مرايا – في أول أسبوع له في رئاسة الولايات المتحدة، أصدر جو بايدن سلسلة من الأوامر التنفيذية للوفاء بعدد من وعوده الانتخابية، مما يبرز مدى سهولة التراجع عن بعض السياسات التي انتهجها سلفه دونالد ترامب.

وأصدر بايدن حتى صباح الأربعاء حوالي 40 أمرا تنفيذيا، نصفها تقريبا يلغي أوامر كان قد أصدرها ترامب. وبجرة قلم واحدة، عادت الولايات المتحدة لاتفاقية باريس للمناخ وبجرة قلم أخرى أوقف بايدن التمويل لبناء جدار حدودي مع المكسيك.

 

كما وقع بايدن في وقت لاحق أوامر تلغي رخصا للنفط والغاز على أراض اتحادية وتجعل من مكافحة تغير المناخ أولوية من أولويات الأمن القومي.

 

وكان ترامب قد اعتبر أن مشروع قانون الإصلاح الضريبي الذي أقره الكونغرس في 2017 وتعيينه لثلاثة من قضاة المحكمة العليا من بين إنجازاته الباقية.

 

أما العديد من إجراءاته الأخرى فقد طبقها عبر أوامر تنفيذية مما جعلها عرضة لإلغاء سريع وسهل.

 

وكان بعضها قد صدر بدوره ليلغي إجراءات اتخذها سلفه باراك أوباما.

 

وقال جوليان زيليزر المؤرخ الرئاسي بجامعة برنستون إن بايدن “يراجع الكثير من أجندة ترامب ويفككها لأنها (الأجندة) وضعت بتلك الطريقة (إلغاء قرارات سابقة)… لذا فإنها طريقة مرحلية للغاية في الحكم”.

 

لجأ رؤساء أميركيون منذ جورج واشنطن للأوامر التنفيذية لتغيير السياسات من كبيرها لصغيرها.

 

واعتمدت الإدارات الأميركية التي تولت السلطة في الآونة الأخيرة عليها بشدة من أجل تنفيذ تغييرات جذرية ومثيرة للجدل أيضا والتي لاقت معارضة شديدة من الحزبين في الكونغرس.

 

ومن المؤكد أن تثير الأوامر التنفيذية لبايدن معارك قضائية جديدة أو تعيد إشعال معارك قائمة وذلك مثلما فعلت إجراءات ترامب تماما.

 

وفي غياب التشريع من الكونغرس الذي يحول السياسات لقوانين، قد يكون للمحكمة العليا ذات الميول المحافظة القول الفصل.

 

لكن تلك الطريقة المرحلية المؤقتة في الحكم تعقد من عملية التخطيط طويل الأمد لمعالجة قضايا مثل التغير المناخي، كما تزعج الشركات الأميركية.

 

ويقول ديريك مورجان وهو نائب أول للرئيس للشؤون الاتحادية والتنظيمية في اتحاد منتجي الوقود والبتروكيماويات الأميركي “يقيس قطاعنا الالتزام بالسنوات، ويضخ استثمارات ضخمة للغاية تستغل على مدى الكثير من العقود، ولذلك فإن أي نهج متقطع لا يخدم ذلك”.

 

ويناشد هذا الاتحاد، وهو الأكبر في قطاع التكرير في البلاد، وكذلك غرفة التجارة التي تعد أكبر جماعات الضغط في مجال الأعمال وأكثرها تأثيرا، الكونغرس على سن قوانين بدلا من تقلب السياسات وفقا للأوامر التنفيذية.

 

انقسام في الكونغرس

 

هناك مؤشرات أولية على أن الجمهوريين من حزب ترامب قد يعرضون عن مشاركة الديمقراطيين من حزب بايدن في تمرير التشريعات في الكونغرس، حيث لا يحظى الحزب الديمقراطي سوى بأغلبية بسيطة في مجلسي النواب والشيوخ.

 

سارعت اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري بقيادة رونا مكدانيل، وهي حليفة لترامب أعيد انتخابها في المنصب هذا الشهر، لانتقاد إلغاء بايدن لأجندة ترامب ووصفتها في بريد إلكتروني يهدف لجمع التمويل بأنها “مراسيم تنفيذية”، دون أن تعترف أن العديد من مواقف ترامب وسياساته نفذت بذات الطريقة.

 

أما فيل شليرو الذي شغل منصب مدير الشؤون التشريعية في عهد الرئيس الديمقراطي الأسبق باراك أوباما فقد قال إن أوباما لم يبدأ في الاعتماد على الأوامر التنفيذية إلا عندما فقد الديمقراطيون السيطرة على مجلس النواب لصالح الجمهوريين وأضاف “خيار الأمر التنفيذي كان الملاذ الأخير”.

 

ولجأ ترامب للأوامر التنفيذية في 2017 فور تسلمه مهام منصب الرئاسة وبدأها بحظر دخول القادمين من بعض الدول ذات الأغلبية المسلمة للولايات المتحدة.

 

وألغى بايدن بدوره هذا القرار بأمر تنفيذي أصدره يوم توليه الرئاسة.

 

لكن جون بوديستا الذي كان كبير الموظفين للرئيس الأسبق بيل كلينتون ومؤسس مركز التقدم الأميركي يقول إن الأوامر التنفيذية ليست كلها قصيرة الأمد.

 

وقال “إذا كنت تفعل أمورا يدعمها الناس فسوف تكون راسخة وباقية” مشيرا إلى أمرين متعلقين بالبيئة أصدرهما كلينتون بشأن الأراضي العامة ولا يزالان ساريان.

 

وأشار بوديستا إلى أن الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت استخدم السلطات التنفيذية لتحويل جراند كانيون لمتنزه وطني وقال “لا أظن أن تيدي‭ ‬(تيودور) ندم على ذلك”.

 

بايدن يبدأ ولايته بمستوى تأييد شعبي لم يبلغه ترامب طوال عهده

 

أظهر استطلاع للرأي نشرت نتائجه الأربعاء، أنّ مستوى شعبية الرئيس الأميركي جو بايدن في الأيام الأولى من ولايته لم يبلغه سلفه دونالد ترامب يوماً طوال السنوات الأربع التي قضاها في البيت الأبيض.

 

ووفقاً للاستطلاع الذي أجرته جامعة “مونماوث” بين 21 و24 كانون الثاني/يناير على عيّنة تمثيلية من 804 أشخاص، فقد أبدى 54% من الأميركيين رضاهم عن أداء رئيسهم الجديد، مقارنة بـ30% قالوا إنّهم غير راضين و16% امتنعوا عن الإدلاء برأيهم، في نسبة تأييد “أكبر مما حصل عليه دونالد ترامب يوماً طوال فترة ولايته”.

 

وكان استطلاع للرأي أجراه معهد غالوب مطلع كانون الثاني/يناير الجاري أظهر أنّ شعبية الرئيس الجمهوري هبطت في الأيام الأخيرة لولايته إلى 34%، في مستوى تاريخي غير مسبوق، بعد أن كانت هذه الشعبية في مستهلّ ولايته 45% ثم بلغت ذروتها في مطلع 2020 بوصولها إلى 49%.

 

وأظهر استطلاعان للرأي آخران أنّ بايدن يتمتّع بمستوى شعبية أكبر في الأيام الأولى من ولايته، إذ حصل الرئيس الديموقراطي على نسبة تأييد بلغت 56% في استطلاع أجراه مركز مورنينغ كونسالت، وعلى نسبة تأييد بلغت 63% في استطلاع آخر أجراه هيل-هاريس إكس.

 

وعلى غرار استطلاعات للرأي أخرى، لفتت الدراسة التي أجرتها جامعة مونماوث إلى أنّ مؤيّدي الرئيس ومعارضيه منقسمون بشدّة على أساس انتماءاتهم السياسية.

 

ووفقاً لاستطلاع الجامعة فإنّ بايدن يتمتّع بنسبة تأييد بلغت 90% في صفوف الديموقراطيين مقارنة بـ15% فقط في صفوف الجمهوريين و47% لدى المستقلّين.

 

وأوضح باتريك موراي، مدير معهد استطلاعات الرأي في الجامعة، أنّه “بشكل عام، يبدو أنّ مقدار الرضا على بايدن أكبر مما كان على ترامب، لكنّ هذا التوزيع يتبع الخطوط الحزبية، ذلك أنّ عدد الأشخاص الذين يعرّفون عن أنفسهم على أنّهم ديموقراطيين هو حالياً أكبر من أولئك الذين يقدّمون أنفسهم جمهوريين”.

 

وبحسب موقع “فايف ثرتي إيت.كوم” فإنّ ترامب هو الرئيس الوحيد الذي لم يقضِ “شهر عسل” مع الأميركيين في بداية ولايته، إذ بلغ مستوى شعبيته في الأشهر الستة الأولى من ولايته 41.4% فقط مقابل 60% لباراك أوباما و53.9% لجورج بوش الابن.