مرايا – كتب: سميح المعايطة
منذ ان جاء الخميني للحكم والى اليوم لم يكن النظام الايراني صديقا للاردن ،فبعد اشهر من سقوط شاه ايران كانت الحرب العراقية الإيرانية التي وقف فيها الاردن بشكل واضح جدا الى جانب العراق رغم ان الساحة الاردنية كان فيها متحمسون لايران وعلى رأسهم الاخوان المسلمين الذين نظموا العديد من الفعاليات الشعبية تأييدا للحكم الجديد في طهران .
ورغم ان العلاقات مع طهران لم تحمل توترا مباشرا الا ان المخاوف الأمنية والسياسية لدى الاردن كانت قوية ،وكانت كل خطوة تقارب سياسي او اقتصادي مع طهران مقيدة بهذه المخاوف ،فايران دولة لاتخفي رغبتها في الدخول الى اي ساحة وبناء اتباع وحلفاء ان لم يكن من بوابة طائفية فمن بوابة فلسطين ،وكان موقف الاردن واضحا في رغبته في بناء علاقة جيدة مع ايران لكن بمحددات أمنية مشددة نابعة من فهم لطبيعة نشاط ايران في الإقليم.
وفي عهد الرئيس خاتمي في النصف الثاني من التسعينات كان هناك قفزة ايجابية للعلاقات لكن الحاضر الغائب كان المخاوف الأمنية الحقيقيه التي لم تفتح بابا لايران للدخول الى الساحة الاردنية.
وخلال كل تلك السنوات بقيت السياسة الاردنية كما هي ،علاقات مع ايران وتواصل سياسي لكن سقف العلاقات بقي محكوما بالمخاوف الأمنية التي تعززت وخاصة بعد دخول ايران ساحات عربية عديدة ونشاط الحرس الثوري وبناء مخالب ايرانية عربية قوية في الإقليم.
المعادلة الاردنية واضحة…فالاردن لايريد قطيعة ولامواجهة مباشرة مع ايران سياسيا لكنه لايأمن حانب ايران أمنيا، والاردن كان واضحا في الدعوة لعلاقات حسن جوار عربية ايرانية دون تدخل اي طرف في شؤون الاخر، وكان الاردن يدرك انه لا احد في الإقليم يريد مواجهة عسكرية مباشرة سواءا العرب او ايران ،لكن الاردن كان منحازا لمواقف الدول العربية المتضررة من التدخل الايراني، لكنه يعلم ان تلك الدول التي تصعد ضد ايران لها علاقات مع ايران سياسية واقتصادية بمستويات مختلفة.
كانت ايران نظريا بعيدة عن الجغرافيا الاردنية رغم ان تاريخ العلاقات لم يخل من محاولات ايرانية مباشرة وغير مباشرة لدخول الساحة الاردنية بمافي ذلك محاولات ادخال اسلحة للاردن من بعض اتباع ايران العرب.
لكن الازمة السورية قربت ايران واتباعها للجغرافيا الاردنية وازداد الامر مع تراجع دور روسيا بعد حربها الاخيرة، فاقتربت ايران بل وكان لاتباعها نشاط عدواني ضد الاردن عبر محاولات التهريب الممنهجة للمخدرات وغيرها .
الاردن وكما كان لايريد الدخول في مواجهة عسكرية على الارض السورية ،لهذا تعامل مع الملف الاخير بمسارين الاول حزم عسكري ضد اي محاولة تهريب ،وثانيا فتح قناة أمنية وعسكرية مع بعض السياسه مع ايران في حوار برعاية حكومة العراق ،والهدف تبريد الحدود الاردنية السورية ووقف حرب التهريب .
ايران سعيدة بهذا الحوار لانها تريد ان يكون لها مع الاردن ملف ومصالح أمنية مشتركة ،والاردن يريد تخفيف حالة التوتر على الحدود مع الطرف المؤثر وهو ايران لان الحكومة السورية غائب حاضر .
هذا الذي يجري ليس على جبهة الاردن وايران فقط بل بين ايران والسعودية وايران ومصر وكل هذا في بغداد ،والهدف فك الاشتباك الامني والوصول الى معادلة علاقات توقف المحاولات الإيرانية للتمدد وربما امور اخرى ،لكن ايران ستبقى مصدر قلق امني للاردن مادامت تؤمن بتصدير الحرس الثوري وتوسيع النفوذ في كل الساحات .