في القضية المسماة (الملف 1000) المتعلقة بتلقي نتنياهو رشاوى على شكل هدايا من رجل أعمال أثرياء.
“تل تسور”، أضاف في طلبه الجديد، أن “أمام نتنياهو (قضايا ديناصورية) حسب وصف المحكمة العليا الإسرائيلية، والفرد بغض النظر عن منصبه الرسمي سيواجه هذه القضايا، وسيدافع عن نفسه منفردًا في مواجهة الدولة وإمكاناتها”.
والأحد، أشار المصدر ذاته أن طلب نتنياهو السماح له بالحصول على تبرعات لدفع أتعاب محاميه، يأتي في وقت تتراكم على مكتبه فواتير لمحامين حاليين وسابقين تولوا قضايا تخصه، بمئات آلاف الشواقل (الدولار يساوي 3.65 شيقل تقريبًا).
لكن الطلب ذاته، لا ينفي قدرة نتنياهو على دفع رسوم المحامين من ثروته الخاصة، بل يلمح إلى أن وضعه المالي يمكنه من ذلك، حيث قال تل تسور: “من الناحية النظرية، لا يوجد تمييز ضمن أمور أخرى، بين المساعدة الخارجية لوزير يمتلك أصولًا كثيرة (ثري)، ووزير ذي أصول منخفضة (ثروته قليلة)”.
وفي ديسمبر/كانون الثاني الماضي، كشف تقرير نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” في ملحقها الاقتصادي “كالكاليست”، عن جزء من ثروة نتنياهو الشخصية، مشيرًا أنه يمتلك عقارات بقيمة 35 مليون شيقل (9.6 ملايين دولار).
وتشمل هذه العقارات فيلا في مدينة قيساريا الساحلية شمال إسرائيل، وشقة في القدس، ونصف بيت فلسطيني تم الاستيلاء عليه إبان النكبة (عام 1948)، ورثه نتنياهو عن والده في القدس أيضًا.
وتتراوح قيمة الفيلا في قيساريا بين 4.5 و5 ملايين دولار، واشتراها نتنياهو عام 2002 بقيمة مليون دولار، بحسب المصدر.
أما الشقة فتبلغ قيمتها 2.7 مليون دولار، وفي عام 2012 ورث نتنياهو من والده نصف البيت الفلسطيني في القدس، وباع “عيدو نتنياهو”، شقيق نتنياهو عام 2016 حصته من المنزل بنحو 1.15 مليون دولار لرجل الأعمال سبنسر بارتريدج، لكن قيمة العقار حاليًا تفوق ذلك المبلغ بكثير.
وفيما لم يشر “كالكاليست” إلى قيمة ثروة نتنياهو من السيولة النقدية، لكنه أفاد أن راتبه الشهري يصل إلى 52 ألف و926 شيقلًا (14.524 دولارًا)، وهو يتولى منصب رئاسة الوزراء منذ عام 2009، ويقيم وأسرته في المقر الحكومي الذي تتولى الحكومة نفقاته كافة.
وفي العام 2015، وقبيل الانتخابات العامة رفض نتنياهو أن يفصح عن ثروته، لكن فرع مجلة “فوربس” في إسرائيل ذكر حينها، أنه يمتلك أيضًا محفظة تضم كافة استثماراته، لكن لم يتم تحديد قيمتها.
وحسب تقرير مراقب الدولة عام 2015، فإن نتنياهو لا ينفق شيقلًا واحدًا من جيبه الخاص، لأن الدولة تغطي كل نفقاته، وهذا يعني أن فترة عمله رئيساً للوزراء (2009 حتى الآن) من المؤكد أنها راكمت ثروة إضافية في حسابه البنكي.
وفي حديثه للأناضول، يقول المختص الفلسطيني في الشأن الإسرائيلي أنس أبو عرقوب، إن أشخاصا مقربين من نتنياهو عملوا معه واختلطوا به في مراحل مختلفة من حياته أكدوا أنه رجل يعشق المال ولا يحب الإنفاق من جيبه الخاص، بل يحب الاستمتاع بالملذات على حساب غيره.
ومن الأمثلة على حب نتنياهو للمال يشير “أبو عرقوب” أنه وبعد مقتل أخيه (يوناتان عام 1976) بفترة وجيزة جدا لم تتعد فترة الحداد (مدتها أسبوع) ذهب للمطالبة بديون تخص أخاه.
ويضيف أن لـ”سارة” زوجة نتنياهو، أثر كبير عليه، كما أشار إلى ذلك أشخاص عملوا معها خاصة في مقر رئاسة الوزراء ومقر أسرته الحكومي، فهي بحسبهم تحب تناول الوجبات والتحلية على حساب غيرها، وتطلب الهدايا الثمينة من رجال الأعمال.
كما أنها كبدت الخزينة العامة، بحسب “أبو عرقوب”، أموالا ضخمة عبر “الكذب”، كما تبين ذلك في القضية التي تواجهها أمام المحاكم حاليا، وهي مطالبة بموجبها بتسديد مبلغ يصل 100 ألف دولار كبدته للخزينة العامة مقابل وجبات من مطاعم فاخرة لمقر رئيس الحكومة بدعوى عدم وجود “شيف” في مطبخ المقر، رغم وجود “الشيف” على رأس عمله.
وفي العام 2012، نشر إسرائيلي يدعى “جيدي فايتس” مقالًا في صحيفة “هآرتس”، تحدث فيه عن عمله نادلًا في أحد المطاعم التي تقدم وجبات إيطالية في القدس.
وقال فايتس، إن نتنياهو وزوجته سارة دخلا المطعم عام 1993، عندما كان زعيم المعارضة في الكنيست آنذاك.
“تولت سارة أمر الطلبات، فطلبت وجبة ونصف من المعكرونة في طبق واحد مع شوكتين وقالت إنها ستدفع ثمن وجبة واحدة، ثم طلبت كرة واحدة من البوظة، علمًا أن الوجبة الأساسية تشمل ثلاث كرات أصلًا، وطلبت عدم إدراجها في الفاتورة، وفي النهاية خرجا من المطعم دون أن يدفعا ثمن الوجبة”، وفق المقال.
وعن ردة فعل نتنياهو آنذاك من سلوك سارة، يوضح فايتس: “كان ينظر إلى سقف المطعم، وكأنه غير منتبه إلى ما يجري حوله”.
وفي مقال آخر نشرته القناة الثانية على موقعها الإلكتروني عام 2012، ذكر يوفال بن عامي، أن قصص إحجام نتنياهو وزوجته عن دفع فواتير الوجبات معروفة.
ويضيف: “في إحدى المرات عندما تولى نتنياهو رئاسة الوزراء للمرة الأولى (1996 إلى 1999) ركض موظفو مطعم خلف نتنياهو وزوجته بعد خروجهما من المطعم دون أن يدفعا، فطلب نتنياهو من النادل إرسال الفاتورة إلى مكتب رئيس الوزراء”.
والأحد، قال وزير الدفاع الإسرائيلي السابق أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب “إسرائيل بيتنا”، إنه لا يستبعد انسحاب نتنياهو من الحياة السياسية إذا تقرر توجيه لائحة اتهام ضده مقرونة بعقد جلسة استماع أولى قبل الانتخابات المقررة في 9 أبريل/نيسان المقبل.
ومن المتوقع أن يصدر المستشار القضائي للحكومة أفيخاي مندلبليت، في الثلث الأخير من فبراير/شباط الجاري قراره بشأن توجيه لائحة اتهام ضد نتنياهو في ثلاث قضايا فساد مشتبه بها بتلقي وتقديم الرشوة، وخيانة الأمانة والخداع.