حذّرت الحكومة الفرنسية الأحد، من أنّ انقطاع إمدادات الغاز الروسي بالكامل عن البلاد هو “الاحتمال الأكثر ترجيحاً”، داعية إلى الاستعداد منذ الآن، خلال الصيف، لتداعيات سيناريو كهذا.

وقال وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير خلال مؤتمر اقتصادي في إيكس آن بروفانس (جنوب) “دعونا نستعدّ للقطع الكلّي للغاز الروسي، إنّه الآن الخيار الأكثر ترجيحاً. هذا الأمر يستدعي منّا الإسراع في تحقيق استقلاليتنا في مجال الطاقة”.

ودعا المسؤول الثاني في الحكومة الفرنسية إلى اغتنام فصل الصيف من أجل “تحضير أنفسنا للمعركة” التي ستواجهها البلاد في فصل الشتاء حين تزداد الحاجة بشدّة للغاز لأغراض التدفئة خصوصاً.

وكانت رئيسة الوزراء إليزابيث بورن قالت للصحافيين السبت، إنّه في ما يتعلّق بالإمدادات، “من المحتمل أن نشهد توتّرات بشأن الغاز خلال الشتاء المقبل”.

ملء منشآت التخزين

وأضافت أنّه تحسّباً لحصول نقص في الإمدادات فقد طلبت الحكومة أن تُملأ بحلول بداية فصل الخريف منشآت تخزين الغاز الوطنية بنسبة “تناهز 100%” من سعتها.

وأوضحت رئيسة الوزراء أنّه “في ما يتعلّق بالكهرباء، فبحسب توقّعات شركة كهرباء فرنسا، من المفترض أن يزداد إنتاجنا مع إعادة تشغيل المفاعلات الـ12 (من أصل 56) المتوقّفة عن العمل حالياً”.

وطمأنت بورن إلى أنّه في حال عانت البلاد عجزا في تأمين كامل احتياجاتها من الطاقة الكهربائية في فصل الشتاء، فإنّ الحكومة تحضّر لسلسة إجراءات تهدف إلى إيلاء الأولوية في الحصول على التيّار الكهربائي للأسر وبعض الصناعات.

وقالت إنّ التقنين الكهربائي إن حصل فهو “حتماً لن يشمل الأسر (…) ولا المصانع أو وسائل النقل العام”.

وفي معرض تأكيده لما قالته رئيسة الحكومة، قال وزير الاقتصاد الأحد إنّه “يتعيّن علينا الآن الاستعداد لمعركة التنظيم والتقنين والتقشّف وخفض الاستهلاك … الآن هو وقت اتّخاذ القرارات”.

وفي فرنسا، ثاني أكبر بلد في العالم من حيث القدرة على إنتاج الكهرباء من المفاعلات النووية، يمثّل الغاز 20% تقريباً من مصادر إنتاج الطاقة على أنواعها.

وفي 2020 أنتجت فرنسا أقلّ من 7% من حاجاتها الكهربائية باستخدام الغاز، بحسب البيانات الحكومية.

وقبل الهجوم الروسي لأوكرانيا في شباط/فبراير، كانت فرنسا تستورد من روسيا 17% من احتياجاتها من الغاز.

تقاسم الأعباء

ولفت لومير إلى أنّ الحكومة قد تطلب من بعض المصانع “خفض مستوى استهلاكها من الطاقة، وصولاً حتّى إلى وقف استهلاكها بالكامل خلال فترة معيّنة”، لكنّ “هذا الأمر يستحيل تماماً” تطبيقه في مصانع أخرى لحاجة البلاد إلى الحفاظ على دوران عجلة الإنتاج الصناعي.

وفرنسا التي تؤكّد أنّ وضعها سيكون “أفضل” من أوضاع جيرانها إذا ما قطعت روسيا إمدادات الغاز بالكامل عن القارّة العجوز، يفترض أن تحصل اعتباراً من العام المقبل على محطة عائمة جديدة للغاز الطبيعي المسال لضمان إمداداتها من هذه المادّة الأساسية.

وشدّد وزير الاقتصاد على أنّه “يتعيّن علينا أن نوزّع الجهد بين الإدارات والأفراد والشركات”.

من ناحية ثانية، أعلن لومير أنّ الحكومة أطلقت ثلاث مجموعات عمل لترشيد استهلاك الطاقة في الإدارات والشركات والمؤسسات المفتوحة أمام الجمهور، مشيراً إلى أنّ الهدف من هذه الخطوة هو وضع خارطة طريق لخفض استهلاك الطاقة بنسبة 10% في غضون عامين مقارنة بحجم الاستهلاك في 2019.

وقال الوزير لشبكة “إل سي إي” التلفزيونية “إنّها مسألة أشهر عدّة، ولكنّ هذا الأمر سيستدعي منّا اتّخاذ عدد معيّن من القرارات في مجال الاستثمار وأن نبرهن قدرة على الإبداع.

فرنسا مبدعة بشكل يفوق الوصف، مبدعة في مجال الطاقة”.

لكنّ خطر حصول نقص في إمدادات الطاقة لا ينحصر بفرنسا، إذ إنّ رئيسة المفوّضية الأوروبية أورسولا فون در لايين دعت الأربعاء دول الاتّحاد الأوروبي الـ27 إلى “الاستعداد لاختلالات جديدة في إمدادات الغاز، وصولاً حتى إلى قطعها بالكامل من جانب روسيا”.

وأبرز الدول الأوروبية المتأهّبة لانقطاع إمدادات الغاز الروسي هي ألمانيا، ولا سيّما أنّ درجة اعتمادها على موسكو في تأمين احتياجاتها من هذا الوقود أعلى بكثير من درجة اعتماد فرنسا على الغاز الروسي.

وفي إطار استعداداته لمواجهة سيناريو انقطاع الغاز الروسي، أقرّ البرلمان الألماني (بوندستاغ) خطة تقنين تشمل على سبيل المثال تحديد درجة التدفئة القصوى المسموح بها في الشتاء بـ20 درجة مئوية ومنع المكاتب الفردية من تسخين المياه.