أكدّ رئيس جمهورية أوزبكستان شوكت ميرضيائيف أنّ الفساد هو تهديد يقوض أسس الإنسانية جمعاء، والمجتمعات كافة، ويضرب الاقتصاد، ويدمر سيادة القانون، ويقلل بشكل حاد من ثقة الناس في السياسات الحكومية.
وقال خلال حفل منح الجائزة الدولية الرفيعة لمكافحة الفساد في دولة قطر، بحضور امير دولة قطر الشيخ تميم آل ثاني، إن تكلفة الفساد في العالم حاليا تبلغ نحو 3 تريليونات دولار أمريكي، ومع ذلك، يعتقد أن هذا الرقم الكبير لا يعكس بشكل كامل الوضع الحقيقي للأمور والمدى الحقيقي للضرر. والأسوأ من ذلك أنه من المستحيل قياس حجم الضرر الأخلاقي الذي يلحق بالمجتمع.
بين أنّ قدمت بلاده تقدمت 42 مركزاً في مؤشر الشفافية الدولية، لتحتل أعلى مركز في المنطقة.
وفي ما يلي نص الكلمة الكاملة لرئيس جمهورية اوزباكستان شوكت ميرضيائيف:
كلمة فخامة رئيس جمهورية أوزبكستان شوكت ميرضيائيف في
سمو الأمير العزيز! أعزائي رؤساء الوفود! السيدات والسادة!
يسعدني أن أرحب بكم في مدينة طشقند في حفل تسليم الجائزة الدولية الرفيعة لمكافحة الفساد.
مرحباً بكم في أوزبكستان الجديدة، أيها الضيوف الأعزاء!
أود في البداية أن أعرب عن عميق امتناني لصديقي العزيز مؤسس هذه الجائزة المرموقة حضرة صاحب السمو أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وكذلك مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لمكافحة المخدرات والجريمة. عرض إقامة الحفل في بلدنا والمساعدة الفعالة المقدمة.
وأغتنم هذه الفرصة، وأهنئ بصدق أصدقاءنا القطريين الحاضرين في هذا الحدث، وشخصهم، شعب قطر بأكمله بمناسبة عيد الاستقلال الذي احتفلوا به على نطاق واسع أمس.
ويجب التأكيد على أنه بفضل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب السمو الأمير، عاشت دولة قطر في السنوات الأخيرة بروح التجديد، وحدثت تغييرات كبيرة في البلاد، وتحققت نجاحات كبيرة. لقد رأيت هذا بنفسي خلال زيارتي للدوحة الفريدة.
واليوم، أصبحت قطر مركزاً للتعاون والدبلوماسية العالمية، كما يتضح من بطولة كأس العالم لكرة القدم رفيعة المستوى، والمؤتمر الدولي لأقل البلدان نمواً، ومعرض إكسبو الدولي الدوحة 2023، والعديد من المبادرات الدولية.
وألاحظ بارتياح خاص أنه بفضل الحوار النشط، وصلت العلاقات بين دولنا إلى مستوى جديد تماما. لقد أطلقنا عددًا من المشاريع المشتركة الكبيرة. إن إقامة حدث اليوم في بلادنا هو تعبير واضح عن المجتمع وتوافق أهدافنا.
عزيزي المشاركين في المنتدى!
إن إنشاء جائزة عالمية في مجال مكافحة الفساد، الذي يعد من أكثر المشاكل إلحاحا في عالمنا المتغير بسرعة، وإقامة حفل توزيع الجوائز هذا في جميع القارات يستحق بالتأكيد تقديرا عاليا.
ففي نهاية المطاف، فإن مكافحة الفساد هي واجب مقدس على كل شخص يتمتع بضمير مرتاح، وعلى كل مجتمع ودولة ديمقراطية.
إن الاعتراف بمزايا هذه الجائزة المرموقة وتقديمها للأفراد الأكثر نشاطًا والذين يقدمون مساهمة جديرة بالاهتمام في مكافحة الفساد في العالم يساعد في التنفيذ المستمر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التي تم اعتمادها قبل 20 عامًا بالضبط.
السيدات والسادة!
يُظهر تاريخ البشرية أنه بسبب الفساد، وجدت حتى أقوى الدول نفسها على حافة الهاوية.
إن الفساد هو تهديد يقوض أسس الإنسانية جمعاء، والمجتمعات كافة، ويضرب الاقتصاد، ويدمر سيادة القانون، ويقلل بشكل حاد من ثقة الناس في السياسات الحكومية، ويعوق تطوير المؤسسات الديمقراطية. كما أنه يعطل بشكل خطير خططنا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وبحسب التحليل فإن تكلفة الفساد في العالم حاليا تبلغ نحو 3 تريليونات دولار أمريكي. ومع ذلك، أعتقد أن هذا الرقم الكبير لا يعكس بشكل كامل الوضع الحقيقي للأمور والمدى الحقيقي للضرر. والأسوأ من ذلك أنه من المستحيل قياس حجم الضرر الأخلاقي الذي يلحق بالمجتمع.
ومن منطلق إدراكنا العميق للعواقب المترتبة على هذه المشاكل الملحة، فإننا نعمل بشكل وثيق مع هياكل دولية موثوقة مثل الأمم المتحدة، والبنك الدولي، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وفي مكافحتنا للفساد، نقوم بتنفيذ إصلاحات قانونية ومؤسسية نظامية. لقد اعتمدنا قانون مكافحة الفساد، وأنشأنا وكالة مقابلة ومنحناها صلاحيات خاصة. وننفذ على نطاق واسع آليات وقائية تهدف إلى ضمان الانفتاح والشفافية في الأنشطة وزيادة مسؤولية الحكومة، والحد من البيروقراطية وتبسيط تقديم الخدمات العامة، ومنع الفساد. وعلى وجه الخصوص، أنشأت جميع الإدارات الحكومية أنظمة لمراقبة الامتثال وتصنيف الكفاءة. تمت رقمنة المشتريات الحكومية بالكامل.
أصبحت أوزبكستان عضوًا في الميثاق الدولي للبيانات المفتوحة في عام 2021. تشارك بلادنا بشكل فعال في برنامج عمل إسطنبول، والشبكة التشغيلية العالمية، والمجموعتين الأوراسية والإيغمونت، والعديد من المنصات الأخرى، وتؤدي مهام أمانة شبكة استرداد الأصول في دول غرب ووسط آسيا.
ويعقد المنتدى الدولي التقليدي لمكافحة الفساد سنويا في طشقند.
وفي السنوات الأخيرة، تقدمت بلادنا 42 مركزاً في مؤشر الشفافية الدولية، لتحتل أعلى مركز في المنطقة. لقد وضعنا لأنفسنا هدف زيادة مكانتنا في هذا التصنيف بمقدار 50 مركزًا آخر بحلول عام 2030. لقد صعدنا هذا العام إلى المركز 30 في تصنيف جرد البيانات المفتوحة. ومن حيث عدد مصادر البيانات المفتوحة، تحتل أوزبكستان المرتبة الرابعة في العالم.
عزيزي المشاركين في الحفل!
وفي أوزبكستان الجديدة، أصبحت الإصلاحات الديمقراطية أمرا لا رجعة فيه، وقد وضعنا لأنفسنا خططا ومهام كبيرة في مجال مكافحة الفساد.
ونحن على استعداد لحشد كل قوتنا وإمكاناتنا في هذه المعركة المسؤولة التي لا هوادة فيها بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة وجميع الشركاء الدوليين.
أولاً، سنعمل على تطوير وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد حتى عام 2030. وسنولي اهتمامًا خاصًا لمزيد من ضمان شفافية الأنشطة وزيادة مساءلة الهيئات الحكومية، وتحسين نظام البيانات المفتوحة، وتعزيز الإطار القانوني والآليات المؤسسية للقطاع.
ثانيًا، سندعم ونشارك بفعالية في المبادرات الإقليمية والعالمية والمشاريع الجديدة في مجال مكافحة الفساد. وفي هذا الاتجاه، نعتزم استخدام المنصة الإقليمية لاتفاقية مكافحة الفساد على نطاق واسع، والتي تم إطلاقها الشهر الماضي في طشقند.
وإلى جانب ذلك، أقترح إنشاء مركز إقليمي للبحث في قضايا الفساد من أجل تبادل الخبرات وتعزيز الحوار وإجراء البحوث العلمية بمشاركة نشطة من المنظمات غير الحكومية وغير الربحية.
ثالثًا، سنعمل على زيادة إمكانات هيئة مكافحة الفساد من خلال تعزيز التفاعل الوثيق مع المؤسسات الأجنبية المتخصصة. واستناداً إلى أحدث التجارب الدولية، سيتم استحداث آليات جديدة، وهي مؤسسة “الدراسة الأولية” حول حقائق الفساد – التحقيق في مكافحة الفساد.
رابعًا، مهمتنا ذات الأولوية هي تكوين جيل شاب يتم تطعيمه بـ«لقاح الصدق» منذ الصغر. نحن مهتمون بالتنفيذ الواسع النطاق في أوزبكستان لبرنامج الموارد العالمية للأمم المتحدة بشأن التثقيف في مجال مكافحة الفساد وزيادة نشاط مكافحة الفساد لدى الشباب.
خامسًا، إننا نقدر بشكل خاص دور وسائل الإعلام، التي تتصدر عملية معقدة مثل مكافحة الفساد.
آمل أن تدعموا اقتراحنا بعقد منتدى إعلامي عالمي لتسخير قوة الصحفيين بشكل فعال وزيادة تأثيرهم في مكافحة الفساد.
أصدقائي الأعزاء!
واليوم، ولأول مرة، يجتمع جميع الحائزين على هذه الجائزة الدولية في منصة واحدة، ويعقد بمشاركتهم اجتماع الفائزين، وهو أيضًا حدث ذو أهمية كبيرة.
إن جهود أمير قطر على المستوى العالمي، ومشاركة إنجازاته واستثماراته التقدمية مع شعوب العالم، ومحاربة الفساد بقوة وشجاعة، إلى جانب تطلعاتنا للصالح العام، ستؤدي بلا شك إلى نتائج إيجابية كبيرة.
ويمثل النصب التذكاري المخصص لهذا الموضوع كفاً مفتوحة مرفوعة لوقف الفساد، ونصافح بقوة أبطالنا المشاركين في منتدى اليوم الذين يسيرون بثبات ودون كلل في طريق العدالة. نحن دائمًا معك في العمل المهم جدًا الذي تقوم به.
وأغتنم هذه الفرصة لأهنئ بصدق ومن أعماق قلبي جميع الفائزين بهذه الجائزة المرموقة.
مرة أخرى، أعرب عن عميق امتناني للضيوف الأجانب المشاركين في الحفل.