قال مفوض وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (أونروا) فيليب لازاريني، الجمعة، حول حركة النزوح في قطاع غزة، إنه “بعد المأساة، يلوح شبح تهجير قسري آخر”.

وقال لازاريني في مقال نشر في صحيفة “الشرق الأوسط” وموقع وكالة أونروا، إن العديد من السياسيين الإسرائيليين لم يخجلوا هذا الأسبوع من الدعوة إلى نكبة أخرى؛ الأمر الذي يمس وتراً حساساً في المنطقة.

وتساءل: ماذا سيكون مستقبل أكثر من مليوني فلسطيني محاصرين ومحتجزين في منطقة صغيرة في جنوب غزة؟، مشيراً إلى أنه “طلب منهم الانتقال إلى الجنوب الغربي إلى المناطق التي قيل لهم فيها، إن الأمم المتحدة ستمنحهم الماء والغذاء. إن هذا لا ينبغي أن يحدث”.

وأشار إلى أن حركة النزوح الفلسطينية في قطاع غزة بالنسبة للعديد من الفلسطينيين والخبراء في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، تذكر بالتهجير لنحو 750 ألف شخص من مدنهم وقراهم في عام 1948 (النكبة).

ودعا لازاريني إلى وقف إطلاق النار الإنساني فورا، وضرورة إنهاء الحصار المفروض على غزة، والسماح للمعونات الإنسانية المستمرة والمجدية بالتدفق إلى قطاع غزة دون قيود، مضيفاً: “على هذه المذبحة أن تتوقف. إنها فرصتنا الأخيرة لإنقاذ ما تبقى من إنسانيتنا”.

وتحدث لازاريني عن “عملية نشطة تجري في بعض الدوائر لتجريد سكان مدنيين بكاملهم من إنسانيتهم، بمن فيهم أطفال غزة، وتصورهم جميعا على أنهم إرهابيون”.

وقال إن الأطفال الذين قتلوا في غزة لم يكونوا “إرهابيين” أو “حيوانات بشرية” أو “أشخاصا يجب محوهم” – في إشارة إلى تصريحات إسرائيلية رسمية – بل مثلهم مثل جميع الأطفال، وكانوا مفعمين بالحياة، كانت لديهم أحلام وتطلعات.

وبعد زيارته إلى قطاع غزة مؤخرا، قال إن لقاءه مع الأطفال والنساء والرجال في ملجأ تديره الوكالة كان أحد أكثر اللقاءات حزنا خلال عمله في المجال الإنساني.

وأضاف أن كل طفل التقى به في غزة الأسبوع الماضي كان يسأله: هل معك ماء أو خبز؟

وقال المفوض: لم أستطع الإجابة على سؤال أساسي جدا من الأطفال الخائفين والجائعين والعطشى: هل كان معي ماء وطعام لأقدمه لهم؟

ورأى لازاريني أن العالم أصبح مظلما جدا بالنسبة لسكان غزة، وبسبب الحصار المستمر، لا يوجد طعام أو ماء أو دواء أو وقود، والأسواق شبه فارغة، والمساعدات الهزيلة التي تصل بالشاحنات عبر رفح تقل كثيرا عما هو مطلوب، والخدمات البلدية تنهار تحت وطأة شهر من النزاع، ومياه الصرف الصحي تملأ الشوارع، والناس يصطفون في طوابير لساعات أمام المخابز، والقلق يسيطر عليهم.

وقال، إن مشاهد الفوضى تعكس يأس هذا الانتظار الطويل. وقريبا، سيأتي الشتاء إلى غزة، وقد يموت العديد من النساء والأطفال وكبار السن.

وعبر لازاريني عن رفضه لعملية “طوفان الأقصى” قائلا: لا ينبغي أن يؤخذ أي مدني رهينة، وأن يصبح ورقة مساومة. والاتهام الشامل لجميع سكان غزة لتبرير انتهاكات القانون الإنساني الدولي هو اتهام غير مسؤول ومخادع”.

وقال، إن على “المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في الأدلة المتعلقة بجرائم الحرب المزعومة والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية من كلا الجانبين والفصل فيها، ومحاسبة المسؤولين عن أفعالهم”.