مرايا – بقلم: د. ابراهيم البدور
أُسدلت الستارة – خلال الأسابيع السابقة- على غالبية انتخابات النقابات المهنية، وذلك بعد تأخير دام عامين إثر جائحة كورونا التي حرمت مجمع النقابات من أهم تظاهرة يتابعها السياسيون قبل النقابيين.
بعد هذا الانقطاع انتظر الجميع انتخابات حماسية تشعل روح التنافس بين التيارات النقابية وألوانها التقليدية منها والجديدة؛ لكن تفاجأ المتابعون بفتور التنافس وحسم الانتخابات قبل حدوثها بأسابيع وذلك على مستوى النقباء وحتى الاعضاء!
والغريب أيضاً عدم ترشح أسماء جديدة ولا حتى خطاب جديد يشد الناخبين ويرفع مستوى التنافس.
كل ذلك أدى إلى تدني نسب المشاركة؛ حيث وصلت إلى 11 % فقط في بعض النقابات والبعض الآخر قريب من هذه النسبة.
نقابة المحامين هي النقابة الوحيدة التي كسرت هذا الهدوء وبقي اعضاؤها لغاية فجر اليوم التالي بانتظار معرفة نقيبهم، ولأكثر من 36 ساعة لمعرفة أسماء الاعضاء، حيث صوت بحدود 5000 عضو خلال ساعتين بعد منتصف الليل في جولة ثانية قلبت موازين الفوز والخسارة.
عند القراءة في نتائج انتخابات المحامين يُلاحظ وجود لونين داخل المجلس الجديد؛ حيث النقيب يتبع للون وباقي الأعضاء إلى ألوان مختلفة، ويلاحظ ايضا عدم وجود اي سيدة في مجلس النقابة بالرغم من ترشح محاميات يتبع بعضهن لألوان وبعضهن الآخر بلا لون ولكن لم ينجحن، كذلك جغرافيًا لم ينجح اي عضو من محافظات الجنوب بالرغم من ترشح اكثر من 50 محاميا بينهم نسبة جيدة من هذه المحافظات، وبذلك نرى موزاييك نقابي مختلف عن سابقيه والتي كانت تنجح بها كتلة كاملة بمقعد النقيب والاعضاء.
هذه التشكيلة رأينا مثلها في آخر انتخابات لنقابة الاطباء؛ حيث كان النقيب مستقلًا ولكن أغلبية الاعضاء يتبعون لونا آخر، وللأسف لم يحدث “هارموني” بينهم وطغت الخلافات مما أدى إلى استقالات جماعية للاعضاء أطاحت بالمجلس والنقيب.
خطاب نقيب المحامين الجديد – بعد الفوز- بعث رسائل إيجابية مفادها ان الألوان السياسية لن تقود مجلس النقابة وستكون مصلحة المحامين وخدمتهم هي أساس العمل، وبذلك لن يكون هناك صراع بين الاعضاء والنقيب ولا صراع ألوان داخل النقابة.
صراع الألوان في النقابات هوصراع تاريخي؛ حيث الأبيض والأخضر تسيّدا المشهد لأزمنة كثيرة، لكن تيارا جديدا ظهر – تيار نمو- أحدث اختراقات ومزجا للألوان وأخرج لنا لوناً مختلفاً فرض نفسه واستأثر بعدة نقابات ويتوقع المتابعون ان يتمدد هذا التيار بحيث يستحوذ على نقابات أخرى ويكون جسما جديدا ينأى بالنقابات عن الصراعات السياسية التي كان يفرضها اللون حسب اتجاهه السياسي.
هناك فكرة جديدة انتهجتها ألوان نقابة الاطباء وذلك بمزج كل الألوان وإخراج مجلس توافقي بين هذه الألوان بحيث تتوزع مقاعد الاعضاء وموقع النقيب بين كل الألوان ويكون اللون الطاغي هو لون العمل للنقابة.
هذه تجربة جديدة يراهن عرابوها على نجاحها بحيث تكون طوق نجاه لبعض النقابات التي تعاني من ظروف مالية صعبة ولأخذ قرارت جريئة مثل تصفية صناديق وبذلك يتوزع دم هذه الصناديق بين الألوان ويكون المجلس “مجلس إنقاذ”.
لكن هذه التجربة محفوفة بالمخاطر حيث التناحر بين الألوان وعدم انسجامها ممكن ان يهدم الفكرة ويزيد من جراح النقابة ويؤدي إلى تشرذم يدفع ثمنه الاعضاء.
(الغد)