مرايا – خلال مطاردتهم الطويلة لأبي بكر البغدادي، حققت فرق الاستخبارات العراقية تقدما في فبراير/ شباط عام 2018، بعد أن قدم لهم أحد كبار مساعدي زعيم تنظيم داعش معلومات، عن كيفية فراره من القبض عليه لسنوات عديدة، وذلك وفقا لمسؤوليين أمنيين عراقيين.

ويدعى هذا الشخص إسماعيل العيثاوي وهو واحد من خمسة رجال اعتقلوا، وقدموا للمخابرات العراقية معلومات مهمة، عن المواقع المختلفة التي استخدمها البغدادي قبل مقتله.

وقال العيثاوي للمسؤولين، بعد اعتقاله من قبل السلطات التركية وتسليمه للعراقيين، إن البغدادي كان يعقد أحيانا محادثات مهمة مع قادته، في حافلات نقل صغيرة محملة بالخضروات لتجنب اكتشافها.

وقال أحد مسؤولي الأمن العراقيين لرويترز: “أعطانا العيثاوي معلومات قيمة، ساعدت فريق الوكالات الأمنية المتعددة في العراق على استكمال فك لغز تحركات البغدادي، والأماكن التي كان يختبئ فيها”.

وانضم العيثاوي إلى القاعدة في عام 2006 واعتقلته القوات الأمريكية في عام 2008 وسُجن لمدة أربع سنوات، وفقا لمسؤولي الأمن العراقيين. وبعد انهيار التنظيم المتشدد إلى حد كبير في عام 2017، فر العيثاوي إلى سورية مع زوجته السورية.

وقال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الأحد إن البغدادي توفي “وهو يبكي ويصرخ” في غارة شنتها القوات الخاصة الأمريكية، في منطقة إدلب في شمال غرب سورية.

وفي خطاب متلفز من البيت الأبيض، قال ترامب إن زعيم تنظيم داعش قتل إلى جانب ثلاثة من أطفاله، عندما فجر سترته المليئة بالمتفجرات بعد أن فر إلى نفق مسدود أثناء الهجوم.

وقال مسؤول كردي رفيع المستوى إنه في عملية أخرى، قتل المتحدث باسم تنظيم داعش يوم الأحد في شمال سورية.

وقال مظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديمقراطية، عبر تويتر: “المهاجر، وهو الساعد الأيمن للبغدادي والمتحدث باسم داعش، كان مستهدفا في قرية عين البيضاء قرب جرابلس، في عملية منسقة بين قوات سوريا الديمقراطية والجيش الأمريكي” .

وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا مقتل المهاجر، قائلا إنه كان من بين خمسة أعضاء في تنظيم داعش قتلوا، في عملية بقيادة الولايات المتحدة ومدعومة من قوات سوريا الديمقراطية.

زوجة البغدادي

وقال مسؤول أمني عراقي لرويترز إن المخبرين في سورية رصدوا حينذاك رجلا عراقيا، يرتدي غطاء للرأس ذا مربعات ملونة في سوق إدلب، وتعرفوا عليه من خلال صورة.

لقد كان ذلك الشخص هو العيثاوي، وتبعوه إلى المنزل الذي كان يقيم فيه البغدادي.

وقال المسؤول: “نقلنا التفاصيل إلى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية “سي أي إيه”، واستخدموا قمرا صناعيا وطائرات بدون طيار لمراقبة الموقع، خلال الأشهر الخمسة الماضية”.

وفي معلومات سرية أخرى حصلت عليها المخابرات العراقية والكردية في العراق وسورية، قال مسؤولان أمريكيان لصحيفة “نيويورك تايمز” إن اعتقال إحدى زوجات البغدادي واستجوابها لعبا دورا كبيرا في التحضير للعملية، التي أطلق عليها المسؤولون الأمريكيون اسم “كايلا مولر” التي كانت رهينة لدى التنظيم سابقا.

واستنادا إلى تلك المعلومة السرية الأولية، عملت وكالة “سي أي إيه” عن كثب مع مسؤولي المخابرات العراقية والكردية في العراق وسورية، لتحديد مكان البغدادي، ووضع الجواسيس في مكانهم لمراقبة تحركاته الدورية، ما سمح للقوات الخاصة الأمريكية بشن هجوم يوم السبت (27 أكتوبر/تشرين الأول).

بدأ التخطيط الأولي للهجوم في الصيف الماضي. وبدأ أفراد تابعون لوحدة “دلتا فورس” في الجيش الأمريكي في وضع خطط للتدريب على القيام بمهمة سرية لقتل البغدادي أو القبض عليه.

و”دلتا فورس” هي وحدة عسكرية أمريكية قتالية توصف بأنها نخبة القوات الخاصة، تحاط معظم عملياتها بالسرية، وتختص بالأساس بمكافحة “الإرهاب” وإنقاذ الرهائن والتدخل السريع.

وواجهت الفرقة المكلفة بالمهمة عقبات هائلة لإنجاح المهمة، فكان الموقع الذي يوجد به البغدادي خاضع لسيطرة تنظيم القاعدة، كما أن روسيا تسيطر على المجال الجوي في تلك المنطقة من سورية، وألغت “دلتا فورس” المهمة في اللحظة الأخيرة قبل تنفيذها مرتين على الأقل.

وقال ترامب إن العملية الأخيرة كانت مدعومة بالطائرات والسفن العسكرية، وإنه شاهدها خلال بث حي في غرفة عمليات البيت الأبيض مع نائب الرئيس مايك بينس، ووزير الدفاع مارك إسبير، ومستشار الأمن القومي روبرت أوبراين ، ومسؤولين آخرين في المخابرات.

وقال ترامب: “كما لو كنت تشاهد فيلمًا سينمائيا”.