* تيار حماس باع وهم اصلاح الجماعة لتيار الإنقاذ لمنع التحاقه بحزب زمزم ولتهشيم الحالة الإسلامية الوطنية
* تواجد حمزة منصور على رأس الحزب سيبتلع حضور قيادة الجماعة
* زكي بني إرشيد يرتدي ثوب خصومه الحمائم وينقلب على الصقور في انتخابات الحزب
مرايا – شؤون سياسية – يستعد حزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن خلال الأيام القادمة لانتخاب الأمين العام الثامن في تاريخ الحزب.
الباحث الأردني محمد بطاينة يرى ان الاستحقاق الانتخابي للحزب سيمر هذا العام بلا صخب؛ ذلكَ أنه للمرة الأولى منذ أعوام طوال ستغيب ثنائية الاستقطاب التي دأب الإعلام على تسميتها بالصقور والحمائم في ظل تغيرات جذرية وانقسامات عميقة طالت البنية الداخلية للحركة الإسلامية في الأردن؛ انتجت تشكيلات جديدة تتناغم في خطابها الفكري وتتناقض في هويتها السياسية واتجاهاتها الوطنية؛ ليتحول بذلك الصراع من داخل الحزب إلى خارجه في تنافس محتدم على الظفر بشرعية الحركة الاسلامية ومشروعها الدعوي وبرنامجها السياسي وتمثيل الحواضن الاجتماعية في الأردن التي تشكل الجذور الراسخة للفروع السياسية المتبرعمة من بذور جماعة الاخوان المسلمين.
الجماعة (الحزب) والدولة الأردنية:
ويقول البطاينة إن هذا الاستحقاق التنظيمي يأتي والجماعة القديمة وذراعها السياسي (حزب الجبهة) يعيش حالة من النبذ والإهمال من مؤسسات الدولة والنظام السياسي الذي ارتبطت به الحركة الإسلامية بعلاقة استثنائية وتاريخية على مدار عقود؛ وذلك على الرغم من محاولات الجماعة القديمة وحزبها إعادة المياه إلى قنواتها وتقديم الفروض المطلوبة للعودة إلى بيت الطاعة؛ عبر استعدادها لطلب ترخيص جديد للجماعة، وحذف المادة التي تربط الجماعة بالتنظيم المصري، ومشاركتها بالانتخابات العامة بعد مقاطعتها لعقد كامل، ومجيئها بقيادات محسوبة على تيار الاعتدال؛ كالمراقب العام عبد الحميد ذنيبات؛ إلاّ أنّ هذه التغييرات التي أحدثتها الجماعة القديمة_ والتي كانت هي ذاتها مطالب التشكيلات التي غادرت الجماعة_ لم تلقى استجابة من مؤسسات الدولة والنظام السياسي؛ ذلكَ أنّ الدولة لن تفرط بالمكاسب التي حققتها من تداعيات الأزمة وستواصل سعيها في الحفاظ على الصيغة القائمة بعد أن استطاعت إعادة تعريف دور الجماعة وأولوياتها؛ لتكرس بذلك علو كعبها في مواجهة الجماعة وحزبها، وتبقي على حالة التوزان القسرية التي يعيشها حزب الجبهة استجابة لضغوط الدولة.
الإصلاحات القسرية
ويضيف بطاينة، ‘لقد انتجت قسراً أزمة الحركة الإسلامية الداخلية معطوفاً عليها ارتدادات صراع الجماعة مع الدولة الأردنية وأزمة مشروع الإسلام السياسي في المنطقة وتقاطعاته الإقليمية جملةً من التغييرات البنيوية العميقة على خط الجماعة الفكري والسياسي العام، ذلكَ أن أزمة الجماعة في الأردن ببعدها العام هي جزء من أزمة مشروع الإسلام السياسي بنسختها المشرقية القائمة على سيطرة الأيدلوجيا على البرنامج؛ وهنا أزمة الجماعة مع الدولة أفضت إلى حالة من الفصل القسرية بين المجالين الدعوي والسياسي، وكرست علنية العمل بعيداً عن سرية التنظيم، وجسرت الفجوة في العلاقة بين الدين والدولة؛ بتأثير تبني خيار الواقعية السياسية بعيداً عن المثالية الأيدلوجية’.
المحاور الإقليمية
ويعتبر بطاينة ان موعد الاستحقاق الانتخابي لحزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن يأتي والجماعة الأم محظورة في مصر، ومعزولة في فلسطين، بالتوزاي مع انكشاف للغطاء الإقليمي بعد حصار الدور القطري في المنطقة وانزياح الدولة التركية إلى المحور الروسي الإيراني، وهكذا تحت تأثير رمال المحاور الإقليمية المتحركة هوت طموحات الجماعة السياسية في الأردن، وعصفت هذه التغيرات الإقليمية بخيارات الجماعة، وقلصت هامش المناورة لها (وهو ما يفسر محاولات حزب الجبهة المضنية لاستعادة علاقتها بالدولة)؛ لاسيما بعد التلاحم المصري الخليجي وهو ما جعل الجماعة عُرضة لنهش هذا المحور؛ وذلك في محاولة من المصريين لحصار الدور التركي في غزة (العمق الإستراتيجي المصري)، وهو ما أدى إلى أن تصبح خيارات الجماعة أسيرة لمحور سياسي واحد لتضع كل بيضها في السلة التركية التي تعد اليوم البوصلة السياسية التي تحدد احداثيات واتجاهات الحركة الإسلامية في الأردن المُلحقة برامجياً وسياسياً بحركة حماس الفلسطينية، فالتقارب الإيراني التركي على خلفية التهديدات المُشتركة في الملف الكردي مقروناً بالاستدارة التركية الواسعة نحو الروس؛ أدى إلى تسريع وتيرة استعادة علاقة حزب الجبهة وحركة حماس بايران (حليفة الأمس) وهنا ستبتلع الحركة الإسلامية خطابها العقائدي الذي سوقته في ظلال الصراع السوري لتسير العقائد في ركب السياسة.
الأصول الدعوية والفروع السياسية
يظهر جلياً اليوم بأنّ طبخة الأزمة الداخلية في الجماعة وصلت إلى مرحلة تقديم الأطباق النهائية، ولدينا اليوم خمسة تشكيلات على القائمة الرئيسة؛ جماعة الإخوان المسلمين بوصفة منزوعة من الدسم السياسي في طبعتها القديمة والجديدة ستتحول حُكماً إلى مدرسة أدبية ودعوية، وسينتقل ثِقلها الهيكلي والبشري والسياسي للأحزاب الثلاثة المُنبثقة من مرجعيتها الإسلامية(العمل الإسلامي، المؤتمر الوطني، الإنقاّذ)؛وفي هذا المحور سنتوقف بالتفصيل عند كل تشكيل ونبدأ بالأصول الدعوية ثم بالفروع السياسية ونختم بحزب جبهة العمل الإسلامي الذي يشهد انتخابات مفصلية في تاريخ الحركة الإسلامية في الأردن.
الجماعة القديمة:
تفتقد الجماعة القديمة للإطار القانوني والشرعي لمزاولة نشاطاتها وترتبط بعلاقات سلبية مع مؤسسات الدولة وهي بحكم المحظورة سياسياً وحركياً، دفعت الجماعة بمكتب تنفيذي وسطي على رأسه عبد الحميد ذنيبات في استدعاء لشخصيات ذات عمق عشائري أردني لتمنحها الشرعية الوطنية عوضاً عن الشرعية القانونية المفقودة وأيضاً لتقريب المسافة مع النظام السياسي، تضم مدرسة الجماعة القديمة في صفوفها ما يُعرف تقليدياً بتيار الصقور بالإضافة لتيار حماس وتيار الإنقاذ؛ والتيار الأخير قام بتجميد حضوره التنظيمي في ثلاجة الجماعة؛ وقد تواجه الجماعة تحدياً في الحفاظ على وحدتها وصلابتها بعد تأسيس تيار الإنقاذ لحزبه الجديد وهوما قد يفضي إلى نزاع داخلي بين أعضاء الجماعة من المؤيدين لحزب الإنقاذ من جهة والمؤيدون لحزب الجبهة من جهة أخرى، كما تواجه الجماعة خطر فقدان سِمتها كحركة إسلامية شاملة بعد خسارتها لأذرعها الاجتماعية والاقتصادية( جمعية المركز الإسلامي) وهوما أفقد الجماعة وزناً معتبراً من ثقلها الاجتماعي.
الجماعة الجديدة :
تُعتبر الخلف القانوني للجماعة القديمة وتمتلك الشرعية التنظيمية في مزاولة نشاطاتها وتتمتع بعلاقات إيجابية مع مؤسسات الدولة الأردنية، وتضم قطاعاً من قيادات الجماعة ممن يُعرفون تقليدياً بتيار الحمائم؛ وبعد خطوتها الأولى في مسار ما اسمته الجماعة الجديدة ‘ التصحيح’ والذي تمثل بإعادة ترخيص الجماعة لتحصين وجودها القانوني غير القائم سابقاً، يبدو جلياً أنّ الجماعة في طريقها إلى الخطوة الثانية بتصحيح مسار الفصل بين المجالين الدعوي والحزبي وتكريس نفسها كجماعة دعوية؛ وهي الخطوة التي ان حدثت ستنهي حالة النزاع السياسي مع الجماعة القديمة، وستنقي الجماعة الجديدة من شُبهة التوظيف الديني للأغراض السياسية والمنافع الذاتية، وتعيد انتاج الجماعة واسترجاع عهود نشأتها في الأربعينيات كجماعة دعوية اجتماعية مؤثرة في العمل العام ولكنها لا تشتغل في العمل السياسي الحزبي، تقدم الجماعة الجديدة خطاباً يزاوج بين الإسلام كفكر والوطنية الأردنية كحالة وجدانية، كما تحاول الجماعة الجديدة تجسير الفجوة في العلاقة بين المؤسسة الدينية ومؤسسات الدولة الأردنية والسعي لتحويل الجماعة لمؤسسة قيمية جامعة لكل مكونات المجتمع ومرجعية تالياً للدولة.
حزب الشراكة والإنقاذ:
قام تيار الإنقاذ بتأسيس حزبه بعد وصول قياداته إلى طريق مسدود مع قيادة الجماعة جرّاء رفضها المستمر لمبادرات الشراكة، ونتيجة لإحباط ويأس التيار من مساعي إنقاذ التنظيم؛ يبدو الحزب نسخة مكررة عن حزب زمزم برامجياً، أمّا هوياتياً فينحو الحزب باتجاه تعويم الهوية الوطنية في محاولة لاستمالة المترددين من كوادر الجماعة اللذين يحملون انطباعات سلبية عن المشروع الوطني الأردني، الأمر الذي قد يؤدي_ إذا لم يحسم في أدبيات الحزب لاحقاً_ إلى إعادة انتاج الحالة الإخوانية وأزمتها مع الهوية الوطنية الأردنية، يضم التيار شخصيات محسوبة تقليدياً على تيار الحمائم والتيار الإصلاحي وتقاطعت معها مجموعة من تيار حماس في بداية مشروع الحزب، إلاّ أنّ هذه المجموعة مارست التضليل وبيع الوهم لقيادات الحزب الحاليين عبر طرح بضاعة اصلاح الحالة الإخوانية الداخلية؛ والواقع أنهم قاموا بشراء الوقت لإبقاء حالة التشرذم في صفوف تيار الإصلاح الوطني، والحيلولة دون التحاق قيادات الإنقاذ برفقائهم في زمزم، وتالياً منع تشكيل نواة صلبة لزمزم، وإعطاءها زخماً اضافياً بوصفها حالة وطنية، وهو ما تأكد بانسحاب أبرز رموز تيار حماس عند خطوة تأسيس الحزب وأهم هذه الشخصيات( كاظم عايش وابراهيم اليماني ومصطفى نصر الله وجميل ابو بكر وحمزة منصور) والأخير فاز برئاسة أحد فروع حزب الجبهة (رغم استقالاته سابقا)، واليوم هو أحد الاسماء المطروحة ليكون على رأس حزب جبهة العمل الإسلامي وهو ما يشير بأن انحياز هذه الشخصيات الى تيار الشراكة والإنقاذ كان شكلياً ووهمياً منذ البداية.
حزب المؤتمر الوطني:
انبثق حزب المؤتمر الوطني من مبادرة زمزم في آذار 2016 ؛ وقد أطلق المبادرة شخصيات إخوانية محسوبة على التيار الإصلاحي بالمشاركة مع شخصيات سياسية وطنية في شهر 10 2012 قبل سقوط مرسي _ وذلك على خلفية هبة تشرين وما تبعها من حالة إفلاس سياسي؛ فجاءت ولادة المبادرة كنتاج للمخاض الذي مر به مشروع الإسلام السياسي في الأردن والمنطقة، يطرح الحزب نفسه فكرياً كحزب برامجي مُبتعد عن الأيدلوجيا، و هوياتياً كحزب وطني مُستند إلى الشرعية الوطنية الأردنية ولعل في تسمية الحزب بالمؤتمر الوطني دلالة على ذلك وهو المؤتمر الذي قام سنة 1928 على منح ممثلي العشائر الأردنية شرعية الحكم للهاشميين على أن يُمارس الحاكم مسؤولياته أمام ممثلي الشعب الأردني، يستقطب الحزب أعدادا متزايدة من نخبة الطبقة الوسطى المدينية وذلك يعود إلى امتلاك الحزب لخطاب برامجي نخبوي، ويشهد الحزب حضوراً متنامياً في الأوساط الريفية في المحافظات وذلك لبروز الهوية الوطنية للحزب التي تُعبر عن تطلعات هذه الكتلة، استطاع الحزب أن يدفع الجماعة القديمة وحزبها إلى طرح الشعارات الوطنية والمحلية في برامجها الانتخابية وإن كان ذلك كما يبدو للمتابع شكلياً ولأجل سحب البساط من تحت أقدام حزب المؤتمر، قدم الحزب خطابا دينيا معتدلا في محاولة منه لتحصين المجتمع من خطاب التطرف الذي انتشر في الأوساط الشعبية في ذروة صعود داعش وذلك بالتعامل مع الدين كمورد اجتماعي يوحد فئات المجتمع في مقابل خطاب الاحتكار الذي يحول الدين كعامل تفريق بين مكونات المجتمع، لا يظهر أن هناك صراعات داخل الحزب بل أن الإشكالية تكمن بضعف الخبرة والتجربة التنظيمية باعتبارها الأولى لدى معظم أعضاء الحزب وهوما يخلق اشكالات داخلية طبيعية، كما أن تأخر اصدار الميثاق الفكري والسياسي للحزب( سيصدر قريباً) _بما يشكل من حدود فكرية وبرامجية تأطر خطاب وحركة الأعضاء هي التي سمحت بظهور المقاربات الفردية، واستعادة عقلية الاصطفافات من إرث الإخوان بواسطة بعض الشخصيات بغية استعادة حضورها السياسي بعد سلسلة اخفاقاتها المتتالية في الاستحقاقات الانتخابية (وآخرها النيابية 2016)؛ والتي أفضت أتوماتيكياً وبصيغة ديمقراطية ومؤسسية إلى خروج هذه الشخصيات من المواقع المتقدمة في الحزب، مقروناً ذلك بتدخلات قيادات في الجماعة القديمة لتوسيع الفجوة، ومحاولاتها استيعاب هذه الشخصيات ضمن أوعية التنظيم النقابية والغاية تهشيم التجربة الوليدة.
حزب جبهة العمل الاسلامي :
يمثل الذراع السياسي للجماعة القديمة ويسيطر عليه كوادر تيار الصقور وتهيمن عليه حركة حماس برامجيا وسياسيا، انتقل الثقل الهيكلي والبشري والسياسي من الجماعة القديمة إلى حزب جبهة العمل الإسلامي في تسليم لإتجاهات الدولة نحو إحلال الحزب في موقع الجماعة؛ وهو ما سيفرض على الجبهة صعوبات ناتجة عن الانتقال من السرية إلى العلنية بما تنطوي عليه من كشف للعضوية والتمويل؛ يُعتبر الحزب ممثلاُ لمصالح وإتجاهات الوسط الفلسطيني في الأردن، وهو الإتجاه الذي تأكد في الانتخابات النيابية الماضية إذ أنّ الحزب فشل في الحصول على أيّ مقعد في الأطراف ومراكز الثقل العشائري التي تمثل الشرعية الوطنية الأردنية رغم نزوله بقائمة الإصلاح ‘ الوطني ‘؛ وهو ما قد يكون عائداً لعدم قدرة الحزب على تسويق أطروحاته وشعاراته الوطنية في المحافظات لاعتبارات تتعلق بأن هذه الشعارات طارئة وموسمية، ولم تكن جزء من مشروع الحزب السياسي على مدار تاريخه؛ في المقابل كرست الجماعة حضورها في الوسط الفلسطيني لتظهر في المشهد باعتبارها قوة فئوية في الحالة السياسة في الأردن، كما أعاد الحزب تصدير شخصيات عشائرية على رأس الحزب وكتلته النيابية، هذه القيادات أشبه بإعادة طلاء شكلية أردنية بلون هادئ لأطروحات الحزب الفئوية الفاقعة، وليست العملية إعادة بناء جوهرية تتجاوز تغيير الوجوه إلى تغيير العقلية، يعد حمزة منصور و زكي بني ارشيد أبرز الاسماء المرشحة لقيادة الحزب ولعل في تواجد أحد الاسمين على رأس الحزب انهاءا عملياً لقوة وحضور الجماعة التاريخية وقيادتها، الحزب يشهد خلافا فكريا صامتا بين اتجاهين يمثل الأول اتجاها صقوريا تقليديا ( يطرح مفاهيم الدولة الدينية) و يتزعم هذا الإتجاه مجموعة صويلح وأبرز قياداتها همام سعيد، وأحمد الزرقان ومراد العضايلة في مقابل اتجاه ( يطرح مفاهيم الدولة المدنية) ويتزعمه زكي بني ارشيد و حمزة منصور وبقايا الحمائم ويلقى دعماً من القطاع الشبابي في الحزب، يعيد اليوم زكي بني ارشيد انتاج خطاب وبرنامج تيار الإعتدال بعد أن تزعم لسنوات تيار التشدد وهو ما يشي بأن زكي لم يكن صقورياً مطلقاً إلاّ أن تطلعاته الشخصية للزعامة وللحضور الطاغي غير المتاح في ظل كثافة الحضور القيادي لدى تيارالإعتدال هو الذي فرض على بني ارشيد أن يكون ممثلا لإتجاهات التشددِ، بني ارشيد الذي يقدم طرحا ليبراليا يتوافق مع برنامج تيار التحالف المدني الذي يتزعمه مروان المعشر وهو البرنامج الذي يطرح مفاهيم المواطنة والمساواة والعدالة دون ضفاف الهوية السياسية للدولة الاردنية؛ وهو ما قد يمثل ذخيرة في بندقية الرؤية الأمريكية لتسوية الصراع العربي الاسرائيلي القائم على تكريس التوطين السياسي في الأردن؛ وهنا يمكن أن نضع مقترح كتلة الإصلاح الإخوانية( أعضاءها ينتمون للتيار المدني والديني في الجبهة) لقانون الانتخابات الذي يغلب عليه الديمغرافيا والكثافة السكانية كقاعدة أساسية لتشكيل القانون (50% على أساس الوطن) معطوفاً عليه مطالبات كتلة الحزب النيابيةقبل أيام لوزيرالداخلية سمير مبيضين بالأرقام الوطنية لأبناء الضفة وطلب تجنيس أبناء الاردنيات( النسبة الأكبر من مقيمي الضفة وغزة) في سياق تماهي الحزب وتكيفه مع الواقع المفروض أمريكياً كإطار لحل القضية الفلسطينية وتصفيتها على حساب الاردن شعباً وهوية.
الخلاصة ( تكثيف)
تجري انتخابات أمين عام جبهة العمل الإسلامي في الأردن في ظل حالة من التشظي للحالة الإسلامية ببروز خمس تشكيلات متبرعمة من جذور الحركة الإسلامية مع ظهور لبذور انقسام في داخل حزب الجبهة على قاعدة الخلاف على تأييد ورفض مشروع الدولة المدنية ويعيش حزب جبهة العمل الإسلامي حالة من النبذ والإهمال من النظام السياسي الذي يسعى إلى الحفاظ على حالة التوازن القسرية التي يمر بها الحزب محلياً أما أقليمياً فيعاني الأسلاميون من عزلة سياسية في مناخ إقليمي مضطرب ومتقلب في محاوره وتموضعاته السياسية وكل هذه الظروف والعوامل المحيطة تفرض على الإسلاميين بكافة تشكيلاتهم مغادرة الأيدلوجيا المثالية والأممية والذهاب نحو تبني خطاب وممارسة برامجية محلية وواقعية وتدشين مرحلة ما بعد الاسلام السياسي قبل ان تتجاوزهم صيرورة الأحداث وحركة التاريخ.