دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الاثنين، لوقف إطلاق نار “فوري” في غزة، فيما تحدثت إسرائيل عن قرب انتهاء العمليات المكثفة بجنوب القطاع في الحرب مع حماس التي تجاوزت حصيلتها 24 ألف شهيد بحسب وزارة الصحة بالقطاع.
إلى ذلك، أعلنت حماس أن القصف الإسرائيلي العنيف المتواصل على القطاع منذ أكثر من مئة يوم، أدى إلى مقتل اثنين من المحتجزين لديها. واعتبرت إسرائيل أن نشر حماس شريط فيديو جديدا للمحتجزين هو “استغلال وحشي” لهم.
وتبقى المخاوف قائمة من اتساع رقعة النزاع مع استمرار أعمال العنف داخل إسرائيل والأراضي المحتلة، وفي الممرات البحرية قرب باب المندب والبحر الأحمر حيث تبنى الحوثيون هجوما جديدا على سفينة قبالة سواحل اليمن، وعلى الحدود الإسرائيلية اللبنانية حيث يتواصل التبادل اليومي للقصف بين إسرائيل وحزب الله.
وفي غياب أيّ إشارة إلى وقف التصعيد، أطلق غوتيريش دعوة جديدة من أجل “وقف إنساني فوري” لإطلاق النار.
وقال للصحافيين في نيويورك “نحتاج إلى وقف إنساني فوري لإطلاق النار لضمان وصول المساعدات إلى المحتاجين إليها وتيسير الإفراج عن المحتجزين ولإخماد لهيب حرب أوسع نطاقًا.
وأضاف “طول أمد الصراع في غزة سيزيد مخاطر التصعيد وإساءة الحسابات”، مشددا على أن “شيئًا لا يمكن أن يبرّر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني”.
واندلعت الحرب بعد عملية السابع من تشرين الأول الماضي، وردّا على العملية، تعهدت إسرائيل بـ”القضاء” على حماس وتشن منذ ذلك الحين حملة كثيفة من القصف والغارات المدمرة اتبعتها بهجوم بري منذ 27 تشرين الأول/أكتوبر.
وقالت وزارة الصحة في القطاع الإثنين، إن حصيلة العمليات العسكرية الإسرائيلية ارتفعت إلى 24100 شهيد و60834 جريحًا غالبيتهم من النساء والفتية والأطفال.
وأضافت أن 132 منهم استشهدوا في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، مشيرة إلى أن عددا من الضحايا لا يزالون تحت الركام وفي الطرق ولا يمكن الوصول إليهم.
“ستنتهي قريبا”
ويركّز الجيش الإسرائيلي ضرباته على جنوب القطاع حيث توجّه مئات الآلاف من السكان هرباً من القتال شمالاً.
وكثّف الجيش في الأسابيع الأخيرة عملياته وقصفه لخان يونس ورفح بعدما اعتبر أن البنية العسكرية لحماس شمالا تمّ “تفكيكها”.
وشدد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، على أن قطاع غزة سيحكمه “الفلسطينيون في المستقبل. يجب أن تنبثق حكومة غزة المستقبلية من قطاع غزة”.
وأضاف “في نهاية الحرب، لن يكون هناك تهديد عسكري من غزة. لن تكون حماس قادرة على الحكم والعمل كقوة عسكرية في قطاع غزة”.
وأعلن غالانت أن المرحلة المكثّفة من الحرب في الجنوب “ستنتهي قريبا”.
وقال في مؤتمر صحافي “أوضحنا أن مرحلة العمليات المكثّفة ستستمر لنحو ثلاثة أشهر”، مشيرا إلى أن هذه المرحلة تم بلوغها في شمال قطاع غزة.
وأضاف “في جنوب غزة سنتوصل إلى هذا الإنجاز وسينتهي الأمر قريبا… سيحين الوقت الذي ننتقل فيه إلى المرحلة التالية”، دون تحديد إطار زمني.
وأعلن الجيش الإثنين، أن فرقة عسكرية أنجزت انسحابها من غزة بعدما دمّرت كيلومترات من الأنفاق في وسط وشمال القطاع.
وكانت تنشط في غزة أربع فرق إسرائيلية قبل هذا الإعلان، إلا أنه لم يتّضح عدد الجنود الذين تم سحبهم.
إلى ذلك، أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، مقتل اثنين من المحتجزين الإسرائيليين.
ونشرت الكتائب شريط فيديو تظهر فيه امرأة محتجزة بدورها، تقول إن رجلين كانا محتجزين معها، قد قتلا. وأكدت القسام في بيان مقتل الأسيرين “في قصف للجيش الصهيوني على غزة”.
ووفق وسائل إعلام إسرائيلية، فإنّ الشابة هي نوا أرغاماني (26 عاماً) التي خطفت خلال مهرجان موسيقي في جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، والرجلان هما يوسي شرعابي (53 عاماً) وإيتاي سفيرسكي (38 عاماً) اللذين خطفا من كيبوتس بئيري.
“الطحين والماء فقط”
في غضون ذلك، تتواصل المعاناة الانسانية في قطاع غزة الذي يفتقر سكانه وعددهم 2,4 مليون نسمة إلى كل شيء، لا سيما الغذاء والدواء والوقود. كما يزيد البرد التعقيدات التي يواجهونها في حياتهم اليومية.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 1,9 مليون شخص اضطروا إلى النزوح داخل القطاع بسبب القصف والغارات.
في مدينة غزة (شمال) التي تدمرت بشكل كبير بسبب القصف والهجوم البري الإسرائيلي، أظهر شريط فيديو لفرانس برس تهافت آلاف الفلسطينيين على شاحنة تحمل مساعدات غذائية دخلتها الأحد.
وقال عمر الشندوقلي لفرانس برس “ما زلنا منذ ما يقارب الشهر لم نعرف طعم الطحين، نعيش على… بضع حبات من الأرز، وهذا الأرز لا يقيت إنسانا”.
وتابع “نناشد كل العالم، نناشد المسلمين ونناشد الغرب… بعد الله عزّ وجلّ أن يرسلوا لنا الطحين والماء. أرسلوا لنا الطحين والماء فقط”.
وأكد بيان مشترك لمنظمة الصحة العالمية وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة الأحد “أن هناك حاجة ملحة إلى تغيير جذري في تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة”.
ودعا إلى تأمين طرق إمداد “بشكل أكثر امنا واسرع”، محذرين من أن مستوى المساعدات الحالي “أقل بكثير مما هي الحاجة لتجنّب مزيج قاتل من الجوع وسوء التغذية والمرض”.
استشهاد 3 فلسطينيين في الضفة
وفي سياق العنف المترافق مع هذا النزاع، قُتلت امرأة في إسرائيل وأصيب 17 شخصًا آخرين بجروح الاثنين، في عملية دهس في مدينة رعنانا، وفق الاسعاف والشرطة التي أعلنت إلقاء القبض على فلسطينيَّين مشتبه بهما.
وقال قائد الشرطة كوبي شابتاي إن “منفذَي الهجوم من منطقة الخليل في جنوب الضفة الغربية. قادا مركبتين مسروقتين وقاما بدهس عدد من الأشخاص”.
وقال جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي في بيان، إنه يحقّق مع المشتبه بهما اللذين يبلغان من العمر 25 و44 عاما.
وقالت الشرطة إنهما “من أصحاب السوابق الجنائية والأمنية، ودخلا بطريقة غير قانونية إلى إسرائيل”.
وفي الضفة الغربية المحتلة، استشهد 3 فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي الإثنين، أحدهم عند حاجز عسكري قرب مدينة طولكرم (شمال) والآخران في مداهمة لمدينة دورا (جنوب) تخللها مواجهات وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
ومنذ اندلاع الحرب في غزة، استشهد 340 فلسطينيا على الأقل بنيران الجيش أو مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية، استنادا لتعداد أعدته فرانس برس بناء على بيانات وزارة الصحة.
والإثنين، أكدت مصادر متطابقة اعتقال الجيش والشرطة الإسرائيليين 25 طالبا من جامعة النجاح الوطنية في مدينة نابلس بتهمة الانتماء إلى حماس.
وأكد جيش الاحتلال الإسرائيلي اعتقال “تسعة مطلوبين مرتبطين بخلية طلاب حماس”.
استهداف حوثي لسفينة أميركية
على جبهة أخرى، أعلن الحوثيون المدعومون من إيران استهداف “سفينة أميركية” في خليج عدن، واضعين ذلك “في إطار الردّ” على غارات أميركية وبريطانية استهدفت مواقع في اليمن الأسبوع الماضي، واستكمالا لدعمهم الفلسطينيين على خلفية حرب غزة.
وكانت القيادة العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم) أعلنت أن صاروخاً بالستياً مضاداً للسفن أصاب سفينة حاويات مملوكة للولايات المتحدة وترفع علم جزر مارشال في جنوب البحر الأحمر.
ويشنّ الحوثيون منذ أسابيع، هجمات قرب مضيق باب المندب وفي البحر الأحمر، تستهدف سفناً مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إليها، دعماً للفلسطينيين.
وكانت القوات الأميركية والبريطانية شنّت ليل الخميس-الجمعة عشرات الغارات على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين في العاصمة صنعاء ومحافظات الحديدة وتعز وحجة وصعدة، وذلك ردّا على استهداف سفن في الممرات البحرية قبالة اليمن.
ودعت إيران الاثنين، الولايات المتحدة وبريطانيا إلى “وقف الحرب ضد اليمن” في أعقاب الضربات التي نفّذتها واشنطن ولندن الجمعة والسبت ضدّ الحوثيين.
بالتوازي، تتفاقم التوترات على الحدود الإسرائيلية اللبنانية.
وأعلن حزب الله في بيانات الإثنين، تنفيذ ثلاث هجمات على الأقل على مواقع عسكرية حدودية إسرائيلية. من جهته، أفاد المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عبر منصة “إكس” أنّ الجيش شنّ ضربات على عدة مناطق في لبنان.
إلى ذلك، تتواصل الجهود الدولية لتجنّب اتساع رقعة النزاع إقليمياً.
وأعلنت وزيرة الخارجية الأسترالية بيني وونغ عن قيامها بزيارة هذا الأسبوع إلى الأردن وإسرائيل والأراضي الفلسطينية والإمارات.