مرايا – شؤون عالمية – نشرت صحيفة “التايمز” مقالا للمعلق روجر بويز، يقول فيه إن هجوم الحلفاء على أسلحة نظام بشار الأسد الكيمياوية لا يمثل شيئا مقارنة بالنزاع القادم.
ويقول بويز: “شخت وأنا انتظر الحرب العالمية الثالثة، من خريف عام 1962 إلى ربيع عام 2018، حيث بدت المعركة الأخيرة (أرمجدون) قريبة، إلا أن الأسبوع الماضي لم يكن مختلفا، حيث كان يتحرك نحو الكارثة، وانتظرت أن يحدث خطأ في الهجوم الجوي الذي قادته الولايات المتحدة داخل المجال الجوي الذي تسيطر عليه روسيا، وبدلا من ذلك لم يقتل أحد، وحصل بشار الأسد على صفعة في يده، التي يرتدي عليها ساعته الروليكس؛ لأنه استخدم الغاز السام ضد المدنيين”.
ويستدرك الكاتب في مقاله بأن “الحرب الكبيرة قادمة، وأنا متأكد هذه المرة، فالملاكمة التي جرت في الظل بين إيران وإسرائيل خرجت للعلن، ومن العادة ألا تقوم إسرائيل بالاحتفال بانتصاراتها، مثل فيروس (ستكسنيت)، الذي أصاب أجهزة الطرد المركزية الإيرانية عام 2010، وفي المقابل تعمل إيران من خلال جماعات وكيلة، تمويلا وتدريبا وتسليحا، مثل حركة حماس وحزب الله”.
ويجد بويز أن “القفازات نزعت على ما يبدو، بعد الغارة بطائرة الدرون التي أطلقها الإيرانيون من الأراضي السورية في شهر شباط/ فبراير، فقبل أيام من الغارة الأمريكية البريطانية الفرنسية على منشآت للسلاح الكيماوي، اخترقت المقاتلات الإسرائيلية المجال الجوي اللبناني، وقامت بتوجيه ضربة على قاعدة عسكرية في محافظة حمص، التي تبعد 130 ميلا عن مرتفعات الجولان، وتعد واحدة من القواعد المتقدمة التي أقامتها إيران في داخل سورية”.
ويشير الكاتب إلى “ما جرى في الأيام الأخيرة، التي شهدت هديرا غريبا، وانتشرت شائعات من سورية، وهي أن إسرائيل قامت بضرب أهداف، بالإضافة إلى قصص غريبة وانفجارات غريبة، وتلميحات من تعرض سورية إلى هجوم إلكتروني، وبكلمات واضحة يشعر الأسد بالعصبية من عقد صفقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، تطلق يد رئيس وزرائها للتحرك بحرية في سورية ضد إيران”.
ويعتقد بويز أن “أمرين تغيرا في الفترة الأخيرة بشكل يجعل من سيناريو الحرب الشاملة أمرا حقيقيا؛ الأمر الأول: يقوم الحرس الثوري الإيراني ببناء قواعد عسكرية دائمة؛ تحسبا للانسحاب الأمريكي، فيما تتم تعبئة المليشيات الشيعية، التي يجند أفرادها من الشيعة الأفغان والباكستانيين مقابل 800 دولار في الشهر، ووعود بالحصول على إقامة دائمة في إيران، وتقسم هذه الجماعات الولاء لآية الله علي خامنئي وليس الأسد”.
ويلفت الكاتب إلى أن “إيران أصبحت تمارس النفوذ على أربع عواصم عربية، وهي دمشق وبغداد وبيروت وصنعاء، لكنها في سوريةتريد أكثر، من مثل بناء ممر بري من الحدود العراقية إلى لبنان، ووضع إسرائيل، حليفة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، تحت طائلة التهديد، وبعبارات أخرى، تريد إيران السيطرة على مساحات واسعة من جنوب وشرق سورية؛ حتى تكون في مدى قريب من إسرائيل، وزعزعة استقرار الحدود السورية الأردنية، وتلقى ضباط الموساد دروسا حول كيفية دخول المناطق العدائية، ولهذا السبب يشعرون بالقلق من كثرة المشاهدات لقائد فيلق القدس، قاسم سليماني في شرق سورية، التي يعتقدون أنها الساحة التي ستحصل فيها الجولة القادمة من الحرب السورية”.
وينوه بويز إلى أن “التطور الثاني حدث في واشنطن، وهو وصول جون بولتون إلى البيت الأبيض مديرا للأمن القومي، وكذلك تعيين مايك بومبيو، مدير (سي آي إيه) السابق وزيرا للخارجية، اللذين سيركزان على إيران، ورغم قدرة وزير الدفاع جيمس ماتيس على وضع بعض الخطوط بشأن غارات الأسبوع الماضي، إلا أنه سيخسر لصالح الثنائي الجديد، الذي سيركز على تخريب خطط إيران للسيطرة على المنطقة، ويعتقدان أن طموحات إيران هذه تمثل تهديدا حقيقيا للمصالح الأمريكية الجوهرية”.
ويبين الكاتب أنه “حتى تتقدم الدول الأوروبية المشاركة في الاتفاقية النووية مع الكونغرس بتعديلات جديدة تشمل نظاما جديدا للرقابة على المنشآت العسكرية، فإنه من المتوقع أن يفرض دونالد ترامب العقوبات من جديد على إيران في 12 أيار/ مايو المقبل، منهيا ما اعتقد أنه أهم إنجاز لباراك أوباما في مجال سياسة الدولة”.
ويفيد لوبز بأن “ما سيتبع هو سلسلة من الأزمات التي ستشمل على استئناف إيران لبرامجها النووية، وبدء السعودية برنامجا مماثلا، وانقسام بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، وغارات سريعة على المنشآت الإيرانية تنفذها إيران، ورد انتقامي من حزب الله، وحرب في شرق سوريةبناء على ما سيقوم به ترامب هناك، بالإضافة إلى حرب إلكترونية بين روسيا وأمريكا”.
ويذهب الكاتب إلى أن “هذه لن تكون حربا باردة، لكنها ستكون حربا قبيحة، خاصة أن العالم لم يعد مرتبطا بمجموعة من الأفكار الردعية أو الاحتواء، وستحاول فرنسا وألمانيا وبريطانيا إجراء تعديلات على الاتفاقية بطريقة تعطي ترامب فكرة أنه انتصر”.
ويسبتعد بويز نتيجة كهذه؛ “لأن ترامب يدير الأزمة الخارجية بناء على الجدول الزمني للانتخابات، فالمصادقة على الاتفاقية ستتوافق مع بدء الحملات الانتخابية النصفية في الخريف، وفي الحقيقة يدور معظم الحديث بين المسؤولين الأوروبيين حول كيفية الحفاظ على الاتفاقية النووية دون الولايات المتحدة، وهناك فرصة لنجاح الواقعية السياسية من خلال دق إسفين بين روسيا وإيران، حيث تقوم موسكو بالضرب على يد حليفتها”.
ويقول الكاتب إن “السؤال هنا متعلق بالكيفية التي سيمنع فيها توسع مواجهة إسرائيلية إيرانية لمواجهة بين إسرائيل وروسيا، فهذه بحسب منطق الدبلوماسيين محرجة من قضية الجاسوس سكريبال، وغير قادرة على الاعتراف بها، بالإضافة إلى أنها تكره وضع الدولة المنبوذة، وأن تضم إلى دول مثل سوريةوإيران، التي تعتقد ان المستقبل يقوم على الحرب الدائمة”.
ويختم بويز مقاله متوقعا أن يكون الصيف المقبل دمويا.