مرايا – وضع جلالة الملك عبدالله الثاني خطة عمل للمرحلة المقبلة أساسها تلازم مسارات التحديث والإصلاح، على اعتبار أن ذاك التلازم شرط لا بد منه لتحقيق الأهداف المطلوبة، ولا يمكن التقدم في المجال الاقتصادي، دون إدارة حصيفة وكفؤة، كما يصعب على مسار التحديث السياسي والديمقراطي أن يصل غايته من دون تحسين الواقع المعيشي للمواطنين، وكسر ثنائية البطالة والفقر، وتوفير فرص العمل لآلاف الشباب.
وجاء كلام جلالته في الخطاب الشامل الذي ألقاه للأردنيين بمناسبة عيد الاستقلال السادس والسبعين الذي صادف أمس، وفِيه أكد جلالته أننا أنجزنا فصلا جديدا من فصول البناء والتطوير، واكتملت منظومة التشريعات الخاصة بالتحديث السياسي، لنبدأ معها مرحلة انتقالية مهمة لبناء حياة حزبية وبرلمانية، هدفها الأساس، التنافس البرامجي على خدمة الأردنيين، في ظل مؤسسات تشريعية وتنفيذية قوية، ودولة عمادها سيادة القانون على الجميع، دون محاباة أو تمييز.
وكلام جلالة الملك يضع مجلس الأمة بشقيه (الاعيان والنواب) امام مسؤولية جديدة، فبعد إنجاز التحديث السياسي لمنظومة الاصلاح، وأبرزها تعديل الدستور واقرار قانوني الانتخاب والأحزاب، بات التحديث الاداري والاقتصادي يطل برأسه بقوة ليتموضع على طاولة مجلس الأمة في المرحلة المقبلة.
وكان جلالته مباشرا عندما قال: “لا يكتمل مسار التحديث، دون اقتصاد قوي، يرفع من معدلات النمو، ويخلق فرص العمل، ولذلك سنطلق خلال الأيام القادمة، رؤية اقتصادية متكاملة للسنوات المقبلة، لتكون وثيقة مرجعية شاملة، وستعمل الحكومة قبل نهاية الشهر المقبل على إنجاز برنامج لتطوير القطاع العام، هدفه الأساس الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، وتسهيل الإجراءات البيروقراطية، ورفع كفاءة العاملين، والسير قدما في برنامج الحكومة الإلكترونية”.
بدوره، اكد رئيس مجلس النواب عبدالكريم الدغمي ان الدورة الاستثنائية المقبلة ستتضمن جدول اعمال اقتصاديا، اذ يتوقع ان يدرج على الجدول مشاريع قوانين ذات طابع اقتصادي، أبرزها قوانين الاستثمار، والضريبة العامة على المبيعات والشراكة مع القطاع الخاص وغيرها.
ويعني ذلك أن مخرجات وتوصيات ورشة العمل الاقتصادية الوطنية ستتضمن “الانتقال نحو المستقبل: تحرير الإمكانيات لتحديث الاقتصاد”، بمشاركة خبراء يمثلون قطاعات حيوية من الاقتصاد الوطني التي تعقد في الديوان الملكي.
وفيما يوضح رئيس مجلس النواب ان تحديث التشريعات يأتي بشكل تدريجي، فإن كتلا نيابية ونوابا يعرفون يقينا ان المرحلة القادمة، وخاصة الاستثنائية المتوقعة والعادية المقبلة، ستتضمن تشريعات اقتصادية وإدارية مهمة قد تصل لتحديث قانون البلديات، وقوانين اخرى مثل الضمان الاجتماعي والعمل وغيرهما من مشاريع قوانين تساهم في مجملها في التأسيس للمرحلة المقبلة.
في المجمل، فإن الملك وضع الاردنيين بصورة المرحلة المقبلة، عندما أكد أن الأردن الحديث على اعتاب الانتقال من مرحلة ديمقراطية لمرحلة اخرى اكثر عمقا، دولة عمادها سيادة القانون.
ولهذا الغرض اوضح جلالته ان الأردن الجديد سيكون ملكا للأجيال الشابة، وهي التي ترسم له معالم الطريق، بقوة طموحها وعلمها، والانفتاح على المستقبل وحركة التطور العالمية، التي لا مكان فيها لشعب يتخلف عن ركبها.
وحرص جلالته خلال إطلالته على شعبه في ذكرى الاستقلال، ان يؤكد للجميع، والشباب منهم، ان منظومة التحديث السياسي، ستوفر لشبابنا فرصة للمشاركة في بناء الحياة الحزبية والسياسية، متجاوزين مخاوف الماضي، في ظل تشريعات تصون حقوقهم، وتعبّد الطريق أمامهم لصنع التغيير.
خلاصة القول إن مجلس الأمة امام منعطف جديد أبرزه الانتقال من مرحلة تطوير التشريعات السياسية وصولا الى تطوير تشريعات الاقتصاد، مرورا بتطوير المنظومة الإدارية.
الغد