مرايا – استبعد عدد من الكتاب والباحثين الفلسطينيين أي حل للقضية على المدى المنظور، ورجحوا استمرار الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي لعقود قادمة وبالتالي عدم إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وتوقع الخبراء أن تجد “تل أبيب” الظروف مواتية لاستكمال مخططاتها في رسم شكل الدولة اليهودية وفرض خارطتها السياسية على الأرض، في ظل التطبيع العربي مع إسرائيل وحالة الضعف التي يعيشها الفلسطينيون.
وفي 13 أغسطس/ آب الجاري، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، توصل الإمارات وإسرائيل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بينهما.
وقوبل الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي بتنديد فلسطيني، وتأييد ثلاث دول عربية: عمان، مصر والبحرين.
والإمارات هي أول دولة خليجية تقيم علاقات رسمية مع “إسرائيل” وثالث دولة عربية بعد مصر (1979) والأردن (1994).
** صعوبات أكبر
ويقول الباحث في قضايا الحكم والسياسة بالمركز الفلسطيني للبحوث والسياسات، جهاد حرب، إن “الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي طويل”.
وتوقع حرب أن يواجه الفلسطينيون صعوبات أكبر مستقبلا “في ظل وجود محاور وقوى إقليمية تحاول جذب أطراف فلسطينية هنا أو هناك إلى صفها، وفي ظل عدم وحدة الصف الفلسطيني”.
وللصعوبات المستقبلية التي يتوقعها المحلل الفلسطيني وجهان، الأول في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي عبر المقاومة الشعبية، والثاني في تقديم الرواية الفلسطينية بالجهد الدبلوماسي أمام العالم.
ويستبعد حرب، في المدى المنظور، مواجهات موسعة مع الاحتلال لما يراه غيابا للأطر القيادية، بالإضافة إلى “غياب عنصر الثقة ما بين الجمهور والقيادة، وهذا يعني عدم تقديم التضحية”.
لكنه مع ذلك يتوقع موجات من المواجهة ذات الطابع السلمي أحيانا، والعنيف أحيانا أخرى، مضيفا: “ما دام الاحتلال الإسرائيلي موجودا فهناك موجات مختلفة من المواجهة شكلها مرتبط بالظروف الزمنية والتبعات المتخلقة عنها”.
أما عن مستقبل السلطة الفلسطينية فقال “ما دامت القيادة (الفلسطينية) ملتزمة بمعايير وشروط الاتفاقيات، ومادامت إسرائيل لا تذهب لإنهاء السلطة بشكل كلي، فإنها ستبقى سلطة ضعيفة غير قادرة على تجسيد الدولة من ناحية، وغير قادرة على قيادة آليات مواجهة الاحتلال من جهة ثانية”.
** التطبيع لنيل رضى واشنطن
بدوره، يرى الباحث الفلسطيني بمؤسسة “يبوس” للاستشارات والدراسات الاستراتيجية، سليمان بشارات، أن معطيات الواقع لا تؤشر لدولة فلسطينية في المستقبل القريب “بل صراع طويل”.
ورجح بشارات مزيدا من التمدد في السياسة الأمريكية بالمنطقة “وفرض حالة من التبعية السياسية والاقتصادية ينتج عنها إضعاف للتأثير العربي أمام السياسات الإسرائيلية، وهذا يعني الضعف المباشر للقضية الفلسطينية نفسها”.
كما توقع الباحث الفلسطيني مزيدا من اتساع رقعة التطبيع العربي الإسرائيلي “بحثا عن رضى واشنطن”.
وقال إن “الخوف الذي استطاعت واشنطن وتل أبيب إيجاده لدى العرب من خلال ذريعة التمدد الشيعي الإيراني يمنح إسرائيل فرصة لاستكمال مخططاتها في رسم شكل الدولة اليهودية، وفرض خارطتها السياسية على الأرض سواء من خلال استكمال مخططات الضم والاستيطان أو وضع يدها على المقدرات العربية”.
ومع ذلك يرى بشارات أن اندلاع حالة من التصعيد الشعبي الفلسطينية على غرار الانتفاضة الأولى والثانية “قد يكون سببا في خلط الأوراق السياسية لدى إسرائيل، وكذلك الأمر بالمنطقة، وبالتالي الحد من السيناريو السلبي”.
وفي السياق ذاته، اعتبر بشارات أن “تشكّل محور عربي إقليمي، يضم تركيا وقطر وإيران والكويت وبعض الدول الداعمة للقضية الفلسطينية، قد يشكل كابحا لأي تسارع في تطوير العلاقة الإسرائيلية العربية”.
وخلص إلى أنه “بإعادة الدور السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها، بعد إعادة الثقة لها بالطرق التوافقية أو الانتخابية، يمكن أن تتشكل أولى ضمانات القوة لتبقى القضية الفلسطينية في مقدمة الاهتمامات”.
** قرن من الصراع
أما الكاتب والصحفي خالد العمايره، فيجزم أن القضية الفلسطينية سوف تستمر تراوح مكانها إلى وقت طويل “ربما عدة عقود، وربما أكثر من قرن، لأنها أصبحت تأخذ طابعا تاريخيا”.
وتابع العمايره أن القضية الفلسطينية تشبه المفاصل التاريخية التي مرت بكثير من البلدان في العالم الإسلامي “ولا بد أن يأخذ هذا الصراع مداه التاريخي والزمني”.
ووصف السلطة ومنظمة التحرير بأنهما أشبه بـ”غيوم صيف عابرة لا تشكل عنصرا إستراتيجيا في الصراع، لأن العناصر الأساسية للصراع هي الإسلام والمسلمون من جهة واليهود والصهيونية وداعموها من جهة ثانية”.
وعن مستقبل السلطة الفلسطينية قال العمايره إن “الاحتلال موجود ويعيشه الفلسطينيون، ويتعزز أكثر فأكثر، ووجود السلطة شكلي وتجميلي”.
ولخص العمايره السياسة الإسرائيلية تجاه فلسطين بأنها تتمثل “بالحصول على أكبر قدر ممكن من الجغرافيا الفلسطينية وأقل قدر ممكن من الديمغرافيا الفلسطينية”.