مرايا – خلُص التقرير النهائي للتحقيق الذي أجراه مجلس النوّاب الأميركي بحقّ رئيس الولايات المتحدة الثلاثاء إلى أنّ الأدلّة التي يمكن أن تؤدّي إلى عزل دونالد ترامب لاستغلاله منصبه لغايات شخصية وعرقلته عمل الكونغرس وسَير العدالة “هائلة”، فيما سارع البيت الأبيض إلى مهاجمة خلاصات المحققين معتبرًا أنها نتاج “عملية صوَريّة متحيّزة”.
واتّهم التقرير الواقع في 300 صفحة والذي يُفترض أن يشكّل أساسًا لإطلاق إجراءات عزل الرئيس الأميركي، ترامب بتعريض الأمن القومي للخطر، وبممارسة جهود لا مثيل لها لعرقلة التحقيق، في اتّهامات له بالضغط على أوكرانيا لتشويه سمعة جو بايدن، المرشح الديمقراطي الأوفر حظا لمواجهته في الاستحقاق الرئاسي المقبل.
وجاء في التقرير أنّ “التحقيق الرامي لعزل الرئيس خلُص إلى أنّ ترامب التمس شخصيا ومن خلال عناصر من داخل الحكومة الأميركية أو من خارجها تدخّل حكومة أجنبية هي أوكرانيا لتعزيز فرص فوزه بولاية رئاسية ثانية” العام المقبل.
وتابع التقرير أن “الرئيس وضع مصلحته الشخصية فوق المصالح القومية للولايات المتحدة، وسعى إلى تقويض صدقية الانتخابات الرئاسية الأميركية، وعرّض الأمن القومي الأميركي للخطر”.
والتقرير الذي ستستند إليه اللجنة القضائية في مجلس النواب لإعداد قرار اتهامي رسمي أو إطلاق إجراءات العزل في الأسابيع المقبلة يُحدّد مخالفتين أساسيتين ارتكبهما ترامب.
فهو يتّهم بادئ الأمر الرئيس الأميركي بأنه اشترط لتقديم مساعدة عسكرية إلى أوكرانيا وعقد لقاء ثنائي مع رئيسها فولوديمير زيلنسكي، أن تفتح كييف تحقيقات ذات دوافع سياسية بحق أشخاص بينهم جو بايدن، نائب الرئيس الأميركي السابق، والمرشّح للانتخابات الرئاسية المقبلة.
كما يتّهم ترامب بأنه سعى إلى عرقلة التحقيق في الكونغرس برفضه تزويد المحققين وثائق ومنع شهود من المثول وتهديد بعض من مثلوا.
وخلص التقرير إلى أن “الأدلة على سوء سلوك الرئيس هائلة، وكذلك الأدلة على عرقلته عمل الكونغرس”.
وجاء في التقرير أن “ما من رئيس آخر بلغ هذه الدرجة من ازدراء الدستور وصلاحيات الكونغرس في ممارسة الرقابة”.
وممّا ورد في التقرير “قد يَعتبر الرئيس ترامب وكبار مسؤولي إدارته أن لا مشكلة في استغلال سلطات منصب الرئيس للضغط على دولة أجنبية من أجل مساعدته في حملته الانتخابية”.
وتابع “لكن الآباء المؤسسين وصفوا علاجا للرئيس الذي يضع مصالحه الشخصية فوق مصالح البلاد، ألا وهو العزل”.
“لعبة سياسية”
ومن لندن حيث يشارك في قمة لحلف شمال الأطلسي، كرّر ترامب اتّهامه للديمقراطيين بأنهم يلعبون لعبة سياسية.
وقال إن “العزل خدعة. تبيّن أنه خدعة تُستخدم لتحقيق مكاسب سياسية بحتة”.
وقالت المتحدثة باسم البيت الابيض ستيفاني غريشام إنه “في ختام عملية صورية متحيّزة، لم يقدّم رئيس اللجنة آدم شيف والديمقراطيون أي دليل على ارتكاب الرئيس ترامب أي مخالفة”.
وشبّهت التقرير بـ”هلوسات مدون رخيص يحاول إثبات أمر ما من دون إبراز أي دليل”.
وقال رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب آدم شيف الذي تولّى التحقيق إن مطالب البيت الأبيض جعلت أوكرانيا تحت التهديد المستمر للمتمردين المدعومين من روسيا، وفي وضعية ضعيفة جدا، فيما كان ترامب يطلب دعم حملته الانتخابية للعام 2020.
وقال شيف إن “هذا التقرير يسرد خطّة رئيس الولايات المتحدة لإكراه حليف هو أوكرانيا التي تخوض حربا مع خصم هو روسيا، على القيام بأعمال الرئيس القذرة”.
وقال شيف إنه في موازاة عقد اللجنة القضائية جلساتها، يُمكن للجنته أن تُواصل تحقيقاتها في جوانب أخرى من القضية ولا سيما التحقيق لمعرفة ما إذا كان ترامب قد مارس ضغوطا على أوكرانيا لفتح تحقيقات في عهد رئيسها السابق بترو بوروشنكو، أو لكشف أي تورّط لاعضاء في الكونغرس في هذه القضية.
لكن شيف شدد على ضرورة الإسراع في العمل، متّهما ترامب بأنه طلب دعما انتخابيا أيضا من روسيا والصين.
وقال “أعتقد أن هناك خطرا كبيرا يحدق بالبلاد إذا ما انتظرنا الحصول على كل الوقائع، فيما بتنا نعرف ما يكفي عن سوء سلوك الرئيس لإصدار حكم مسؤول”.
وإذا صادق مجلس النواب، كما هو متوقّع، على إطلاق إجراءات العزل، سيحال الملف إلى مجلس الشيوخ ذي الغالبية الجمهورية لإطلاق محاكمة في كانون الثاني/يناير.
لكن الديمقراطيّين يصرّون على إجراء تصويت على إطلاق إجراءات العزل قبل عطلة الميلاد التي تبدأ في 25 كانون الأول/ديسمبر.