أغلقت مساء الثلاثاء مراكز الاقتراع في الانتخابات الرئاسية المصرية التي جرت على مدار ثلاثة أيام، ويبدو فوز الرئيس عبد الفتاح السيسي بولاية ثالثة شبه محسوم. ونقلت صحيفة الأهرام الحكومية مساء الثلاثاء عن الهيئة الوطنية للانتخابات، المسؤولة عن تنظيم الاقتراع، تسجيل إقبال “غير مسبوق” من الناخبين على المشاركة في الانتخابات. ودعي 67 مليون مصري للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التي طغت الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة على الاهتمام بها، خصوصا في غياب أي منافسة جدية.
أدلى المصريون الثلاثاء بأصواتهم في اليوم الثالث والأخير من الانتخابات الرئاسية، التي من المتوقع أن يحقق فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي فوزا ساحقا، في ظل غياب منافسة حقيقية يبقيه على رأس السلطة لست سنوات مقبلة.
ولم يبد العديد من المصريين اهتماما يذكر بالانتخابات، وأعربوا عن اعتقادهم بأن أصواتهم لن تحدث فارقا يذكر، رغم جهود السلطات والمعلقين في وسائل الإعلام المحلية الخاضعة لرقابة مشددة لحث المواطنين على التصويت انطلاقا من واجبهم الوطني. وأغلقت مراكز الاقتراع أبوابها في التاسعة من مساء اليوم (19:00 بتوقيت غرينتش).
وقال حسام (27 عاما) وهو سائق سيارة أجرة: “أنا قرفان من البلد دي… لما يكون في انتخابات حقيقة هبقا أروح أنتخب”، مشيرا إلى تدهور ظروفه المعيشية في ظل حكم السيسي المستمر منذ 10 سنوات.
ومن المقرر إعلان نتائج الانتخابات يوم 18 كانون الأول/ديسمبر الجاري.
والانتخابات التي بدأت يوم الأحد هي الثالثة التي يخوض السيسي غمارها منذ توليه السلطة عام 2014، بعد الإطاحة بأول رئيس منتخب في مصر محمد مرسي في 2013. وتوفي مرسي عام 2019.
وكان مرسي، وهو من التيار الإسلامي، قد فاز بالرئاسة عام 2012 بعد عام من الإطاحة بالرئيس الأسبق الراحل حسني مبارك الذي حكم البلاد لفترة طويلة في انتفاضة شعبية.
وينتقد مراقبون دوليون سجل حقوق الإنسان في مصر في ظل حكم السيسي، ويتهمون الحكومة بقمع الحريات السياسية، والزج بعشرات الألوف من الناس في السجون، وكثير منهم من المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين التي كان يتبعها مرسي.
وفي العاصمة الإدارية الجديدة التي تنشأ شرق القاهرة، انطلقت الموسيقى الوطنية من مكبر للصوت أمام أحد مراكز الاقتراع في شارع تصطف على جانبيه فروع حديثة لبنوك ومباني الوزارات الجديدة التي صممت على الطراز الفرعوني.
وتجمع عمال بناء وموظفون أمام مركز الاقتراع، وكان بعضهم يلوح بالأعلام المصرية ويرقص ويحمل لافتة عليها صورة كبيرة للسيسي.
واصطف بضع عشرات من الأشخاص للإدلاء بأصواتهم تحت أنظار رجال الأمن الذين كانوا يرتدون ملابس مدنية.
وقالت سوزان عدس (34 عاما)، وهي موظفة حكومية تعمل في القطاع الصحي، إنها جاءت للتصويت “لإنها بلدنا”.
وقالت: “إحنا بنحب مصر. ولازم نشارك”.
وأضافت أن العاصمة الإدارية الجديدة مهمة للتنمية في مصر. وينتقد البعض مشروع العاصمة الإدارية، بسبب تكلفته البالغة 58 مليار دولار في وقت تتزايد فيه ديون مصر.
منافس محتمل أوقف ترشحه
شهدت الانتخابات ظهور ثلاثة مرشحين آخرين غير بارزين. وأوقف أبرز منافس محتمل ترشحه في تشرين الأول/أكتوبر، قائلا إن المسؤولين والبلطجية استهدفوا أنصاره، وهي الاتهامات التي نفتها الهيئة الوطنية للانتخابات.
ويقول منتقدون إن الانتخابات صورية، وإن شعبية الجنرال السابق السيسي تآكلت وسط أزمة اقتصادية طاحنة وحملة قمع مستمرة منذ 10 سنوات على المعارضين.
وقالت الهيئة العامة للاستعلامات، وهي جهة حكومية، إن الانتخابات خطوة نحو التعددية السياسية، فيما نفت السلطات انتهاك القواعد الانتخابية.
وعلى مدار العقد الماضي، تعرض سجل حقوق الإنسان في مصر تحت حكم السيسي لانتقادات شديدة في ظل احتجاز عشرات الآلاف، كثيرون منهم من جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي.
وقد سعت الحكومة إلى معالجة هذه القضايا، من خلال فتح حوار وطني وإطلاق سراح بعض السجناء البارزين.
ويقول السيسي إن الاستقرار والأمن لهما أهمية قصوى، وهي رسالة وجدت صدى لدى بعض الناخبين الذين تحدثوا إلى رويترز عن الحربين على حدود مصر في قطاع غزة والسودان.
وقالت الهيئة الوطنية للانتخابات الإثنين، إن نسبة المشاركة في أول يومين من التصويت بلغت نحو 45 بالمئة، متجاوزة نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية السابقة في عام 2018، لكن منتقدين شككوا في هذه الأرقام.
وشاهد مراسلون لرويترز يغطون الانتخابات في القاهرة والجيزة والسويس والعريش على مدى الأيام الثلاثة الماضية حشودا أمام مراكز الاقتراع، وكان بعضهم ينقل بالحافلات، لكن عددا قليلا نسبيا من المواطنين أدلوا بأصواتهم.
وقال تيموثي إي. كالداس، زميل السياسات بمعهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط: “في كل مرة يطلب من المصريين التصويت يكونون أفقر من المرة السابقة وتتناقص شعبية السيسي، ومع ذلك هل الإقبال على التصويت آخذ في الارتفاع؟ لا أحد، ولا حتى أنصار السيسي القلائل المتبقين، يعتقد أن هذه انتخابات حقيقية”.