قالت لانا نسيبة، مساعدة وزير الخارجية الإماراتي للشؤون السياسية ومبعوث خاص، دعت إلى أن هناك حاجة إلى بعثة دولية مؤقتة في غزة.

وأضافت في مقال نشرته بصحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، عن روشتة تقود نحو السلام في فلسطين، وترسم ملامح مستقبل مبني على حل الدولتين يرسي السلام والأمن وجاء فيه:

قبل أسبوعين، قامت دولة الإمارات بإجلاء مجموعة من الأطفال المصابين بجروح خطيرة ومرضى السرطان من قطاع غزة إلى أبوظبي.

وتابعت: “أعربنا عن دعمنا الكامل لجهود الوساطة التي تقوم بها مصر وقطر والولايات المتحدة”.

هدف واضح

وتابعت: “بينما يدرس المجتمع الدولي كيفية التعامل مع فترة ما بعد الصراع في غزة، كانت دولة الإمارات واضحة في أن الهدف يتمثل في عدم العودة إلى وضع ما قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول”.

وبينت أن “أي جهد بشأن اليوم التالي يجب أن يغير بشكل جذري مسار الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني نحو إقامة دولة فلسطينية تعيش بسلام وأمن مع دولة إسرائيل”.

وشددت على أن “استجابتنا الجماعية لأهوال الحرب والاحتلال يجب أن تؤدي إلى سلام مستدام وعادل”.

ولهذا السبب، قالت: “يتعين علينا أن نتبنى سويا استراتيجية قادرة على كسر دائرة العنف في غزة وإرساء الأساس لمستقبل مختلف لفلسطين وإسرائيل”.

بعثة دولية.. مهام وشروط

وبحسب نسيبة، فإن الخطوة الأولى في مثل هذا الجهد تتمثل في نشر بعثة دولية مؤقتة في غزة.

وحددت 4 مهام لهذه البعثة، تتضمن “التعامل مع الأزمة الإنسانية، وإرساء القانون والنظام، ووضع الأسس للحكم، وتمهيد الطريق لإعادة توحيد غزة والضفة الغربية المحتلة تحت سلطة فلسطينية شرعية واحدة”.

ولفتت إلى أنه “من الممكن أن تشكل مهمة دولية مؤقتة تركز على هذه الأولويات الأربع جزءاً أساسياً من استراتيجية أوسع لمساعدة الشعب الفلسطيني على تحقيق طموحه الوطني المشروع في إقامة دولته من خلال مفاوضات هادفة”.

لكنها اشترطت أن يكون الوجود الدولي المؤقت في غزة بـ”دعوة رسمية من السلطة الفلسطينية، ومن حكومة يقودها رئيس وزراء جديد يتمتع بالصلاحيات والمصداقية والاستقلال، وعلى استعداد لتبني الإصلاحات الضرورية لتحسين الحكم لجميع الفلسطينيين وقادر على تحمل مسؤولية إعادة بناء غزة”.

وشددت على أنه “من أجل تفعيل خطة استجابة إنسانية فعّالة تبدأ عملية إعادة إعمار غزة، لا يجوز لبعثة دولية مؤقتة، ولا ينبغي لها، أن تسعى إلى تنصيب نفسها بديلا للأمم المتحدة أو عمل وكالاتها على الأرض. بل يتعين عليها بدلاً من ذلك أن تعمل في شراكة مع منظومة الأمم المتحدة وأن تعمل على تضخيم مواردها وتفويضها”.

مطالب لإسرائيل

وشددت على أنه “يتعين على إسرائيل، باعتبارها القوة المحتلة، أن تقوم بدورها لكي ينجح هذا الجهد. ولا يمكن لغزة أن تتعافى إذا استمرت في العيش تحت الحصار”.

وأضافت: “ولا يمكن إعادة إعمارها ما لم يُسمح للسلطة الفلسطينية الشرعية بتحمل مسؤولياتها”.

وأكد أن “أي جهد لن ينجح إذا استمر بناء المستوطنات والعنف والتحريض على العنف في الارتفاع في الضفة الغربية المحتلة”.

دعوة لدعم جميع الأطراف

وبينت أن “مثل هذه المهمة بحاجة إلى الدعم الكامل والثابت من جميع الأطراف المعنية الملتزمة بالسلام”.

ولفتت إلى أنه “في ظل القدرات والموارد المختلفة المتاحة لنا، يستطيع كل واحد منا أن يلعب دورا حاسما في هذه العملية”.

وأوضحت أنه “يمكن لدول هذه المنطقة، بل ويجب عليها، أن تساهم بدور بارز، لأن السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين يصب في المقام الأول في مصلحتنا”.

وأشارت إلى أن “القوى الإقليمية الفاعلة تظل، إلى جانب القيادة الأمريكية، جزءا لا يتجزأ سواء في جهود تعافي غزة أو في الجهود الرامية إلى إحياء آفاق السلام”.

وأضافت أن “الالتزام الأمريكي القوي والصريح بتحقيق حل الدولتين، وتشجيع الإصلاحات الفلسطينية والشراكة الإسرائيلية، فضلا عن دعم المهمة الدولية التي نقترحها هنا، عوامل حاسمة للنجاح”.

وفي حال تحقق الاستقرار وبدأت جهود إعادة الإعمار بعد وقف إطلاق النار، قالت “لابد أن يكون هناك أيضاً مراقبة صارمة ونظام لفرض بنود وقف إطلاق النار”.

وأوضحت “نحن نعلم الحقيقة المرة. ونعلم أن تحقيق مثل هذا الجهد سيكون صعبا للغاية. برغم ذلك، ومن خلال تجربتنا الطويلة في هذا الصراع، فإننا على ثقة أن معظم الإسرائيليين والفلسطينيين يتوقون إلى السلام”.

وتابعت: “نعتقد أن مهمة تحقيق الاستقرار والتعافي هذه هي طريق للخروج من الصراع وتحقيق هذا الأمل”.

جهود الإمارات الإنسانية

وأبرزت لانا زكي نسيبة الدور الإماراتي الإنساني الكبير في غزة منذ بدء الحرب، مؤكدة أن “دولة الإمارات العربية المتحدة كانت، بالتعاون مع شركائنا، في الخطوط الأمامية لتخفيف المعاناة في غزة”.

وأضافت: “قبل أسبوعين، قامت دولة الإمارات بإجلاء مجموعة من الأطفال المصابين بجروح خطيرة ومرضى السرطان من قطاع غزة إلى أبوظبي وكانت هذه هي المهمة الثامنة عشرة التي نقوم بها للتخفيف من حدة الكارثة الإنسانية في غزة خلال الأشهر التسعة الماضية”.

وتابعت: “كما قمنا بتسليم ما يقرب من 39000 طن من الإمدادات العاجلة، وأنشأنا 6 محطات لتحلية المياه، وقدمنا مستشفى ميدانيا لعلاج الجرحى، وأنشأنا مستشفى ميدانيًا”.

ولدولة الإمارات بصمة إنسانية بارزة حفرتها في قطاع غزة، إذ قدمت على مدار أشهر إمدادات إغاثية عاجلة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في محنتهم.

وخلال 9 أشهر، استمرت مبادرات دولة الإمارات الإنسانية وعمليات “الفارس الشهم 3” المتكاملة لتقديم الدعم الإنساني والإغاثي لأبناء غزة، بل لم تدخر جهدا للتعاون مع جميع الوكالات الإغاثية والمنظمات الدولية في هذا الإطار.

وعملت دولة الإمارات بالتعاون مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والولايات المتحدة وجمهورية قبرص والأمم المتحدة وعدد من الجهات الدولية المانحة على إيصال 2,176 طناً من الإمدادات الغذائية بحراً إلى قطاع غزة.

وفي سابقة تاريخية، أوصلت دولة الإمارات ومؤسسـة المطبخ المركزي العالمي نحو 300 طن من المساعدات الغذائية إلى قطـاع غـزة عن طريق البحر.

كما أعلنت دولة الإمارات بالشراكة مع الوكالة الأمريكية لمساعدة اللاجئين في الشرق الأدنى (أنيرا) عن إيصال 400 طن من الإمدادات الغذائية المخصصة لشمال القطاع، والتي توفر الاحتياجات الأساسية الملحة لنحو 120 ألف شخص.

وخصصت دولة الإمارات 15 مليون دولار أمريكي دعماً لـ”صندوق أمالثيا” الذي أعلنت عنه قبرص بهدف دعم مبادرة الممر البحري بين قبرص وقطاع غزة، ورفع مستوى تدفق المساعدات الإنسانية، وتوفير طرق وأدوات تمويل مرنة لتعزيز الاستجابة لاحتياجات السكان في غزة.

وأقامت دولة الإمارات 6 محطات لتحلية المياه تنتج مليونا و600 ألف غالون يومياً يجري ضخها إلى القطاع، ويستفيد منها أكثر من 600 ألف نسمة.

كما أرسلت دولة الإمارات 5 مخابز أوتوماتيكية لتأمين الاحتياجات اليومية لأكثر من 17,140 شخصاً.

وقدمت الإمارات سلسلة من المساعدات الطبية للمستشفيات في قطاع غزة، و10 سيارات إسعاف مجهزة بجميع الإمكانيات الحديثة، ومئات الأطنان من الأجهزة الطبية والأدوية والمستلزمات الأساسية لوزارة الصحة، لزيادة القدرة الاستيعابية داخل مؤسسات الرعاية الطبية والمستشفيات.