ضغوطات اقليمية واستقواء صهيوني على الاردن

زار تركيا وبغداد فماذا عن طهران ؟

نظرية الاشقاء في الديبلوماسية سقطت وعلينا البحث عن اصدقاء

مرايا – عمر كلاب

لم تقطع الدولة الاردنية علاقاتها الديبلوماسية مع الدولة السورية , لكنها لم توصل حبلها ايضا , في سلوك ديبلوماسي غير مفهوم وغير متوقع من دولة راهنت منذ اللحظة الاولى على الحل السياسي في سورية , وها هي العواصم التي خاضت الحرب على سورية تُعيد صياغة مواقفها وتتراجع نحو العلاقة مع دمشق , فالامارات فتحت سفارتها والبحرين ايضا , وثمة تسريبات بأن السعودية سحبت ممانعتها لعودة النظام السوري الى الجامعة العربية بعد ان فتحت قاعاتها وجنباتها للمعارضة السورية القابعة في احضان العواصم العربية والغربية .

اليوم تتعالى الاصوات البرلمانية والشعبية لعودة السفراء بين دمشق وعمان , وقاد اعضاء البرلمان الاردني ديبلوماسية الحدائق الخلفية بزيارتهم الى دمشق وتشكيل لجنة نيابية سورية اردنية وانضم اليها من كانوا في خندق العداء للنظام , وكذلك زار وفد تجاري وصناعي دمشق واستمعوا الى رأي الدولة السورية وعتبها وكشفوا للوفد التجاري الكثير من المواقف السلبية والتدخلات الاردنية في الشأن السوري , ولكنهم قابلون لفتح صفحة جديدة بحكم التاريخ والمصلحة المشتركة , ولم يجد اعضاء من الوفد التجاري ما يردون به على الاشقاء في سورية سوى لغة التصالح والجاهة .

طائرة رئيس الوزراء الاردني هبطت في مطار بغداد وقبلها في مطار تركي , ولكنها حتى اللحظة لم تهبط في مطار دمشق الدولي , ووزير الخارجية الاردني يزور كل العواصم للحديث عن ضرورة التوصل الى حل سياسي يحفظ وحدة سورية ولا يزور دمشق , بل لا يلتقي على هامش زياراته ومؤتمراته اي وفد سوري , فهل تكتفي الديبلوماسية الاردنية بالحوار مع موسكو منتظرة موانتها على القيادة السورية ام انها تنتظر ان تصل متأخرة كما درجت العادة في اضاعة كل الفرص , وحتى يطمئن وزير الخارجية فأن الاردن تحتل الرقم 134 على لائحة الدول التي سيكون لها نصيب في اعمار سورية كما يقول احد اعضاء الوفد التجاري الذي زار دمشق .

هذه التراتبية المتأخرة ليست قدرا , فالوفد نفسه يقول بأن ثمة طلبات سورية من الوفد للعمل والدخول الى سورية , لكن الجانب الرسمي ما زال متحفظا وغير مستجيب للقطاع الصناعي والتجاري الذي يعاني تحت ضربات الازمة الاقتصادية الثقيلة , وبات المطلوب ان يعمل السياسي في خدمة الاقتصادي وليس العكس , لكن السياسي ما زال محكوما باشتراطات خارجية تسعى الى تكبيل الاردن وابقائه تحت مطرقة الحاجة , رغم امتلاكه لكل المقومات اللازمة للخروج من العباءة الاقليمية الضيقة , طالما ان الاردن ليس له شقيق الآن بل له اصدقاء فقط .

مخارج ازمتنا السياسية والاقتصادية تتطلب هبوط طائرة رئيس الحكومة في دمشق كما هبطت في مطار بغداد الدولي , فهذه العواصم هي فقط القادرة على اخراج الاردن من ازمته وهي السند والظهير للاردن وهو سندها وظهيرها , رغم كل المعيقات في تلك العواصم وتحديدا الدور الايراني السلبي , لكن هذا الدور ايضا يحتاج الى اعادة قراءة والى مراجعة , فايران ليست خصمنا , رغم محاولات محمومة من قِبل طغمة محلية تسعى الى استبدال العدو الصهيوني بالعدو الايراني ونجحت للاسف حتى اللحظة في ابقاء العلاقات الاردنية مع طهران في دائرة الانجماد .

نعلم يقينا ان الاردن يتعرض الى ضغوطات اقرب المؤامرات من اجل تطويعه وتكسير مفاصل قوته حتى ينحني للحلول التي تستهدف هويته ودوره ونعلم ان العدو الصهيوني يضع الاردن هدفا وتسانده الة غربية وعربية وعلينا التفكير بما ينفعنا وبمصلحتنا في اطارنا وجوارنا المحدد بعواصم الهلال الخصيب .