مرايا –
ألقى رئيس الوزراء جعفر حسّان، الأحد، البيان الوزاري أمام مجلس النواب.
رئيس الوزراء تطرق إلى العديد من القضايا المحلية في البيان الوزاري، بينها دعم الحكومة للجيش والأجهزة الأمنية، والتأكيد على حل القضية الفلسطينية في فلسطين وتهجير الفلسطينيين من وطنهم خط أحمر.
وتاليا نص البيان الوزاري:
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرحيم
والصلاةُ والسلامُ على سيِّدنا محمد، النبيِ العربيِ الهاشميِ الأمين،
سعادةَ رئيسِ مجلسِ النواب،
السَّيداتُ والسَّادةُ أعضاءَ مجلسِ النوَّاب الموقَّر،
أقفُ والفريقُ الوزاريُ أمامَ مجلسِكم الموقّر، في هذا الاستحقاقِ الدستوري، الذي نقدِّمُ فيه بيانَ الحكومةِ لطلبِ ثقة نوَّابِ الأمَّة، لنحملَ وإياكم وبعونِ الله، شرفَ خدمةِ الوطنِ والملكِ والشعب الأردني الأبيِّ، الذي يستحق منَّا كلَّ جهدٍ مخلص.
وبعد أنْ استمعنا لخطابِ العرش السامي، في افتتاح أولى دوراتِ هذا المجلس الكريم؛ فإنني أرفعُ أسمى معاني الإخلاصِ والوَلاءِ والتقدير والعرفان، لصاحبِ الجلالة الهاشميَّة الملك عبدالله الثاني المعظَّم، ونحنُ نحتفلُ بمناسبةِ اليوبيل الفضِّي لتولِّيه أمانةَ المسؤوليَّةِ، التي يحملُها بكلِّ عزم.. مُحدِّثاً لبُنى الدولةِ ومؤسساتِها، محافظاً على قِيَمِها الأصيلة ورسالتها النبيلة، ومعززاً لمصادرِ قوَّةِ الأردنِ ومكانَتِهِ الكبيرة بين الأُمم، وعلى يمينه ولي عهده الأمين سمو الأمير الحسين حفظه الله وحماه.
وجلالة الملك هو الذي يعلِّمنا دوماً، أن الانتماء للأردن أساسُهُ الإخلاصُ والجديةُ والمسؤوليةُ، وروحُ المبادرةِ والمثابرة، وأن العملَ الوطنيَ، هوَ ما يمكن قياسُهُ بالإنجازِ، وبالأثرِ المتحقِّقِ في المجتمعات، وأن التواجد مع المواطن في كلِّ مواقِعِهِ هو الطريقُ نحو تعزيزِ الثقةِ وتوجيهِ الأولويات، وأن العملَ العام واجبٌ وخِدمةٌ وجهدٌ وصبرٌ وتصميم.
نقفُ اليومَ، أيها السَّيداتُ والسَّادةُ النواب، بعد الانتخاباتِ النيابيَّةِ الأخيرة، ملتزمينَ بالتوافقِ الوطنيِ على منظومةِ التحديث السياسي، التي شكَّلتْ مَحَطةً مَركزيةً على طَريقِ ترسيخِ النموذجِ الديمقراطي الأردني الشاملِ والمسؤول، برؤيتِهِ الاستراتيجية لمستقبلِ هذا البلد وأجيالِه القادمة، تزامناً مع مطلعِ المئوية الثانية من عمرِ دولتنا المديد.
والهدفُ الأساسُ للتَّحديثِ السياسي هو تعزيزُ دورِ هذه المؤسَّسةِ الدستوريَّةِ التي نقفُ فيها، وتدعيمُ بُنيانِها، ودورُ أحزابِها وأعضائها.
إنَّ أحدَ أهم مرتكزاتِ تطبيقِ دستورنا العتيد هو تقاسمُ المسؤولياتِ بين السلطات، ضمنَ مبدأِ الفصلِ المتوازن، والقائمِ على تكاملِ الأدوار والتعاونِ بَينهَا، وليس التَعارضَ أو التداخُلَ أو التعطيل، فكلُّنا أمامَ مَهمةٍ وطنيةٍ لا تحتملُ التأخير.
ونحنُ جميعاً، تحتَ هذه القُبَّةِ اليوم، يجمعُنا قَسَمٌ أمام ربِّ العالمينَ بالإخلاصِ والخدمةِ والأمانةِ للوطنِ والملكِ والأمة والحفاظِ على الدستور.
سعادة الرئيس،
السيدات والسادة النواب،
جاءت هذه الحكومةُ بتكليفٍ ملكي سامٍ ومُلزم؛ لنحملَ شرفَ خِدمةِ الأردنيين في مختلفِ مناطقهم، والتواجدِ بينهم، لإيجادِ الحلول وتوسِعةِ الفرص وتعزيزِ الإمكانياتِ والقدرات، والاستماعِ إلى أبناءِ وطننا وبناته في مختلفِ الميادين، ومن مواقِعِهم لا من مواقعنا فقط.
وقد بدأنا هذا النهج منذ تشكيلِ الحكومة، ومستمرون فيه ضمنَ إطارٍ مؤسسي، نبني وننفِّذُ من خلالهِ رؤىً تنمويَّةً، وبرامجَ تنفيذيَّة، تشملُ أولوياتِ العملِ والإنجاز، بالتعاون مع المجالسِ المنتخبة في المحافظات، وترتكزُ عليها برامجُ عملِنا وأولوياتِنا، وموازناتِنا القطاعية، ضمنَ الأسسِ العلميةِ الموضوعية والقدراتِ المتاحة، والإمكانياتِ المتوفرة. وهو نهجٌ نتطلَّعُ فيه كحكومة للعملِ معكم؛ لخدمةِ مجتمعاتِنا في مختلفِ أنحاءِ المملكة.
سعادةَ الرئيس،
السَّيداتُ والسَّادةُ النواب،
والحكومةُ وهي تضعُ بيانها الوزاري بين أيديكم اليوم، فلا بدَّ من التأكيدِ على جملةٍ من القِيَمِ الوطنية، التي نؤمنُ بها ونعملُ في إطارها، التزاماً وطنياً لا حيادَ عنها.
إن الأردنَّ القويَّ المنيعَ والمحصَّن هو غايتُنا وهدفُنا الأسمى، ليبقى على الدوامِ وطناً شامخاً كريماً عزيزاً بأرضِهِ وأهله.. وعَلَمَهُ هو الأعلى.. وطناً تسودُ فيهِ قيمُ الوطنيةِ والعملِ والإنجاز، وترى أجيالُ المستقبلِ فيهِ الخيرَ والعطاء، وتُرَسِّخُ في أركانِهِ تاريخَها الزَّاهر، وتبني في ساحاتِهِ مستقبلَها العظيم بإذن الله.
والدولةُ الأردنيةُ بناءٌ متواصلٌ منذ فجرِ الإِمَارَة، ومملكةٌ أردنيَّةٌ هاشميَّةٌ محصَّنةٌ بقيادةٍ حكيمة، وشعبٌ ملتفٌّ حولَ العرشِ المفدى.. مملكةٌ متمسِّكةٌ بمبادئَ لم تتغير، وعقيدةٍ لن تتحوَّل؛ فالأردنُّ أرضُ الصمودِ، في وجهِ كلِّ الصِّعابِ والصدمات التي توالتْ حولَنا طيلةَ مسيرةِ هذا البلدِ العظيم، وقد واجهناها أجيالاً فأجيال بحكمةِ قيادَتِنا الهاشميَّةِ وبعزمِ الأردنيينَ والأردنيات؛ لتُصنَعَ هذه المعجزةُ رغمَ كلِّ المُعيقات وكلِّ المُستحيلات.
والقواتُ المسلَّحةُ الأردنية – الجيشُ العربي والأجهزةُ الأمنيَّةُ الباسلة، هي صاحبةُ الفعلِ عبر تاريخٍ من البطولاتِ والتضحيات، ولجيشنا العربيِ نصيبٌ من اسمه، فهوَ الذي قدَّمَ الشهداءَ في سبيلِ الأمةِ وفلسطينَ والقدس، وهو درعُ الوطنِ وحاميه، وهو الذي أرسى من عقيدتِهِ، بالإيمان بالله.. وبالوطن.. قيمَ البذلِ والعطاءِ والتضحية، متمسكاً بمبادئِ الثورةِ العربية الكبرى انتصاراً لقوميتنا.. وحمايةً لإرثنا العربيِ الإسلامي والمسيحي من محاولاتِ المساسِ والتشويهِ والفتن.
وسيبقى الجيشُ العربيُ وأجهزتُنا الأمنية، أولَ مدارسِ تعليمِ قيم الإخلاصِ والإيثارِ والشجاعة، ولها الدورُ الكبيرُ في بناءِ الوطن والعديدِ من قطاعاتِهِ ومؤسساتِهِ طيلةَ مسيرةِ الأردنِ العزيز.
وعلى ذلك، وكما أمرنا جلالةُ القائدِ الأعلى المفدَّى؛ فإنَّ دعمَ الحكومةِ للجيشِ والأجهزةِ الأمنية، مطلقٌ وعلى رأسِ أولوياتنا، ليبقى الأردنُّ محمياً مصاناً من تقلباتِ المنطقةِ وفوضى الحروبِ العبثية، ومن أعداءِ الاعتدال والحكمةِ والعقل.
وستظلُّ فلسطينُ قضيتُنا المركزية. وسيبقى الأردنُّ السندَ لفلسطين، يقدِّمُ كلَّ ما يستطيعُ من أجلِ إنهاء احتلالِها ورفعِ الظُّلمِ والقَهْرِ عن شعبها الشقيق، وتَلبِيَةِ حقوقِهِ المشروعة، وفي مقدمتِها حقَّهُ في الحريَّةِ والدولةِ المستقلَّةِ ذاتِ السيادةِ على خطوطِ الرابعِ من حزيران لعامِ 1967 وعاصمتُها القدسُ الشرقيَّة.
وستستمرُّ المملكةُ في بذلِ كلِّ جهدٍ ممكن من أجلِ وقفِ العدوانِ الإسرائيلي على غزَّةَ وإنهاءِ الكارثةِ الإنسانيةِ هناك، وستظلُّ تتصدى للإجراءاتِ الإسرائيليةِ اللاشرعيَّةِ في الضفَّةِ الغربيَّةِ المحتلَّةِ، التي تقوِّضُ كلَّ فُرَصِ تحقيقِ السَّلامِ العادلِ والشَّامل.
ثوابتُنا راسخةٌ لا تتزحزح.. مواقفُنا صلبةٌ لا تتغيَّر.. وجهودُنا متواصلةٌ لا تنقطع، يقودها جلالةُ الملكِ عبدالله الثاني نُصْرَةً لفلسطينَ وشعبها في كلِّ المحافلِ الدولية، وكما يؤكِّدُ جلالةُ الملك دائماً:
المُقَّدساتُ الإسلاميةُ والمسيحيةُ في القدسُ خطٌ أحمر، ونقفُ بكلِّ صلابةٍ ضدَّ كلِّ محاولاتِ تغييرِ الوضعِ التاريخي والقانوني فيها.
تهجيرُ الفلسطينيينَ من وطنِهِم أيضاً خطٌ أحمر، وسنواجِهُ بكلِّ ما أوتينا أيَّ محاولةٍ لتهجيرِ الشعبِ الفلسطيني من الضفةِ الغربيةِ المحتلة.
حلُّ القضيةِ الفلسطينيةِ، في فلسطين، وسبيلُهُ الوحيدُ تجسيدُ الدولةِ الفلسطينيةِ المستقلةِ على الترابِ الوطنيِ الفلسطيني.
فلاءاتُ جلالةِ الملك واضحةٌ، ولن يكونَ الأردنُّ وطناً بديلاً لأحد.. هو وطنُ الأردنيينَ الذي سيبقى شامخاً عزيزاً قوياً بعزيمةِ شعبنا، وحكمةِ قيادتِنا الهاشميَّة.
وسيظلُّ الأردنُّ صوتَ الحقِّ والسلامِ العادل، يوظِّفُ شبكةَ العلاقاتِ الدوليةِ الراسخةِ التي كرَّسها جلالةُ الملك من أجلِ خدمةِ مصالِحنا الوطنية وقضايانا العربية والإسلامية.. يحشدُ الدَّعمَ الدَّوليَ للحقِّ الفلسطيني.. يحذِّرُ العالمَ من التَّبِعاتِ الكارثيَّةِ لاستمرارِ استباحةِ الحقِّ الفلسطيني وغيابِ آفاقِ تحقيقِ السلامِ العادلِ والشَّامل، ويدعو إلى وقفِ ازدواجيَّةِ المعاييرِ في تطبيقِ القانونِ الدولي.
كما أن علاقات الأردن الدولية قائمةٌ على الاعتدال والوسطية والتعاون، والسعيِ نحو السلام، ونبذِ العنفِ والتطرُّف، واتفاقياته مع الجميع أساسُها حفظُ مصالِحِهِ الوطنيَّةِ وأمنه واستقراره قبل كلِّ شيء.
لم يغيِّرْ الأردنُّ ثابتاً ولن يُغيِّر.. وكما أكَّدَ جلالةُ الملك في خطابِ العرش.. مستقبلُ الأردنِّ لن يكونَ خاضعاً لسياساتٍ لا تلبِّي مصالِحَهُ أو تخرُجُ عن مبادئِه.
سعادةَ الرَّئيس،
السَّيداتُ والسَّادةُ النواب،
لا بدَّ من التأكيد على أنَّ الحرياتِ العامةَ محصَّنةٌ بالحقِّ الدستوري، وعلى قاعدةِ الممارسة الوطنيَّةِ المسؤولة، وسقفُها القانون، دونَ التجاوزِ أو التعدي على الحقوقِ العامَّةِ والخاصَّة والمؤسساتِ.
وسيادةُ القانون هي الأداةُ لتعزيزِ العدالةِ الاجتماعية، وبها نحمي الحرياتِ العامة وحقوقَ الإنسان، ولذلك لا يمكنُ القبولُ بمقايضاتٍ أو سياساتٍ استرضائية، على حسابِ القانون ومصالحِ المواطنينَ وسلامتِهم وحقوقِهم.
والمسارُ السياسيُّ الذي تؤمنُ به الحكومة هو ذلك الذي يُفضي إلى تعزيزِ الحوارِ الوطنيِ حولَ أولوياتنا.. حوارٌ صادقٌ وصريح، يُعرِّفُ الاختلافَ، ويتجاوزُ تأزيمَ الخلافات، ولا يقبلُ بالحلول التسكينيَّة لمعالجةِ التحدِّيات.. حوارٌ لا إقصاءَ ولا تهميشَ فيه، يقبلُ الآخر، ويبني التوافقاتِ الممكنةَ ضمنَ برامِجِنا الوطنية، بالاستنادِ إلى المعلومةِ والحقيقةِ والواقعية، مبتعدينَ عن التأجيجِ الانتهازي، والتحشيدِ غير المسؤول.
وسيكون هذا نهجُنا في العلاقةِ معِ الكُتَلِ الحزبية في مجلسِكم الكريم، وكذلك مع القوى السياسيةِ دونَ استثناء.. علاقةٌ عِمادُها مصلحةُ الأردنِ والأردنيين.
سعادةَ الرئيس،
السَّيداتُ والسَّادةُ النواب،
الشأنُ الوطنيُ هو مسؤوليتُنا الأولى، وعليه، فإنَّ برنامجَ الحكومة، هو المُضيُّ بعزمٍ في التحديثِ الشاملِ سياسياً واقتصادياً وإدارياً؛ لأنَّه مشروعُ الدولةِ للمستقبل.. وقد بُنِيَ بالتوافقِ الوطني، والرؤيةِ الواضحةِ التي تحتاجُ إلى جهودٍ استثنائيةٍ حقيقيةٍ لتنفيذها وتطويرها والبناءِ عليها.
وقد شكَّلتْ الانتخاباتُ الأخيرةُ مرحلةً مهمة في تحقيقِ أهدافِ التحديثِ السياسي، واستفتاءً على نجاحِه، رغمَ الأزماتِ التي تحيطُ بنا، وهي خطوةٌ أولى للمُضيِّ في مراحلِ المشروعِ التَّحديثي لتشكيلِ البرلماناتِ الحزبية خلالَ العَقدِ المقبل.
وها نحنُ نشهدُ ولأولِ مرةٍ في تاريخِ مجالسِ النواب هذا الحجمَ لتمثيلِ المرأة، ما يضعُنا أمامَ مسؤوليةِ توسيعِ حضورِها في كلِّ المؤسساتِ والقطاعات، وتمكينِ دورِها في سوقِ العمل وفي المجالِ الاقتصادي كما السياسي والمجتمعي.
والحكومةُ مكلفةٌ بتهيئةِ البيئةِ لضمانِ تقدُّمِ مسارِ التحديثِ السياسي، وسَنحرِصُ على علاقةِ تعاونٍ أساسُها الدستور مع مجلسِ الأمّةِ والأحزاب، وإدامةِ قنواتٍ للتّواصل معَ جميعِ الكتلِ النيابية، واحترامِ دورِ الأحزاِب المحوري في عمليَّةِ التَّحديث؛ لِبِناءِ حياةٍ حزبيّةٍ برامجيّةٍ ضمن الرُّؤية الملكيَّةِ السَّامية.
سعادةَ الرئيس،
السَّيداتُ والسَّادةُ النواب،
وكما تعهدنا في الردِّ على كتابِ التَّكليف السَّامي، نلتزمُ خلالَ العام المقبل بإطلاقِ حوارٍ وطنيٍ لمراجعةِ التَّشريعاتِ النَّاظمة لعمل البلديَّات ومجالس المحافظات تحضيراً للانتخاباتُ المقبلة.
وسيتمُّ ذلكَ بالاستنادِ لمخرجاتِ اللَّجنةِ الملكيَّةِ لتحديثِ المنظومةِ السياسية والتوصياتِ ذات العلاقة، وبما يضمنُ توسيعَ صلاحيَّات هذه المجالس ويمكِّنَها من القيامِ بمسؤوليَّاتها مع وضعِ آليَّاتٍ للرَّقابةِ والتَّقييمِ؛ فلا صلاحيَّاتٌ دونَ مساءلة، وبما يضمنُ أفضلَ الممارساتِ التي تخدمُ أولويَّات المواطنين وتعزِّزُ مشاركتهم.
وبموازاةِ ذلك، ستتخذُ الحكومةُ الإجراءاتِ اللازمة لحوكمةِ قطاعَ الإدارةِ المحليَّةِ، ورفعِ كفاءةِ كوادرها، وأتمتةِ الخدماتِ لتحسينِ خدماتها الضروريَّةِ للمواطنين.
ومن ناحيةٍ أخرى، فقدْ بدأنا منذُ الأسابيعِ الأولى لهذهِ الحكومةِ بعقدِ لقاءاتٍ مع النقاباتِ المهنية، فهي بيوتُ خبرةٍ وكفاءةٍ وطنيةٍ عريقة، ساهمتْ في مسيرةِ بناءِ الوطن، ونحنُ حريصونَ على تمكينِها في إطارِها المهني، والاستفادةِ من خِبراتِها وتجاربِها في برامجنا وخططِنا ومشاريعِنا الحاليةِ والمستقبلية؛ لنكونَ شركاءَ في تعزيزِ قدراتِ قطاعاتِنا المختلفة وتنافسيتها.
سعادةَ الرئيس،
السَّيداتُ والسَّادةُ النواب،
تلتزمُ الحكومةُ بدعمِ الجهازِ القضائي وتعزيزِ استقلاليتِهِ ورفدِهِ بكامل الإمكانيات؛ من خلال تطويرِ البُنى التحتيةِ والفنيةِ في المحاكم، ورفدِها بما يلزمُ من كوادرَ بشريةٍ وموظفينَ مؤهلين، والمضي قدماً في رقمنةِ إجراءاتِ التقاضي، والتوسُّعِ في تطبيقِ إجراءاتِ المحاكمة عن بُعد والربطِ الإلكتروني مع الجهاتِ ذات العلاقة.
كما تسعى الحكومةُ، وبالتعاون مع المجلس القضائي، إلى إجراءِ كلِّ ما يلزمُ للتوسُّعِ في تطبيقِ العقوباتِ البديلةِ عن العقوباتِ السالبةِ للحرية، من خلال الخدمةِ المجتمعية وتوسعةِ برامجها.
ولذلك، ستقدِّمُ الحكومةُ مشروعَ قانونٍ معدِّلٍ لقانونيّ العقوبات وأصولِ المحاكماتِ الجزائية؛ للتوسُّعِ في حالاتِ اللجوءِ إلى الخدمةِ المجتمعية كبديلٍ عن العقوباتِ السالبةِ للحرية، بالإضافةِ إلى إرساءِ مبدأِ العدالةِ التصالحية، لتعزيزِ فُرصِ التَّصالحِ بينَ أطرافِ الدعوى ضمنَ إطارِ سيادةِ القانون.
سعادة الرئيس
السيدات والسادة النواب،
إنَّ تنفيذَ رؤيةِ التَّحديثِ الاقتصادي أساسٌ وضرورةٌ لتعزيزِ الاستقرار والأمنِ المجتمعي، وتأمينِ حياةٍ كريمةٍ وفرصٍ عادلةٍ للأردنيينَ كافَّة، وضمانِ مستقبلِ الأجيال القادمة. ونجاحُ تنفيذِ الرؤية الاقتصاديِّةِ أساسٌ في تعزيزِ دورِ الأردنِّ المستقلِّ بقراره، والمحوري في استقرارِ منطقتنا.
ولا مجالَ أمامَنَا للتباطؤِ أو التردُّدِ، أو إعادةِ إنتاجِ الخططِ وتأجيلِ القرارات؛ لأنَّ الوقتَ يداهمُنا، ولا بدَّ أن نقدِّمَ فرصاً حقيقيةً لتوسِعَة قطاعتِنا الاقتصادية، لنضمنَ مستقبلاً كريماً لكلِّ شابٍّ وشابة، وفرصَ عملٍ تُحقِّقُ طموحاتِهِم.
ولذلك فإنَّ الحكومةَ والقطاعَ الخاصَ اليوم أصحابُ مشروعٍ واحد فيما يتعلَّقُ بتنفيذِ هذه الرؤية. ولنتذكَّرَ أنَّ القطاعَ الخاصَ الأردني شيَّدَ طيلةَ مسيرةِ الدَّولة المؤسَّساتِ والمصانعَ والشركاتِ التي ساهمتْ في تمتينِ أركانِ الاقتصادِ الوطني، ودورُنا حمايتُهُ وتمكينُهُ بالقرارات الداعمةِ والتشريعاتِ المستقرَّة والمحفِّزة، ليقودَ مسيرةَ البناءِ والتنميةِ الاقتصادية، وليكونَ الشبابُ ثروتَنا الأولى والأعظمَ والموردَ الأهمَ لاقتصادِ المستقبل.
ومنذُ تشكيلِ هذه الحكومة، اتَّخذنَا مجموعةً من القراراتِ البسيطةِ والضَّروريَّةِ للتخفيفِ عن المواطنين، وتحريكِ عجلةِ الاقتصاد، وتقديمِ حلولٍ لقضايا تخدمُ المستثمرينَ والمواطنينَ، من بينها: إعفاءاتٌ وتسوياتٌ ضريبيَّةٌ وجمركيَّةٌ واسعة، ومجموعةٌ من الإجراءاتِ التحفيزيةِ الجديدة لتنشيطِ قطاعِ العقار، ودعمُ قطاعاتٍ حيويةٍ مثلَ: الزراعةِ والصناعةِ والسِّياحةِ والمشاريعِ الصغيرةِ للشبابِ والمرأة.
وبموازاةِ ذلك، فإنَّ الحكومةَ مؤمنةٌ بضرورةِ رفع الحدِّ الأدنى للأجور مع مراعاة نسبةِ التضخُّم للأعوام السَّابقةِ؛ وذلك من أجلِ تمكينِ ذوي الدَّخل المحدودِ وزيادةِ جاذبيَّةِ فرصِ العملِ، والحفاظِ على تنافسيَّةِ قطاعاتنا الإنتاجيَّةِ كذلك.
وسنستمرُّ على هذا النهجِ في قرارتِنا، التي كان جزءاً منها نتيجةَ تواصُلِنا الميداني مع المواطنينَ والمزارعينَ ورجالِ الأعمالِ والشَّباب، والآخرَ جاءَ مكمِّلاً لما بدأتْ بهِ الحكوماتُ السَّابقة، واستكمالاً لسياساتٍ مستقرَّةٍ نبني عليها، ورؤيةُ تحديثيَّةٍ تُحدِّدُ مسارَنا.
سعادةَ الرَّئيس،
السَّيداتُ والسَّادةُ النواب،
تتابعُ الحكومةُ يومياً جدولَ تنفيذ المشاريعِ الكُبرى التي تُشكِّلُ رافعاً حقيقياً للنموِ والتنمية وتوفيرِ الفرصِ الاقتصادية والتشغيلية.
وعلى رأسِ هذهِ المشاريع، الناقلُ الوطنيُ للمياه، الذي يُعَدُّ ثالثَ أكبرِ مشروعٍ مائيٍ في المنطقة، فالحكومةُ ماضيةٌ في تنفيذِ مراحلِه، وسيتمُّ السيرُ في إجراءات توقيعِ اتفاقيةِ الإغلاقِ المالي للمشروعِ العام المقبل، ليبدأَ التَّنفيذَ قبل نهاية العام بعونِ الله؛ على أنْ يُنجزَ بعدَ أربعِ سنواتٍ، بهدف تأمينِ 300 مليونِ مترٍ مكعبٍ من المياه المُحلَّاةِ من العقبة، تعزيزاً لأمننا المائي.
وبالتوازي مع ذلك، مستمرونَ بالعملِ على تحسينِ كفاءة استخدامِ المواردِ المائية، وتقليلِ نسبةِ الفاقد من المياه وصولاً إلى توفير 5 – 7 مليون متر مكعب سنوياً خلالَ السنوات الأربع المقبلة.
وستشهدُ مشاريعُ الحَصَادِ المائي والحفائر خلالَ العامين المقبلين توسُّعاً بإنشاءِ حفائرَ وسدودٍ ترابيةٍ بسعةِ مليون و250 ألف متر مكعب، وكذلك آبارٍ تجميعيةٍ لمياه الأمطار في محافظات الجنوب للوصول إلى توفير 3 ملايين متر مكعب خلال السنوات الأربع المقبلة.
ونعملُ على التوسُّعِ في مشاريعِ وخدماتِ الصرفِ الصحي من خلال تنفيذ وتأهيل ثمانيةَ عشرَ مشروعاً لهذه الغاية، في مختلفِ محافظات المملكة، بدءاً من العام المقبل ولمدَّة أربع سنوات، وبكلفٍ تصل إلى 280 مليون دينار، بالإضافةِ إلى تأهيلِ وبناء محطات تنقيةِ مياه عادمة جديدة وبكلف تتجاوز 350 مليون دينار، حيث من المتوقَّعِ أن ترتفعَ كميَّاتُ المياهِ المعالجةِ نتيجة التوسُّع في خدماتِ الصَّرفِ الصحِّي خلال السَّنوات الخمسِ المقبلةِ لتصل إلى 260 مليون متر مكعب.
سعادة الرئيس
السيدات والسادة النواب
أما مشروعُ سكك الحديد الوطنية التي ستربطُ ميناءَ العقبة بمناجم الفوسفات في الشيديَّة البري من جهة، ومنطقة غور الصافي ومصانع البوتاس من جهةٍ أخرى، فيهدف إلى تعزيز تنافسيةِ ميناءِ العقبة وصناعتنا، وفتحِ مجالاتٍ تنموية في الأغوار ومحافظتي معان والعقبة، كمرحلةٍ أولى.
ونعملُ على ربطِ ميناءِ مَعان البرِّي بشبكة السِّككِ للعقبة كذلك، وإعادةِ هذا المشروعِ التَّنموي لمسارهِ الذي توقَّفَ قبلَ أعوام، وهو مشروعٌ تنمويٌ على رأسِ أولوياتنا اليوم.
وبخصوصِ النقل العام، فإنَّ الحكومةَ تعملُ على مشاريعَ حيويةٍ لتحسين البنية التحتية لهذا القطاع وتسهيلِ حركةِ التنقُّل الآمن والمريح للمواطنين.
وفي هذا الصدد، نعملُ على زيادة مسارِ حافلاتِ التردد السريع، الذي نجحَ نموذجُهُ في عمَّانَ والزرقاءَ ليشملَ مساراتٍ أخرى في العاصمة، فضلاً عن إجراء دراساتٍ ستُنجَزُ مطلعَ العامِ المقبلِ لمشاريعَ استراتيجيَّةٍ في هذا المجال، لرفعِ سويَّةِ النَّقلِ العام بين العاصمة والمحافظات، وسيُعلنُ عنها خلالَ الأشهرِ المقبلة.
سعادة الرئيس،
حضرات النوَّاب،
وبالنسبةِ لقطاعِ التعدين ومشاريعِ الطاقةِ المتجدِّدةِ والخضراء، فإنَّها تشكِّلُ مِحوراً حيوياً في الرؤيةِ الاقتصادية، والحكومةُ ملتزمةٌ بتسريعِ هذه المشاريع، مثلما تعملُ على تعزيزِ استخداماتِ الطَّاقةِ البديلة في القطاعينِ التجاري والصناعي.
ونعملُ على استكمالِ الدراسات الخاصة بإنتاجِ الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء خلال العامين المقبلين، وإعدادِ خارطةِ طريقٍ لاستخدامِهما وإنتاجِهما، بالتوازي مع متابعةِ مذكرات التفاهم الموقَّعةِ مع شركاتٍ إقليمية وعالمية لاستكمالِ تنفيذِ هذه المشاريع.
وبرامجُنا الحاليةُ تتضمنُ البدءَ بطرحِ عطاءاتٍ لتنفيذِ مشاريعَ للطاقة الشمسية باستطاعة 200 ميجاواط عام 2026، و100 ميجاواط لطاقةِ الرياح عام 2027، وهدفُنا أن ترفعَ هذه المشاريعُ استطاعةَ أنظمةِ الطاقة المتجدِّدةِ إلى 3000 ميجاواط في نهاية عام 2027، وتشكل ما نِسْبَتَهُ 28 بالمئةِ في انتاج الكهرباء.
وقد بدأنا بأعدادِ قانونٍ جديد للغازِ الطبيعي يتناسبُ مع التطوراتِ العالمية في هذا المجال سنقدمه لمجلسِكم الكريم العام المقبل.
والحكومةُ تبذلُ جهوداً، ضمنَ المواردِ المتاحةِ، للتَّنقيبِ عن الغازِ والنفطِ والثَّرواتِ الطبيعية، في مختلفِ مناطقِ المملكة، خصوصاً في حقلِ الريشة، وقد أعلنَّا في وقتٍ سابقٍ أنَّ كمياتِ الغازِ الموجودةِ فيهِ تدعو للتفاؤلِ، وسنعملُ على توجيهِ ما يلزَمُ من استثمارٍ لاستغلالِ هذهِ الكميَّاتِ خلال السَّنوات الأربعِ المقبلة لمضاعفَةِ الإنتاج؛ لدعمِ قطاعاتِنا الصِّناعيَّةِ، وقطاعِ الطَّاقةِ، في إطارِ الجدوى الاقتصاديَّةِ والنَّموذجِ الأمثلِ لذلك.
ولجهةِ دعمِ الصناعةِ الوطنية، سننهي العملَ في مشروعِ إيصالِ الغاز الطبيعي لمنطقةِ القويرة الصناعية العامَ المقبل، على أن نبدأ العملَ في العام ذاتِهِ على تنفيذِ مشروعِ إيصالِ الغازِ الطبيعي لمدينتيّ الروضة في معان والموقَّر الصناعيتين والانتهاءِ منهُ في عام 2027، حيثُ من المتوقَّع أنْ يضاعفَ ذلكَ عددَ المصانعِ التي ستنشَأُ للاستفادة من هذه الميزة.
كما سنستمرُّ بالعملِ على إيجادِ حلولٍ تمكِّنُنا من تخفيضِ كُلَفِ الطَّاقةِ للمناطقِ التنمويَّةِ والصِّناعيَّةِ في المحافظات، والتي بدأنا بمعالجةِ بعضها.
ونعملُ حالياً لتوقيعِ 4 اتفاقياتٍ تنفيذيةٍ لاستغلالِ خاماتِ النحاسِ والذهبِ والفوسفات والعناصرِ الأرضية النادرة تمتدُّ حتى نهاية عام 2027.
سعادة الرئيس،
السَّيداتُ والسَّادةُ النواب،
إن القطاعَ السياحيَ هو أحدُ أكبرِ القطاعات الرافدةِ للاقتصاد الوطني والمولِّدةِ لفرص العمل للأردنيين، وقد أثبتَ منعتَهُ ومرونتَهُ العالية رغم الأزمات في السنواتِ الأخيرة.
وجهودنا منصبَّةٌ ليستعيدَ هذا القطاعُ عافيتَهُ، واغتنامَ الفرصِ التي يوفِّرُها، وزيادةَ نِسَبِ مساهمتِهِ في الناتجِ المحلي الإجمالي من 13.3 بالمئة حاليَّاً لتصلَ إلى 15 بالمئة، على الأقل، بحلولِ عام 2029.
والحكومةُ ملتزمةٌ بدعمِ هذا القطاعِ والمتضررينَ من الفئاتِ والمناطقِ الأشدِّ تأثُّراً بالانخفاضِ الذي شَهِدَهُ وضِمن إمكانيَّاتِنا، والاستمرارِ في برامجِ تحفيز الطيران المنتظم والمنخفضِ التكاليف والعارض خلال العام المقبل.
وتعملُ الحكومةُ على تطويرِ المنتج السياحي وتنويعِهِ من خلالِ التركيزِ على أنماطِ السياحةِ المختلفة، واستهدافِ أسواقٍ جديدة. واتخذتْ الحكومةُ قراراتٍ لتنشيط السياحةِ العلاجية، وسنتوسَّعُ في هذهِ الخطوات لفتحِ أسواقٍ جديدة في العالم.
وبأملِ أن تشهدَ المنطقة انفراجاً واستقراراً خلال العام المقبل، فإن هذه الجهودَ تستهدفُ استقبالَ خمسة ملايين ونصف المليون سائح، وتحقيقَ إيراداتٍ في الدخلِ السياحي بقيمة خمسةِ ملياراتٍ و500 مليون دينار، بإذنِ الله.
ولتعزيزِ مواقعنا السياحية بمرافقَ إضافية، فإنَّنا سنقومُ العامَ المقبلَ ببدءِ تنفيذِ مِرفَقٍ سياحي جديدٍ وجاذب في مدينةِ جرش الأثريَّة، حيث ستقوم الحكومة بالتَّعاون مع الجمعيَّةِ الملكيَّةِ لحمايةِ الطَّبيعةِ بإنشاءِ منتجعٍ بيئي متكامل المرافق سيُنجَزُ في عام 2026 ويضمُّ فندقاً بيئياً ومرافقَ للعائلات على مساحة 210 دونمات، ويبرِزُ هويةَ المنطقةِ وطبيعتها الفريدة. كما يتمُّ الآن بناءُ فندقٍ سياحي مميَّز في منطقة أم قيس، وتطويرُ مشروعِ موقع مشهد معركة مؤتة في المزارِ الجنوبي ليسردَ للأجيالِ والعالم تاريخَنا وتراثَنا الإسلاميَّ الرَّاسخ.
سعادةَ الرئيس،
السَّيداتُ والسَّادةُ النواب،
إنَّ ما نعملُ عليه لتطويرِ قطاعِ تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، يستهدفُ البناءَ على ما حقَّقهُ هذا القطاعُ من إنجازاتٍ وصدارةٍ ميَّزت الأردنَّ وكفاءاتِهِ في المنطقةِ والعالم خلال العَقدينِ الماضيين، بفضلِ رؤيةِ جلالةِ الملكِ المبكِّرةِ لهذا القطاع.
والحكومةُ تعملُ على تعزيزِ نموِّ هذا القطاع بمعدَّلٍ سنوي يصلُ إلى 13 بالمئة؛ لزيادةِ مساهمته في الناتجِ المحلي الإجمالي من 2.9 بالمئة وصولاً إلى 4.7 بالمئة بعد خمسِ سنوات.
واتخذتْ الحكومةُ قراراً يمتدُّ لعشرة أعوامٍ لإعفاءِ أرباح الصادرات لخدماتِ قطاعِ تكنولوجيا المعلومات من ضريبةِ الدخل، كما وتستمرُّ الحكومةُ بمنحِ مجموعةٍ من الحوافزِ الضريبية للشركاتِ المستثمِرةِ فيه، تتضمنُ إعفاءَ خدماتِها من ضريبةِ المبيع