مرايا – شؤون عالمية – لم يجد الشاب أيمن ح (22 عاماً) سوى الحدود الشرقية سبيلا بعدما تمكن اليأس منه، وفقد الأمل بحياته، بسبب الحصار المستمر وقلة فرص العمل والفقر والمشاكل الاجتماعية التي يعيشها في غزة، ليفر هاربًا ويتسلل عبر السياج الحدودي لمدينة بيت حانون شمال قطاع غزة.
وعن الأسباب التي دفعته إلى ذلك يقول الشاب : ” انتهيت من الثانوية العامة بتقدير جيد، ولكن بسبب ظروف أسرتي الصعبة لم أتمكن من الالتحاق في إحدى الجامعات لاستكمال دراستي، وهو ما دفعني إلى العمل في عمر مبكر، في العديد من المهن”.
ورغم أن الشاب يعلم خطورة الأمر الذي فعله إلا أنه لم يتردد للحظة للذهاب إلى هناك، خاصةً بعد اعتقاله في سجون حركة حماس بقطاع غزة بسب تراكم الديون عليه، وحينها لم يجد أي فرصة عمل، وهو ما دفعه للخروج أحيانا للتسول، حتى يوفر قوت يومه.
ويضيف عانيت من مشاكل عديدة مع عائلتي حتى أن أبي قام بطردي من البيت مؤخرًا، ولم أجد مكان أبيت فيه سوى الشارع، الذي لم يعد يقبل بوجودي، لذلك قررت الهروب إلى الحدود الشرقية، فحتى لو مت وقتلوني، لم يعد الأمر يعنيني فأنا لا أشعر بالحياة.
وتابع الشاب بعدما اجتزت السلك الحدودي، اعتقلتني قوات الاحتلال الإسرائيلي في الساعة الثالثة فجرًا، و أخذوني إلى التحقيق قرابة اليومين، وبعدها أعادوني إلى القطاع مرة أخرى، لأني لم أتعاطي معهم، ولم يجدوا مني أي استفادة تخبرهم بمعلومات عن القطاع.
ازداد بالفترة الأخيرة ظاهرة تسلسل الشباب عبر الحدود الشرقية في المنطقة العازلة التي تقدر بمسافة الـ300 متر، للوصول إلى إسرائيل، وأراضي الـ48 التي تقع تحت سيطرة الاحتلال الاسرائيلي.
سالم محمد (26 عامًا) اسم مستعار لشاب آخر من الذين تسللوا عبر السياج الفاصل مع قطاع غزة جنوبًا، حاول الهروب عدة مرات إلى إسرائيل لكنه فشل، لأن الجهات الأمنية الفلسطينية أخفقت ذلك، وقامت باعتقاله في سجونها لأشهر حتى لا يكرر فعلته مرة أخرى.
يروى قصته قائلًا: ” لا أرى لوجودي في قطاع غزة أي لزوم، فلا عمل، ولا حياة، ولا أحد يهتم لحال الشباب والجميع يهتم بشؤونه الخاصة، كنت أخطط للعمل في إحدى مناطق النقب، واصرف على عائلتي وأتزوج لكني لم أجتاز الحدود وفشلت”.
ويضيف أنهيت دراستي الجامعية منذ أكثر من خمسة أعوام، ولم أجد أي فرصة عمل، ناهيك عن الضغوط النفسية والاجتماعية التي أعيشها في قطاع غزة فالجميع متفق علينا”.
ويتابع في كل مرة تقوم الأجهزة الأمنية في غزة باعتقالي وارجاعي أقول لهم وفروا لي فرصة عمل كريمة حتى اعيل نفسى، فقد وصل بي الحال إلى الانتحار حتى أتخلص من الحياة وهمومها.
ووفقاً لموقع “واللا” العبريّ، فقد وصل عدد المتسلّلين إلى إسرائيل من غزّة في عام 2017 إلى 60 متسلّلاً، ومنذ بداية العام الجاري، تمّ تسجيل ثماني حالات تسلّل.
ويقول سمير زقوت، منسق وحدة البحث الميداني في مركز الميزان، “إن ارتفاع عدد المتسللين يرجع إلى عوامل عدة، أبرزها المشاكل العائلية داخل الأسرة، وضيق الحال وحالة الحصار، وما له من تبعات اقتصادية ونفسية، وانتشار ظاهرة البطالة، والفقر” .
وأضاف زقوت إن ضعف الوازع الأخلاقي والأمني للعديد من الحالات التي حاولت الهروب أحد أهم الأسباب التي تدفع الشباب للتوجه عبر السياج الفاصل، رغم أنهم يدركون مدى الخطورة التي ستواجهم، فإما القتل أو الاعتقال..
ونوه إلى أن تزايد أعداد المتسللين من غزة يشكل ناقوس خطر على الحالة الفلسطينية، خصوصاً من النواحي الأمنية، حيث يمكن استغلالهم من قبل جهاز الشاباك الإسرائيلي لضرب غزة أمنياً، رغم أن جزءاً كبيراً منهم يرى في التسلل للجانب الإسرائيلي مخرجاً من واقع الفقر والبطالة الذي يعيشه قطاع غزة.
وبدورها قالت وزارة الداخلية في قطاع غزة على لسان الناطق باسمها إياد البزم : ” على مدار السنوات الماضية وضعت وزارة الداخلية العديد من الإجراءات للحدّ من عمليّات التسلّل، ومن أهمها زيادة عدد النقاط الأمنية على الحدود، وتكثيف دوريات قوات الأمن الوطني في المنطقة الحدودية، أضافة إلى تشكيل حملات توعية للشباب حول خطورة هذا الأمر من كل النواحي، مؤكداً أنهم بهذا الفعل يزهقون أرواحهم دون فائدة”.
وبين البزم أن أعمار هؤلاء المتسللين عبر الحدود الشرقية للقطاع تتراوح ما بين 25-17 عامًا، وهم من فئة الشباب، الأكثر تأثرًا بالأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي تواجه قطاع غزة بسبب الحصار.
وأوضح البزم أن وزارة الداخلية تقوم بمتابعة جميع الشباب الذين حاولوا التسلل، وتم اعتقالهم وتوقيفهم لدى إسرائيل، منوهاً إلى أننا نتخذ بحقهم العديد من العقوبات والإجراءات كالاعتقال أو دفع غرامات مالية، بهدف الحد من هذا الأمر . امد