مرايا – قتل 19 جنديا سوريا الأحد، في قصف لطائرات مسيرة تركية في محافظة إدلب في شمال غرب البلاد، حيث أعلنت أنقرة هجوما ضد قوات الجيش السوري، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس أن “الجنود قتلوا عصرا في قصف طال رتلا عسكريا في منطقة جبل الزاوية ومعسكرا قرب مدينة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي”.
تركيا، أكدت الأحد، بدء عملية عسكرية واسعة ضد الجيش السوري، الذي أفاد أن أنقرة اسقطت له طائرتين حربيتين، توازياً مع مواصلتها الضغط على أوروبا من خلال سماحها لآلاف المهاجرين بالتوجه إلى الحدود مع اليونان.
وبعد أسابيع من التوتر في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا، أعلنت أنقرة أنّها تقود عملية “درع الربيع” ضد حكومة دمشق، التي تعرضت قواته لخسائر كبيرة جراء الضربات التركية في الأيام الأخيرة.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري الاحد، أنه “في تمام الساعة 13:25 من هذا اليوم وبينما كانت طائرتان سوريتان تنفذان مهمة ضد التنظيمات الإرهابية المسلحة في منطقة إدلب، قام الطيران الحربي التركي باعتراض الطائرتين وإسقاطهما فوق الأراضي السورية”.
وأكد المصدر أن الطيارين قفزوا بالمظلات “بسلام”.
وأعلنت وزارة الدفاع التركية من جهتها إن “طائرتي سوخوي- 24 كانتا تستهدفان طائراتنا جرى إسقاطهما”، مشيرة أيضاً إلى “تدمير سلاح مضاد للطيران أسقط إحدى طائراتنا المسيرة، فضلاً عن منظومتي مضادات طائرات”.
وفي وقت سابق صباح الأحد، أعلن مصدر عسكري سوري “إغلاق المجال الجوي لرحلات الطائرات ولأي طائرات مسيرة فوق المنطقة الشمالية الغربية من سورية، وبخاصة فوق محافظة إدلب”.
وأعلنت وكالة “سانا” مساء أن الجيش السوري أسقط الأحد “ثلاث طائرات مسيرة تابعة للنظام التركي”، بعدما كانت أفادت صباحاً عن إسقاط أول طائرة، الأمر الذي أكده المرصد السوري ووزارة الدفاع التركية.
ويأتي إعلان الجيش السوري إغلاق مجاله الجوي غداة مقتل 26 عنصراً من جنوده جراء استهداف طائرات مسيرة تركية مواقع عسكرية عدة في ريفي إدلب وحلب، وفق ما أفاد المرصد السوري.
وبينما يتدهور الوضع في سوريا، أعلن وزير الدفاع التركي خلوصي اكار أنّ أنقرة لا تريد مواجهة روسيا، الحليف القوي للجيش السوري.
وقال إنّ هدف الهجوم التركي “وضع حد لمجازر الجيش السوري ومنع موجة هجرة”.
وكثّفت تركيا منذ السبت استهدافها مواقع تابعة للجيش السوري عبر غارات تشنها طائرات مسيّرة، ولكنها المرة الأولى التي تعلن فيها رسمياً أنّ تحركاتها تندرج في خانة عملية شاملة.
– خسارة فادحة –
وبدأت العملية التركية عقب مقتل 33 جندياً تركيا في غارات جوية نسبت إلى الجيش السوري، في أشد خسارة تتعرض لها أنقرة منذ دخولها العسكري المباشر إلى الميدان السوري في 2016.
وقتل نحو 90 جنديا سورياً ومقاتلون يتبعون جماعات موالية لدمشق في ضربات شنتها أنقرة يومي الجمعة والسبت، بحسب المرصد السوري.
وتشن قوات الجيش السوري بدعم روسي منذ كانون الأول/ديسمبر هجوماً واسعاً ضد مناطق تسيطر عليها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) وفصائل معارضة أخرى وتنتشر فيها قوات تركية في محافظة إدلب وجوارها.
إلا أنّ هذا الهجوم أدى إلى حدوث توتر بين أنقرة وموسكو. فرغم أنّ تركيا تدعم بعض الجماعات المعارضة في مقابل دعم روسيا لدمشق، فإنّ الدولتين عززتا تعاونهما في الملف السوري على مدار الأعوام الماضية.
والسبت، دعا الرئيس التركي نظيره الروسي فلاديمير بوتين إلى “الابتعاد من طريق” تركيا في سوريا، وتوعد الجيش بـ “دفع ثمن” هجماته.
وأعرب المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الأحد عن “الأمل” في عقد لقاء بين بوتين واردوغان الخميس أو الجمعة.
وقال “سيكون بلا شك لقاء صعبا، ولكن الرئيسين يؤكدان رغبتهما في حل الوضع في إدلب (…) وهذا مهم”.
وفي ضوء التوتر، أوقفت السلطات التركية لفترة وجيزة رئيس تحرير النسخة التركية لموقع سبوتنيك الروسي الحكومي، بالإضافة إلى ثلاثة متعاونين آخرين.
– تدفق المهاجرين –
ويثير التصعيد في إدلب مخاوف المجتمع الدولي، في وقت تعاني هذه المحافظة من وضع إنساني كارثي.
فمنذ بدء هجوم الجيش السوري في كانون الأول/ديسمبر، نزح ما يقرب إلى مليون شخص ضمن موجة غير مسبوقة خلال مدة زمنية قصيرة، وذلك منذ بدء النزاع السوري عام 2011 والذي اسفر عن مقتل نحو 380 ألف شخص.
وتخشى تركيا التي تستضيف نحو 3,6 ملايين سوري على أراضيها، من حدوث موجة هجرة جديدة.
وكان الرئيس التركي أعلن السبت أنّ بلاده فتحت حدودها مع أوروبا للسماح للمهاجرين الموجودين على أراضيها بالعبور، مؤكدا في الوقت نفسه أنّ أنقرة ستكون عاجزة عن فعل أي شيء إزاء موجة هجرة جديدة تأتي من شمال غرب سوريا.
وتوجّه بعد هذا الإعلان آلاف الأشخاص باتجاه الحدود مع اليونان التي كانت مثّلت إبان أزمة الهجرة الشديدة التي هزّت أوروبا في 2015 باب عبور رئيسيا نحو القارة.
والأحد، واصل عدة آلاف التدفق إلى معبر بازاكوله الحدودي (كاستانييس من الجهة اليونانية). كما وصلت عدة قوارب مطاط إلى جزيرتي ليسبوس وساموس في بحر ايجه.
وكانت الأمم المتحدة أحصت مساء السبت ما لا يقل عن 13 ألف مهاجر عند الحدود بين اليونان وتركيا.
وإزاء هذه التطورات، أعلنت الوكالة الأوروبية لمراقبة وحماية الحدود الخارجية “فرونتكس” الأحد رفع مستوى التأهب إلى “الأقصى”، فيما دعا الاتحاد الأوروبي إلى عقد اجتماع طارىء لوزراء الخارجية.