مرايا – كتب: سميح المعايطة
خلال الفترة السابقة ومنذ الحديث عما يجري على حدودنا الشمالية مع سوريا تحدثت بعض الأطراف في الداخل والخارج عن توقعات بلجوء الاردن إلى اجراءات اكثر حزما لضبط حدوده الشمالية ،وتحدثت هذه الأطراف عن فكرة المنطقة العازلة داخل الأراضي السورية ،ولعل اعلان تركيا عن فكرة انشاء منطقة عازلة داخل الأراضي السورية بعمق ٣٠ كم ،والعمل على إعادة مليون سوري إلى تلك المنطقة هذا المشروع التركي إضافة إلى تصاعد محاولات التهريب على حدودنا فتح الشهية للحديث عن منطقة عازلة يقيمها الاردن على حدوده الشمالية لمنع تمركز الميليشيات الطائفية قرب حدودنا الشمالية .
خلال سنوات الازمة السورية لم يتبنى الاردن فكرة المنطقة العازلة رغم طرحها إقليميا، لأن الفكرة كانت تعني دخولا إلى الأرض السورية والانغماس عسكريا في الازمة السورية وهذا كان مناقضا لجوهر الموقف الأردني الذي كان يعمل على الإبتعاد ما أمكن عن أي تدخل عسكري ،لكن الاردن الذي كان حينها يواجه خطر التنظيمات الإرهابية وحالة الفوضى الأمنية في سوريا وغياب الدولة السورية عن الحدود الاردنية السورية ،الاردن لم يأخذ اي خطوة عسكرية تناقض موقفه السياسي ،لهذا لجأ الى بناء علاقات مع قوى اجتماعية سورية في شرق وجنوب سوريا لمواجهة الارهاب اضافة الى الدور المحوري لاجهزة الامن الاردنية والقوات المسلحة التي تحملت ومازالت عبئا لايوصف في ضبط الحدود مع سوريا وايضا مع العراق في فترة ذروة وجود داعش في البلدين .
الاردن كان يدرك ان اي نشاط عسكري اردني داخل سوريا حتى لو كان لحماية امن الاردن سيكون له ابعاد خطيرة ،وان هذا التدخل سيزيد من نيران الازمة السورية ،كما ان الاردن يؤمن ان جيشه عون للدول الشقيقه وحاميا لوحدتها .
لم يدخل جندي اردني الى الارض السورية ولم يسيطر الجيش على متر من الارض السورية كما فعلت دول اخرى ،وتحمل كل الاعباء الأمنية التي نجح فيها باقتدار رغم طول عمر الازمة .
وعندما عادت الدولة السورية الى جنوب سوريا كانت التفاهم معها ومع الطرف الروسي ،وكان الاردن يأمل ان يتم ضبط الحدود وحماية امن الاردن من الارهاب والتهريب ،ورغم محاولات التهريب الكثيفه خلال العامين الأخيرين الا ان الامور كانت افضل من السابق وان كانت الميليشيات الطائفية قد استعملت كل الطرق لتزحف نحو جنوب سوريا وتكون قرب الحدود الاردنية وازداد خطرها بعد تغير وضع القوات الروسية نتيجه حرب اوكرانيا و روسيا .
كل دارس للتعامل الاردني مع كل الازمات الكبرى التي تستهدف امنه واستقراره يدرك ان هناك محددات هامة في اي تعامل اولها الحزم واجتثاث جذر المشكلة وثانيها عدم الاندفاع والبحث عن الحلول، لكن ان اغلقت الابواب كلها فانه لايترك القلق يطرق أبوابه.
تركيا معنية وستبدا بعملية عسكرية في شمال سوريا لاقامة منطقة عازلة داخل سوريا وستكون تحت سيطرة تركيا ،وتركيا لديها قصة مع سوريا ونظامها والاكراد ،لكن الاردن ليس له اطماع في سوريا وليس معنيا الا بوحدة سوريا ،لكنه لن يسمح للقلق والإرهاب وتهديد امنه ان يأتيه عبر الحدود.