مرايا – اعتبرت صحيفة “هآرتس” الاسرائيلية في افتتاحيتها اليوم الثلاثاء، أنّه ليس فقط معسكر الوسط – يسار خسر في انتخابات الكنسيت، بل إنّ “فوز المتهم نتنياهو هو هزيمة لسلطة القانون ولكل مواطن إسرائيلي يريد أن يعيش في دولة قانون ديمقراطية”.
نتائج العينات الثلاث التي صدرت أمس الإثنين تفيد بانتصارٍ ساحق لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو – وهزيمة كاوية لأزرق أبيض برئاسة رئيس الأركان الأسبق بني غانتس، ولكل معسكر الوسط – يسار.
لكن ليس فقط معسكر الوسط – يسار خسر أمس. فوز المتهم نتنياهو هو هزيمة لسلطة القانون ولكل مواطن إسرائيلي يريد أن يعيش في دولة قانون ديمقراطية. إنّه يوم أسود لكل من سعى ليضع خلفه كابوس سنوات حكم نتنياهو، التي تميّزت بالتحريض والشرذمة والعنصرية.
لكن بخلاف الجولات الانتخابية السابقة، انتخابات الكنيست أمس – للمرة الثالثة خلال عام – نتنياهو نافس فيها فيما هو متهم برشوة وغش وخيانة الأمانة في ملفات 1000 و2000 و4000. ما يعني أن ملايين الإسرائيليين صوّتوا لصالح متّهم بجنايات. لذلك يجب النظر إلى انتخابات أمس على انها تصويت عدم ثقة بسلطة القضاء، بالشرطة، بالنيابة العامة، وبالمستشار القضائي للحكومة.
إنّه وضع غير مسبوق. المحكمة المركزية في القدس قررت بدء محاكمة نتنياهو في السابع عشر من الشهر الجاري، أي بعد أسبوعين. بعد أن سحب طلب الحصانة من الكنيست، نتنياهو لا يستطيع تقديمه مرة أخرى. التجربة تفيد أنّ المَهمة الأولى التي سيسعى إليها هي كبح الإجراءات القضائية في قضاياه.
شركاء نتنياهو الطبيعيين، أحزاب اليمين والمتدينين، المعنيون بتغيير ميزان القوى بين السلطات الثلاث، لجم المحكمة العليا وإلغاء استقلاليتها واستقلالية المستشار القضائي للحكومة، لن يوقفوه. بالعكس، من شبه الأكيد انهم سيتعاونون مع كل مناورة قضائية – سياسية يطلبها منهم نتنياهو، بما في ذلك تشريع بند التغلب على المحكمة العليا، بما يمنع عنها إمكانية إلغاء قوانين غير دستورية. هذا يعني أن دولة إسرائيل تسير نحو جرفٍ منحدرٍ جداً.
إنّه مشروع يخرج عن إطار الدفاع عن رئيس حكومة متّهم بجنايات. اليمين في “إسرائيل” مهتم بما أسماه أمس رئيس حزب “يميناً”، نفتالي بينيت، “حكومة سيادة”. حكومة ستضم أراضٍ رغم القانون الدولي، وتسلب أراضٍ فلسطينية، وتؤسس نظام ابرتهايد (فصل عنصري) بكل معنى الكلمة. لهذا السبب لا يجوز اعتبار تضافر الظروف مسألة صدفة – من أجل إخراج سياسة فاسدة إلى حيز التنفيذ، مطلوب رئيس حكومة فاسد.
الآن ستُوجّه غالبية جهود نتنياهو إلى إيجاد “فارّين” من المعسكر المضاد، كي ينتقلوا إلى معسكره وبذلك يمكّنوه من تأليف حكومة. نأمل ألا يغترّ أحدهم بفعل هذا، وإلا فإن “إسرائيل” ستتجرد عملياً من كل قيمها.
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الميادين وإنما تعبّر عن رأي الصحيفة حصراً