مرايا –
كابد عمال إنقاذ منهكون لإنقاذ المحاصرين تحت الأنقاض مع تجاوز عدد قتلى الزلزال المدمر في تركيا وسوريا خمسة آلاف وفاة، حتى ظهر الثلاثاء؛ فيما خيم اليأس على المشهد، وأعاق هول الكارثة جهود الإغاثة.
وشهد صحفيون أعمال الإنقاذ تجري في واحدة بين عشرات الأكوام من الركام في مدينة أنطاكية التركية التي تقع قرب الحدود السورية وانهارت فيها مبان من عشرة طوابق.
واقتربت درجات الحرارة من التجمد، وانهمر المطر، ولا توجد كهرباء ولا وقود في المدينة.
وهز الزلزال، الذي بلغت قوته 7.8 درجة، تركيا وسوريا في ساعة مبكرة من صباح الاثنين؛ فأسقط آلاف المباني بما في ذلك العديد من المجمعات السكنية، ودمر مستشفيات وجعل الآلاف بين مشرد ومصاب.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن إجمالي عدد ضحايا الزلزال في بلده بلغ 3549 وفاة، وأكثر من 20 ألف إصابة، فيما أعلن عن حالة طوارئ في البلاد لمدة 3 أشهر في 10 مدن متضررة من الزلزال.
وأضاف 70 دولة عرضت المساعدة في البحث والإنقاذ بعد الزلزال.
وقالت الحكومة السورية وخدمة إنقاذ في شمال غرب البلاد الخاضع لسيطرة المعارضة، إن عدد الضحايا في سوريا التي تعاني ويلات الحرب منذ أكثر من 11 عاما يتجاوز 1500 وفاة.
أعاق طقس الشتاء القارس جهود الإنقاذ طوال الليل. وسُمع صوت امرأة تطلب المساعدة تحت كومة من الأنقاض في إقليم خطاي بجنوب تركيا. وعلى مقربة منها كانت هناك جثة هامدة لطفل.
وفي يأس بكى تحت المطر ساكن قال، إن اسمه دينيز.
وقال “إنهم يصدرون أصواتا لكن لا يأتي أحد”. وأضاف “لقد دُمرنا… يا إلهي … إنهم ينادون. يقولون ’أنقذونا”.
ونامت عائلات في سيارات بالشوارع.
ووقفت آيلا إلى جوار كومة من الأنقاض في مكان مبنى من ثمانية طوابق وقالت، إنها قادت سيارتها من غازي عنتاب إلى خطاي الاثنين بحثا عن أمها. وكان خمسة أو ستة عمال إنقاذ من إدارة الإطفاء في إسطنبول يفتشون في أنقاض من الخرسانة والزجاج.
وقالت “لا يوجد ناجون حتى الآن. اقترب كلب من كلاب الشوارع ونبح عند مكان معين لفترة طويلة. كنت أخشى أن تكون أمي هنا لكنه كان شخصا آخر”.
وتابعت “قمت بتشغيل أنوار السيارة؛ لمساعدة فريق الإنقاذ. انتشلوا جثتين فقط حتى الآن ولا ناجين”.
وفي قهرمان مرعش بشمالي خطاي، تجمعت عائلات حول النيران، والتحفت بالأغطية التماسا للدفء.
قال نيسيت جولر الذي تجمع مع أطفاله الأربعة حول النار “تمكنا بالكاد من الخروج من المنزل… نحن في وضع كارثي. إننا جائعون وعطشى”.
وأعلنت أنقرة حالة الإنذار من المستوى الرابع، وطلبت مساعدات دولية، لكنها لم تعلن حالة الطوارئ التي ستؤدي إلى التعبئة العامة للجيش.
وقال أورهان تتار المسؤول فيإدارة الكوارث والطوارئ التركية (آفاد) إن الزلزال تسبب في تدمير 5775 مبنى وأعقبه 285 تابعا وأصيب 20426 شخصا بسببه.
وذكرت الإدارة أنه جرى إرسال 13740 من عمال البحث والإنقاذ، وأكثر من 41 ألف خيمة، ومئة ألف سرير، و300 ألف غطاء للمنطقة.
– أعنف زلزال –
الزلزال، الذي أعقبته سلسلة من الهزات الارتدادية، هو أعنف زلزال تسجله هيئة المسح الجيولوجي الأميركية على مستوى العالم منذ هزة أرضية في منطقة نائية بجنوب المحيط الأطلسي في آب/أغسطس 2021.
وقال مركز رصد الزلازل الأوروبي المتوسطي إن زلزالا بقوة 5.7 درجة هز شرق تركيا الثلاثاء.
كان زلزال الاثنين هوالأسوأ في تركيا منذ هزة بقوة مماثلة وقعت عام 1999، وأسفرت عن وفاة أكثر من 17 ألف شخص. وأفادت أنباء بإصابة قرابة 16 ألف شخص في زلزال الاثنين.
وأعاقت اتصالات الإنترنت الضعيفة والأضرار التي لحقت بطرق بين بعض من أكثر المدن التركية تضررا جهود تقييم أثر الكارثة والتخطيط للمساعدة.
ووصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الزلزال بأنه كارثة تاريخية وقال، إن السلطات تفعل ما بوسعها. وسيخوض أردوغان انتخابات صعبة في أيار/مايو.
وفي مدينة إسكندرون التركية، تسلق عمال الإنقاذ كومة هائلة من الركام كانت جزءا من وحدة العناية المركزة بمستشفى الإقليم بحثا عن ناجين. وبذل العاملون في مجال الصحة ما بوسعهم لإغاثة موجة المصابين الجديدة.
وقالت امرأة في الثلاثينات تُدعى تولين وهي تمسح دموعها وتردد الأدعية من أمام المستشفى “لدينا مريض نُقل إلى الجراحة لكننا لا نعلم ماذا حدث”.
وفي سوريا أضيفت آثار الزلزال إلى الدمار الذي ألحقته ويلات الحرب المستمرة منذ 11 عاما بالبلاد.
وقال الدفاع المدني السوري، إن عدد القتلى في شمال غرب سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة لا يقل عن 790 شخصا، بينما أصيب 2200، وإن عدد القتلى مرشح للزيادة.
وأضاف أن مئات الأسر محاصرة تحت الأنقاض، وأن الوقت ينفد لإنقاذهم.
وقال رائد الصالح مدير منظمة الخوذ البيضاء السورية “ندعو جميع المنظمات الإنسانية والجهات المانحة الدولية إلى تقديم الدعم المادي لمتابعة الاستجابة لهذه الكارثة”.
وقال مسؤول كبير في الأمم المتحدة في مجال الشؤون الإنسانية في سوريا، إن نقص الوقود والطقس القارس يعرقلان استجابة المنظمة الدولية.
وقال المصطفى بنلمليح منسق الشؤون الإنسانية المقيم التابع للأمم المتحدة لرويترز في مقابلة عبر الفيديو من دمشق، إن البنية التحتية متضررة والطرق التي كانت تُستخدم في الأعمال الإنسانية متضررة لكنهم يبذلون جهدا كبيرا ويبتكرون سبلا لانتشال الناس.
وذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء أن عدد الضحايا في المناطق الخاضعة للحكومة ارتفع إلى 812 وفاة، وأصيب 1449.