تلفزيون بائس واعلام محدود وغياب المنظرين والسياسيين
الرئيس عجز عن تقديم الحكم المحلي وضرورة الحداثة الرقمية
الشارع مصدوم بغياب ثلاث وزارات دون ادنى تحضير او تجهيز
مرايا – عمر كلاب
وسط كل هذا الغضب من التعديل الحكومي , سقطت ايجابيات في التعديل , ربما بحكم انعدام الرؤيا الاعلامية لدى الحكومة , والاخطر غياب المحللين والمنظرين السياسيين الرسميين بعد ان استأثرت طبقة التكنوقراط بالمشهد السياسي , واستأنس رؤساء الحكومات واصحاب المناصب الرفيعة , الاستعانة بشخصيات تحترف الطاطأة وهز الرأس بالموافقة , واسماع المسؤول ما يود سماعه وليس ما يتوجب سماعه , وفوق ذلك تراجع حتى التردي في الشاشة الوطنية وقدرتها على ايصال الرسالة وحملها .
التعديل حظي اذن بصمت رسمي , وتفاعل من معارضيه الذي اختلطوا وتوحدوا, كما كل مرة على اسس جهوية ومناطقية واقليمية , وقليل سياسة , طبعا كل ذلك ارتدى ثوبا سياسيا ووطنيا لكن بعض التفاصيل الصغيرة كشفت ان النقد السياسي الحقيقي ما زال غائبا , وما زال الغضب الشخصي والمناطقي والجهوي هو سيد الموقف , والا كيف نفهم ان ناقدا سياسيا , يحمل شهادة الدكتوراة في التاريخ ويقود منصة اعلامية مهمة , يصيح ” مولولا ” بأن محافظته خسرت موقعا حكوميا وتراجع وزراء المحافظة في العدد ؟
بل ان ابرز منتقدي التعديل كانوا المرشحين بالدخول فيه حسب المواقع الالكترونية وترشيحات صحفية , وتغير موقفهم بعد التعديل عما قبله بقليل , فأحد المحللين على الفضائيات كان مرنا في حديثه عن التعديل وضرورة الاستعانة بشخصيات من مواصفاته هو وكذلك الحال بالنسبة لوزراء سابقين ونواب رئيس وزراء ,بل ان اصحاب الدولة شاركوا في السحجة الناقدة دون مراجعة حتى سلوكهم الحكومي او الاعتار على الاقل من هذا السلوك الذي مارسوه بنفس الطريقة .
فوزير التخطيط ومنذ فترة ليست بالقصيرة يأتي من المقر , او بايحاء منه , منذ ان غادر وزارة التخطيط الدكتور باسم عوض الله وزارة التخطيط الى المقر السامي , فلماذا الاستهجان بمقدم الوزير محمد العسعس , والذي يحمل بالمناسبة شهادات علمية تفوق حاجة الموقع نفسه , ونجح خلال عمله القصير في الديوان الملكي من تحقيق اجتراحات اقتصادية داخلية وخارجية كانت سببا في اسناد حقيبة التخطيط اليه بعد ان عجزت الوزيرة السابقة عن الاستفادة من الاختراقات التي نجح في تحقيقها العسعس مستثمرا حضور الملك ودوره العالمي , كما ان الرجل لديه رؤيا في مجالات الطاقة والتخطيط الطويل .
كذلك الأمر مع وزير الداخلية الخبير سلامة حماد , الذي نعلم ان الصورة الانطباعية عنه غلبت الصورة الذهنية , فالرجل في سيرته الذاتية انظف انتخابات نيابية من حيث نزاهة الصناديق , جرت في الاردن منذ عودة الحياة البرلمانية , والتي قادها في العام 1993 , وبشهادة خبراء في الرقابة والتحليل , كما نه نجح في التعامل مع ملف اللجوء في العام 1990 ودون اضرار تذكر ,وللرجل كما ابناء مدرسته خصومة عميقة مع تيار الديجتال والليبرالية المتسرعة والمتوحشة , وحتى اللحظة لم نسمع من الرجل الا قرارا واحدا هو تعيين مدير مكتبه , فلماذا الاستعجال في الهجوم , الا اذا كان المستفيدون من حالة التراخي التي تعيشها الدولة قد حققت الفائدة لكثير من التيارات الشعبية والاجتماعية والنقابية وبالتالي استبقوا عمل الرجل بالهجوم القبلي , وحتى قصة النواب وغضبهم , فهل كا سلامة حماد المسؤول عن احداث الكرك ام جهات لا يجرؤ النواب على محاسبتها كما يقول النائب خيل عطية ؟
طبعا التعديل ليس مثاليا وفيه الكثير من الاخطاء حد الحماقة , فتغيير اسماء وزارات دون ادنى مراجعة قانونية او تحضير شعبي هو الحماقة بعينها , رغم الحاجة الوطنية الى تغيير اسم ومضمون وزارة الشؤون البلدية والقروية الى وزارة الحكم المحلي شريطة تعديل قانو اللامركزية بشكل جوهري لتصبح المجالس كاملة الدسم , وكذلك الحال مع وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة , بل ان كثير من المعلقين سلبا حملوا راية دولة شقيقة سبقتنا في هذا المجال تحديدا , لكن العداء المزمن للوزير مثنى الغرايبة القى بظلاله على الاسم وضرورته , بالاضافة الى الغباء الحكومي في عدم التحضير والتنظير للوزارات المتجددة وليس الجديدة .
كذلك استعانة الرئيس باسماء سبق لها ان شغلت مواقع دون ادنى حضور او ملمح وضعت التعديل في خانة الحرج وبانه توزيعات لحقائب وزارية على الاصدقاء والمحاسيب , فالوزيرة ياسرة غوشة سبق لها الفشل في موقع مشابه وكذلك الوزير الطازج نضال البطاينة الذي لم نعرف عنه ولا منه شيئا , فالرجل حضر الى الوظيفة العامة قبل شهرين , حتى ان تبرعه السخي للغارمات براتبه لثلاث اشهر لم يتحقق بعد , والغريب ان هذه الاسباب الموجبة لم تحظ بكثير انتقاد بقدر انتقاد العسعس وسلامة حماد , وكلاهما يمتلك الكثير في جعبته بعد ان فاض هامش السيولة والتراخي على اوساط الدولة وغابت وزارة التخطيط عن المشهد .
طبعا ثمة استشعار بأن تحميل الرئيس وزر التعديل والتغيير لاسماء الوزارات منفردا فيه اجحاف فهذا قرار دولة الا اذا كانت الدولة فقدت برقها وعاشت ادوارا مغايرة بحيث ينجح رئيس حكومة في تعديل سلسال من الوزارات وارباك المشهد المرتبك ايضا , فهل بتنا تسلية للرئيس وحكومته ام انهم يكذبون علينا ويتسلّون بنا لتمرير ساعات الصيام ؟