انتشر على مواقع التواصل مقطع مصوّر تداوله الآلاف، يدّعي ناشروه أن الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله يعترف فيه بعلاقة صداقة مع إسرائيل، لكنّ هذا الادعاء كاذب والمقطع مركّب.
كلام غير منطقي
يظهر في حشد كبير متجمع في قاعة ترتفع فيها أعلام حزب الله وصور لمؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران آية الله روح الله الخميني وعدد من قادة الحزب الراحلين، ويُسمع نصر الله يقول خاطباً في الحضور “في العام 1982 كنا أصدقاء لإسرائيل، إلى العام 1985 و1990 إلى العام 2000 إلى العام 2005 وإلى اليوم، لا نخفي هذه الصداقة ولا نخجل بها بل نؤمن بها وندعو كلّ اللبنانيين إلى تعزيزها وإلى توثيقها وهذا مصلحة للبنان أولاً .. نحن على رأس السطح أصدقاء للصهاينة وحلفاء إسرائيليين”.
ويضيف نصرالله، بحسب التسجيل المسموع في الفيديو، “أمر العمليات (نتلقاه) من سوريا من أجل تحرير لبنان، من إيران من أجل تحرير لبنان”.
تبيّن لفريق تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس أن المقطع نشر لأول مرّة في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2017 على يوتيوب بعنوان “حسن نصرالله يعترف بالصداقة والتحالف مع إسرائيل”.
ومع أنه من غير المنطقي أن يصدر عن الأمين العام لحزب الله كلام مماثل، إلا أن ذلك لم يحل دون مشاهدة الفيديو عشرات آلاف المرات ومشاركته على فيسبوك وتويتر وتطبيق واتساب.
“أصدقاء سوريا”
أرشد البحث عن بعض الكلمات الواردة في الخطاب مثل “نحن على رأس السطح حلفاء” و”لا نحفي هذه الصداقة ولا نخجل بها”، إلى نصّ الخطاب الأصلي منشوراً على موقع التابع لحزب الله.
وبحسب المنشور على الموقع، ألقى نصر الله الخطاب في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2005.
وأمكن العثور على نص الخطاب على موقع الإخباري التابع لحزب الله، ويظهر فيه نصرالله وهو يلقي كلمته، لكنه لا يأتي فيها على ذكر أي علاقة مع إسرائيل كما في المقطع المضلّل، بل يتحدث عن العلاقة مع سوريا.
ويقول “نحن كنّا أصدقاء سوريا وما زلنا، نعتزّ بهذه الصداقة، منذ العام 1982 كنا أصدقاء سوريا وإلى اليوم، لا نخفي هذه الصداقة ولم نخجل بها، بل نؤمن بها وندعو كلّ اللبنانيين إلى توثيقها وتعزيزها وهذا مصلحة للبنان أولاً”.
ويضيف “نحن على رأس السطح أصدقاء وحلفاء طهران كما أصدقاء وحلفاء سوريا منذ العام 1982 إلى العام 1985 إلى العام 1990 إلى العام 2000 إلى العام 2005”.
وإيران هي الداعم الأساسي لحزب الله، وهو حليف لسوريا.
إبدال كلام نصر الله
وجاء كلام الأمين العام لحزب الله في سياق توتّر سياسي عاشه لبنان إثر اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري في شباط/فبراير 2005. ووجهت حينها أحزاب وشخصيات سياسية أصابع الاتهام إلى النظام السوري في عملية الاغتيال. وتلى ذلك خروج القوات السورية من لبنان في نيسان/أبريل بعد ثلاثين عاماً من الهيمنة العسكرية والسياسية، على وقع تظاهرات شعبية كبيرة وضغوط دولية كثيفة.
وعاش لبنان انقساما سياسيا بين قوى الثامن من آذار/مارس الموالية للنظام السوري وأبرز أركانها حزب الله، وقوى الرابع عشر من آذار/مارس المعارضة له وأبرز أركانها تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري.
لكن معدّي المقطع المركّب أبدلوا كلمة “سوريا” في الخطاب بكلمة “إسرائيل” وأبدلوا صورة نصرالله حين تسمع هذه الكلمة بمشاهد من الحضور لتفادي ظهور وجهه في هذه اللحظة وانكشاف تركيب الفيديو.
ويردّ نصرالله في الخطاب على اتهامات خصومه بأنه يتلقى تعليماته من دمشق وطهران، فيقول “أمر العمليات لا من دمشق ولا من طهران، بل من بيروت ومن كلّ بيت لبنانيّ حرّ”، مؤكدا أن العلاقة مع سوريا وإيران هي “من أجل تحرير لبنان”.
لكن معدّي المقطع المركّب أبدلوا الكلمات فيه بحيث بدا وكأن نصرالله يقول “أمر العمليات (نتلقاه) من سوريا من أجل تحرير لبنان، من إيران من أجل تحرير لبنان”.