مرايا – رغم سخونة الاحتجاجات الشعبية الجارية في الأردن منذ أسبوع تقريبا، وحالة الغليان في الشارع، والاحتكاك المتواصل بين قوات الأمن والدرك، فإن روح الفكاهة والتسلية والموسيقى و”التعاليل” (السمر) لم تغب عن أجواء المظاهرات.

توزع أوقات اعتصام المتظاهرين بين ترديد الهتافات المطالبة بإسقاط الحكومة ورحيل رئيس الوزراء، وهو ما تم فعليا بعدما قبل ملك الأردن عبد الله الثاني استقالة هاني الملقي وحكومته اليوم، وبين حفلات السهر ولعب ورق “الشدّة” (الكوتشينة)، والعزف على العود، وترديد الأغاني الوطنية والأناشيد الحماسية، في حين يصطف أبناء العشائر القادمين من خارج العاصمة الأردنية عمان صفا واحدا لرقصة “الدحية” المعروفة في البلاد.

وختام المظاهرات يكون بتناول وجبة السحور، بعدما تكون استُنفدت طاقات المحتجين بالهتافات، والمدافعات والمناوشات مع قوات الأمن والدرك بين الحين والآخر. وتجمع وجبة السحور بأجوائها الروحانية والإيمانية المتظاهرين مع قوات الأمن والدرك على صحن واحد.

وتداول ناشطون على مواقع التواصل مقاطع مصورة تظهر مدى التحضر والرقي في احتجاجات الأردنيين بطريقة سلمية لافتة في التعبير عن رفضهم لقرارات الحكومة بخصوص أسعار المحروقات وقانون ضريبة الدخل.

عفوية الاحتجاجات

واللافت للانتباه في هذه الموجة من الاحتجاجات عفويتها، وأن أغلب الشباب والفتيات المشاركين فيها من غير الحزبيين أو السياسيين أو المهتمين بذلك أصلا، وبعضهم لم يشارك في مظاهرات من قبل.

قوات الأمن والدرك، وبالرغم من كثرة المتظاهرين والتدافع في أرض الاحتجاجات، فإن أفرادها حرصوا على توزيع قارورات المياه على المتظاهرين. وفي المقابل، أحضر متظاهرون معهم المياه المبردة والعصائر، وبعض الحلويات ووزعوها على رجال الأمن في جو من الأخوة الوطنية.

وبين هذا وذاك، رصدت كاميرات المتظاهرين حالات من العنف والشد واعتقال محتجين من قبل الأمن العام والدرك، أفرج عن بعضهم صباح اليوم التالي.

ولم يغب الأطفال والفتيات عن الحدث، إذ شهدت ساحات الاعتصام المجاورة لمقر رئاسة الوزراء أطفالا اعتمروا على رؤوسهم الكوفية الأردنية الحمراء، وساعدهم على ربطها بإحكام رجال الأمن العام أو الدرك.

وتنوعت وسائل الدعوة للاحتجاج التي أطلقها محتجون على وسائل التواصل؛ فهناك دعوات لتناول وجبة الإفطار على الدوار الرابع (مقر الحكومة الأردنية) الأربعاء القادم، بعد الإضراب العام عن العمل الذي دعت له النقابات المهنية، ودعوات أخرى لأداء صلاة التراويح والتهجد منتصف الليل في ساحات الاعتصام.

ووجد الباعة المتجولون ضالتهم في ساحات الاعتصام، فهنا عربة عليها الكعك بالسمسم المشهور بين الأردنيين، وعربة أخرى عليها الشاي والقهوة وعصائر شعبية، وثالثة فيها بعض أنواع المعجنات ومناقيش الزعتر (فطائر).

وفي ختام الليلة الاحتجاجية ومغادرة المتظاهرين، يبدأ متطوعون جمع مخلفات المحتجين، من علب فارغة وبقايا طعام وأكياس فارغة، وذلك لترك المكان نظيفا، استعدادا لاستقبال المحتجين في اليوم التالي.