يستعد العاملون في القطاع السياحي بالمغرب لاستقبال السياح الصهاينة، من خلال وضع خطط تناسب احتياجات رواد هذه السوق الجديدة، بعد قرار استئناف العلاقات بين البلدين في ديسمبر الماضي والاتفاق على إعادة تسيير الرحلات الجوية المباشرة.

ويتوقع مراقبون أن تستقبل المملكة مئات الآلاف من السياح الصهاينة سنويا، من الراغبين في استكشاف التنوع الحضاري والمؤهلات السياحية التي يزخر بها المغرب.

واستجابة لاحتياجات السوق الصهيونية وسعيا وراء توفير أفضل الظروف لاستقبال سياح هذا البلد، ينكب العاملون بالمجال السياحي في المغرب على إعداد وتدريب مرشدين سياحيين يتحدثون العبرية، وأكثر إلماما بالثقافة اليهودية وتاريخ اليهود في المغرب.

وكانت شركة الطيران الصهيونية “يسرائير” قد أعلنت عزمها إطلاق أول خط مباشر بين تل أبيب ومراكش، بداية من 19 يوليو المقبل، بمعدل 5 رحلات في الأسبوع.

وقد أبدى العديد من المغاربة اليهود المقيمين في الكيان، الذين يقدر عددهم بأكثر من 800 ألف شخص، رغبتهم في قضاء عطلهم السنوية في المغرب، مباشرة بعد الإعلان عن خبر إطلاق الخط الجوي المباشر بين المغرب والكيان  ، دون الحاجة للمرور عبر المطارات الأوروبية.

وتوقعت وزيرة السياحة المغربية نادية فتاح العلوي، أن يستقطب المغرب نحو 200 ألف سائح صهيوني سنويا، مقابل 50 ألف زائر كانت تسجل في السنوات السابقة.

تمهيد الطريق

وتماشيا مع مخطط استقطاب السياح القادمين من الكيان، ومن أجل توفير أفضل الظروف لاستقبال الزبائن الجدد، زار وفد من جمعية الصداقة الصهيونية المغربية منطقة الحوز ضواحي مدينة مراكش، ودرس مع ممثلي المجلس الإقليمي للسياحية سبل تحقيق الإقلاع السياحي بالإقليم.

ويقول الرئيس المؤسس لجمعية الصداقة المغربية الصهيونية سيمون سكيرا، إن “هذا اللقاء يأتي من أجل تمهيد الطريق لاستقطاب السياح اليهود، والتباحث حول سبل توفير المتطلبات التي يحتاجونها أثناء مقامهم في منطقة الحوز”.

ويعتبر سكيرا في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن من بين أهم متطلبات السائح الصهيوني توفير نظام غذائي ينسجم مع طقوسه وأذواقه الخاصة، وإعداد مرشدين سياحيين قادرين على التواصل بالعبرية، إضافة إلى توضيح عملية الحصول على تأشيرة الدخول إلى المملكة.

ويشدد المتحدث على ضرورة إسناد مهمة إعداد المرشدين السياحيين وتلقينهم اللغة العبرية والتعريف بالثقافة اليهودية والتراث اليهودي المغربي، إلى مؤسسات متخصصة قادرة على مواكبة جهود مختلف المتدخلين بهدف استقطاب مئات الآلاف من السياح الصهاينة سنويا.

السياحة الدينية

ويتوقع أن يتضاعف حجم اليهود القادمين إلى المغرب من الكيان، بهدف إحياء مناسبات دينية أو قصد زيارة الأضرحة والمزارات الموزعة على مختلف مناطق ومدن المملكة.

ويعتبر موسم “هيلولة” من أكثر المواسم الدينية جذبا للمغاربة اليهود سواء من الكيان أو من مختلف الدول الأوروبية، حيث تشكل هذه المناسبة فرصة من أجل زيارة مسقط الرأس وصلة الرحم مع اليهود الذين فضلوا الاستقرار في المغرب، وفرصة أيضا لاستحضار قيم التسامح والتعايش وإحياء الذاكرة المشتركة للمغاربة.

يشدد سكيرا على ضرورة تنويع العرض السياحي من أجل استقطاب اليهود، وعدم الاقتصار على السياحة الدينية فقط، مؤكدا على أهمية استقطاب الجيل الثالث من المغاربة اليهود في الكيان.

ويلفت إلى أهمية وضع خطة تسويقية لجدب أبناء المغاربة اليهود في الكيان المتعطشين لاكتشاف أرض أجدادهم، والراغبين في زيارة مختلف مدن المغرب واكتشاف مناطقه البعيدة، مشيرا في هذا الإطار لمنطقة الحوز التي تتميز بمناظرها الطبيعية الفريدة ونزخر بالعديد من المناطق السياحية من قبيل جبل توبقال وأوريكة، والعديد من المزارات اليهودية.

التنشيط السياحي

ويتوقع مراقبون أن يسهم توافد سياح الدولة العبرية في إنعاش السياحة في عدد من المدن المغربية، على رأسها الصويرة ومراكش وأكادير والدار البيضاء، بعد الخسائر غير المسبوقة التي تكبدها القطاع السياحي في المملكة نتيجة إغلاق الحدود وتقييد حركة التنقل لمنع انتشار فيروس كورونا في البلاد.

ويشير الخبير في القطاع السياحي الزوبير بوحوت، إلى أن “النشطاء المدنين من اليهود المغاربة يصبون اهتمامهم بشكل كبير على المناطق القروية في المغرب، التي تمثل في غالب الأحيان مسقط رأس أبائهم وأجدادهم، بغية المساهمة في في تحريك عجلة الاقتصاد بها، حيث يعمل عدد كبير من سكانها في السياحة”.

ويعتبر بوحوت، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “الروابط التاريخية والعلاقات المتينة التي تجمع اليهود من أصل مغربي في الكيان مع المملكة إضافة إلى إطلاق الخط الجوي المباشر بين البلدين، عوامل من بين أخرى تجعل من المغرب أكثر بلدان شمال إفريقيا جذبا، سواء للجالية المغربية اليهودية أو للسياح الصهاينة”.

ويعتقد الخبير في القطاع السياحي أن اليهود المغاربة القادمين من الكيان “من شأنهم أن يلعبوا دورا محوريا في التعريف بالمؤهلات السياحية للمملكة بين باقي اليهود المنحدرين من بلدان أخرى داخل الكيان، مما سيساهم في جذب المزيد من السياح وتنشيط القطاع السياحي في البلاد”.

ودعا بوحوت إلى ضرورة العمل على وضع خطة تسويقية رقمية للترويج لوجهة المغرب السياحية تستهدف السوق الصهيوني عبر وسائط التواصل الاجتماعي، وتعزيز الحضور المغربي في المعارض السياحية المقامة في الكيان، وربط جسور التواصل مع وكالات سفر وشخصيات مؤثرة داخل المجتمع الصهيوني.