انفراجة بين حماس والرياض عبر حديقة الاعلام وغض النظر عن التطبيع
ارسل تطمينات للسعودية ولم يقطع الود مع طهران وانقرة
غازل مصر بأمنها المائي والقومي واستذكر الدعم السعوديي التاريخي
عمر كلاب
ليس من باب المصادفة بالتأكيد ولا من بوابة استقلالية القناة الاعلامية, استقبلت قناة العربية المملوكة للشقيقة السعودية او للدقة المنبر الاعلامي السعودي للخارج, رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الخارج, رغم حظر الرياض جماعة الاخوان المسلمين التي تنتمي لها حماس فكريا واجرائيا, فالمقابلة كانت اسئلتها اشبه بامتحان نوايا للحركة وتحديدا في ملفي العلاقة مع ايران وتركيا, تلك الاقطار التي تنظر اليها السعودية بنظرة ريبة وشك وربما بعدائية اكثر.
مشعل وهو سياسي محترف واجاب بلغة وزير خارجية اكثر منه رئيسا للمكتب السياسي لحركة حماس في الخارج, على اسئلة العربية المزعجة والمعدة سابقا في مطابخ امنية وسياسية كما كشفت طبيعة الاسئلة, مما يعني ان الرجل ظهّر وظيفته ودوره القادم في الحركة بأكثر مما تقتضي اللحظة الحمساوية في بعدها الفلسطيني, بعيد معركة سيف القدس التي كشفت عن حجم حماس الحقيقي على الارض الفلسطينية اولا, وعن مدى قدرتها على ان تكون شريكا سياسيا سواء داخل منظمة التحرير الفلسطيني او كحركة منفردة قادرة على تثبيت اي اتفاق قادم, وجولات اسماعيل هنية تكشف مدى الطموح الحمساوي المشروع حتى اللحظة.
مشعل في مقابلته, نفى ان تكون حماس قد حرفت الانظار عن معركة القدس وحي الشيخ جراح, بل اسندت القدس وقضيتها حينما نقلت الازمة الى الحضن الصهيوني وليس الى العواصم العربية, كذلك نجح مشعل في تقديم الحركة, كجزء من منظومة الامن القومي العربي, فتصديها للاحتلال الصهيوني واضعافه, هو في المحصلة قوة للمنظومة العربية, رغم التحفظات العربية على علاقة حماس بطهران وانقرة, هذه العلاقة التي جعلت من الحركة خصما في العقل الخليجي وتحديدا العقل السعودي الذي يعاني من الاثر الايراني والتحرشات الايرانية في منطقته الشرقية ويعاني من مسيرات وقذائف من الحوثيين في اليمن.
مشعل نجح في ارسال تطمينات الى السعودية, التي تبدي مرونة اكثر في العلاقات الخارجية, بعد رحيل ادارة ترامب وانحسار رهاناتها مع الادارة الجديدة, فهي فتحت نافذة مع تركيا, ويبدو انها مقبلة على تظهير علاقاتها مع حركة حماس التي باتت الطرف الاقوى في منظومة حركة الاخوان المسلمين, التي يحتاج مكتب ارشادها الى حماس بأكثر مما تحتاجه الحركة اليوم, وبالضرورة فإن كلفة حماس اليوم اقل من كلفتها سابقا, بوصفها جزء من منظومة الحركة العالمية او مكتب الارشاد العالمي.
في الطريق ايضا ارسل مشعل رسالتين الى السعودية الاولى استذكار العلاقة التاريخية بين الحركة والمملكة والتي اسفرت عن اتفاق مكة الشهير وبأن الحركة التزمت بمخرجاته وليس العكس والثانية ان الحركة مع امن المملكة وسلامة اراضيها, مذكرا المملكة اكثر من مرة بالعلاقة التاريخية وعدم انكار الحركة للدعم السعودي على امل ان تفتح السعودية ابوابها للحركة واظن ان المقابلة كانت اختبارا سياسيا على الملأ للحركة الحمساوية.
عقل ذكي كعقل مشعل, لم يغفل ارسال رسائل تطمين للقاهرة عبر السعودية ايضا, تتعلق بموقف الحركة من سد النهضة ووقوفها الى جانب امن مصر القومي والمائي, ولم يغفل عن رسائل الى الامارات والمغرب, باسقاط مفردة التطبيع وشرطها, على اي علاقة قادمة, فالديبلوماسي مشعلأكد بان هذه قرارات سيادية للعواصم, لكن الاجابة الاوضح لامتحان الثقة الذي قدمه مشعل على شاشة العربية كان مفاده ان حماس حركة فلسطينية لها جذر اخواني وليس العكس, واطنه نجح في الجواب النهائي والجميع ينتظر الاشارة من السعودية.