مرايا – رفضت مصادر أردنية رسمية ما تسرب من تصريحات لمصادر إسرائيلية تؤكد فيها ان إسرائيل “لن تحاكم” حارس أمن السفارة الإسرائيلية في عمان، الذي قتل مواطنين اردنيين في تموز (يوليو) الماضي كما تطالب المملكة منذ فترة طويلة.
وفيما أكدت المصادر الرسمية أمس، أن الحكومة الإسرائيلية “التزمت للأردن بتطبيق الإجراءات القانونية على القاتل لحين تحقيق العدالة”، رأى خبيران في القانون الدولي ان ثمة خيارات قانونية وسياسية أمام الأردن في حال لم تلتزم إسرائيل بالاتفاق، من بينها اللجوء الى محكمة العدل الدولية لمقاضاتها لتخلفها عن الالتزام بالاتفاق.
وكانت وكالة أنباء “رويترز” نقلت أول من أمس عن مصدرين إسرائيليين قولهما إن إسرائيل “لن تحاكم” حارس أمن السفارة الإسرائيلية في عمان، الذي ارتكب جريمة قتل المواطنين الاردنيين محمد الجواودة
و الد كتور بشار الحمارنة.
الا ان مصادر رسمية اردنية اكدت أن الحكومة الإسرائيلية “التزمت للأردن بتطبيق الإجراءات القانونية على القاتل لحين تحقيق العدالة”.
وذكر مصدر دبلوماسي إسرائيلي، بحسب ما نقلت وكالة “رويترز”، أن وزارة الخارجية وجهاز الأمن الداخلي (شين بيت) الإسرائيليين، سيراجعان البروتوكولات الخاصة بتصرفات الحارس وسلوكه “ويطلعان الأردنيين على النتائج”.
في هذا السياق، أكد الخبيران الاردنيان في القانون الدولي انيس القاسم وغسان الجندي أن الأردن “حقق على الاقل مطلبين اثنين في الاتفاق الثنائي الذي وقعه مع إسرائيل حول تقديم الأخيرة اعتذارا وتعويضا ومحاكمة قاتل المواطنين”.
وأشارا في حديثين امس، إلى أن ما تزعم به إسرائيل أنها لم تعتذز وإنما اعربت عن الاسف “هو أمر مغلوط “، وأكدا في ذات الوقت أن الشرط الأخير الذي عليه أن يتحقق هو محاكمة قاتل السفارة، وان على الأردن أن يتابع هذه الإجراءات القضائية في إسرائيل للتأكد من إتمامها.
وقال القاسم ان إسرائيل “لبت في رسالتها للحكومة الأردنية مطلبين اثنين من المطالب الثلاثة الرئيسية وهي الاعتذار والتعويضات مع بقاء شرط ملاحقة المتهمين قضائيا واتخاذ الإجراءات بحقهم”.
وأضاف أن هناك تعويضات “تُدفع للحكومة ولا تُدفع للأفراد مباشرة، لأن الدولة الأجنبية لا تخاطب مواطني دولة أخرى من فوق رأس حكوماتهم”.
وتمنى القاسم على الحكومة الأردنية نشر الرسالة الإسرائيلية بالاتفاق كما وردت، لافتا الى أن “الأردن يحق له مراقبة مدى تنفيذ إسرائيل للشرط الثالث، لأن الرسالة الواردة من الحكومة الإسرائيلية تتعهد بمواصلة ذلك، وهذا تعهد تستطيع الحكومة الأردنية ان تلزم إسرائيل به لأنها رسالة رسمية ولا تستطيع حكومة نتنياهو التحلل مما ورد فيها، وإلا فإنها أمام مسؤولية قانونية دولية عليها تحمل تداعياتها”.
وأكد القاسم أن هناك “خيارات أردنية” في حال لم تلتزم إسرائيل بالاتفاق، حيث أنه من الناحية الدبلوماسية، فإن بإمكان الأردن أن “يشهِّر بأن إسرائيل دولة لا تلتزم بتعهداتها ولا تحترم إلتزاماتها”، وإذا أرادت الحكومة الأردنية أن تسير بالمسألة إلى مداها الأقصى “فلها الحق بالذهاب إلى محكمة العدل الدولية لمقاضاتها لأن البلدان طرفان في المحكمة”.
بدوره، أكد الدكتور الجندي، أن الاتفاق “حقق رضا للأردن على صعيدين اثنين، وهما “التصدي لانتهاك سيادة الأردن وتعويض أسر الضحايا”.
وقال الجندي أنه على صعيد إصلاح الضرر الذي لحق بالسيادة الأردنية نتيجة اغتيال المواطنين الأردنيين “فإن الاعتذار هو نمط طبيعي لإصلاح الضرر، وهذه الفكرة وردت في المادة 12 من مشروع لجنة القانون الدولي حول المسؤولية الدولية، كما وردت في حكم التحكيم بين فرنسا ونيوزيلندا العام 1986 في قضية “قوس القزح””.
ولفت إلى أن الأردن حقق مطالبه مبدئيا، “أما في شرط تعويض عوائل الشهداء، فيبدو أن إسرائيل تعهدت بالتعويض الذي يجب أن يكون شاملا للخسائر المادية والمعنوية الناتجة عن التصرف غير المشروع”، مبينا أن من الأمثلة عن إصلاح الضرر، حكم محكمة العدل الدولية في قضية مصنع “شاروف” بين بولندا وألبانيا العام 1926 والذي أوضح أن الدولة المقصرة يجب أن تعوض الأشخاص الأجانب الذين لحقت بهم أضرار.
وفيما يتعلق بتقديم القاتل للمحاكمة، أكد الجندي أن إسرائيل “ملزمة بتقديم هذا الحارس القاتل إلى القضاء”، وإن لم تقدمه، فستكون مسؤولة بموجب القانون الدولي عن عدم قيامها بملاحقة المجرم الذي تسبب بأضرار لأشخاص أجانب، وهذه الفكرة أكد عليها المُحكِّم في قضية الخسائر التي تعرض لها المواطنون الإنكليز في المغرب الإسباني العام 1927 وهي فكرة موجودة في مشروع لجنة القانون الدولي حول المسؤولية الدولية بفعل الأعمال التقصيرية.
وحول الخيارات الأردنية، في حال عدم تقديم القاتل الإسرائيلي للمحاكمة، شدد الجندي على أن هناك العديد منها “أحدها يكمن في مقاطعة اقتصادية وتجارية لإسرائيل. وأكد أن هناك إجراء آخر، يتجلى في عدم تجديد عقود الإيجار لمجموعة من الأراضي في منطقة الباقورة والتي تنتهي مدتها في 2019، لافتا إلى أن هناك جملة من الخيارات الأخرى التي لا يجب عدم الإفصاح عنها حاليا لتركها عنصرا مفاجئا لإسرائيل.