مرايا – د. محمد حسين المومني
دق جلالة الملك في جمعية الامم المتحدة ناقوس الخطر لما تتعرض له المدينة المقدسة. الملك تحدث ان القدس يجب ان تبقى عنوانا للسلام والوئام والرحمة، لا ان تكون مدينة النزاع والصراع.
نبه الملك ان المسيحية في القدس تواجه خطرا محدقا، وان المسيحيين العرب يهجرون مدينتهم، وهو يستند لحقائق الميدان التي تقول ان المسيحيين يتناقصون، وان اعدادهم الان اقل من 3 % من السكان بعد ان كانوا بحدود 18 % على مر التاريخ.
كلام الملك مؤثر في المستوى الدولي وقوبل بحملة مرتدة. بعض الاصوات رفضت الحقائق الميدانية، ومؤسسات اعلامية كالجروسلم بوست قررت الخروج عن الحياد، والانحياز لتسيس هذا الملف التاريخي الشائك، وتلك سقطة مهنية لم تراعي الحقيقة.
ردود الفعل تشير بوضوح ان الهدف من حديث الملك تحقق وأحدث الصدمة المطلوبة، وقدم التقدير الموضوعي حول مسيحيي القدس، ومع الوقت سوف تنتظم كثير من الاصوات خلف تقييم جلالة الملك، لانه الحق وواقع الحال الموضوعي.
الملك قض مضجع صناعة دينية تقدر بعشرات المليارات ممثلة باليمين المسيحي العالمي (الايفانجيلكوز- الانجيلية)، التي تجمع الاموال وتساعد اسرائيل لقناعته الدينية ان قيام اسرائيل شرط مسبق لعودة المسيح، وهم يتلاقون بذلك مع اهداف اسرائيل السياسية، وان ذلك بحسب الرواية الدينية للمتدينيين اليهود شرط مسبق ايضا لقدوم المسايا.
هذه صناعة ضخمة يقف خلفها قوى سياسية مؤثرة واموال طائلة، وحديث الملك يواجهها، يقول للعالم ان المسيحية في القدس تحت الخطر، ولا تعيش في نعيم سياسي، وان احقاق السلام ضروري لانقاض مسيحيي القدس.
استندت الاصوات التي اغضبها الملك للقول ان المسيحية في كل الشرق الاوسط، وهذا صحيح بدلالة الارقام، ولكن غفلوا ان يكملوا بالقول، ان المسيحية تتناقص من الدول حول اسرائيل لاسباب اقتصادية اولا، واخرى مرتبطة بعوامل التطرف الديني والارهاب، ولكن في القدس فالاوضاع الاقتصادية جيدة ومزدهرة، وهجرة المسيحيين من القدس تعود لاسباب الاحتلال، الذي سلبهم حقهم في العيش بكرامة في دولة ينتمون لها قوميا وهي فلسطين.
المسيحيون العرب يهاجرون لانهم تحت الاحتلال، ويعيشون تحت احتلال عنصري لصالح مواطنيه اليهود في القدس على حساب الاخرين الفلسطينيين مسيحيين ومسلمين.
الملك في حديثه يستند لارثه العظيم كقائد مسلم منذ العهدة العمرية، التي أمنّت اهل القدس عندما تسلم الخليفة عمر مفاتيح المدينة من رهبانها، واصدر اول وثيقة حقوق انسان في التاريخ العهدة العمرية، تعطي اتباع المسيحية واليهودية في القدس الامان، وألا تنحاز السلطة الاسلامية لاي منهم، ولا تعبث بزيادة اعداد احدهم على حساب الاخر، ورفض الصلاة في الكنيسة حتى لا يأتي احد بعده ويمس الكنائس والمعابد، ومنذ ذلك التاريخ ولقرون، بقية القدس مكونة من ثلاثة احياء، مسلمة ومسيحية ويهودية، يعيشون في سلام وكرامة.
الملك يستند لهذا الارث الذي كان آخر تجلياته استقبال الاردن للمسيحيين الارمن ومسيحيي الموصل بعد فرارهم من داعش.
حديث جلالة الملك ايده بيان هام للقيادات الكنسية في القدس، ضاحدين كل التشكيك وداعمين الحقائق والتقييم الموضوعي الذي اطلقه الملك، فما قاله هو الحقيقة التي سيتنظم خلفها مع مرور الوقت المزيد من المنصفين.