مرايا –
تحتفل الأسرة الأردنية الواحدة بعد أيام بزفاف سمو الأمير الشاب الحسين بن عبد الله الثاني، حيث تأخذ هذه المناسبة الوطنية أصداء شعبية واجتماعية واسعة، تتمثل في الاحتفال بزواج ولي عهد المملكة الأردنية الهاشمية أثناء فترة توليه منصبه الدستوري.
في المقابل، فإن لزفاف ولي العهد أبعادا دستورية هامة تكمن في ارتباطه الوثيق باستمرارية نظام الحكم الملكي في الأردن، والذي جرى تحديد ملامحه في المادة (28) من الدستور، التي تنص بالقول أن عرش المملكة الأردنية الهاشمية وراثي في أسرة الملك عبد اﷲ الأول ابن الحسين، وأن وراثة العرش تكون للذكور فقط من أوﻻد الظهور.
فمن خلال استعراض الحكم التشريعي السابق، نجد بأن المشرع الدستوري قد كرّس العنصرين الأساسيين لقيام أي نظام ملكي كما اتفق عليهما الفقه الدستوري وهما؛ أن تنحصر ولاية المُلك في أسرة واحدة، هي أسرة الملك عبد الله الأول ابن الحسين، وأن يستمر الملك في الحكم لفترة زمنية غير محددة تنتقل السلطات من بعده إلى التالي على العرش، وذلك وفق الآلية المقررة في الدستور.
إن المشرع الدستوري قد أخذ بأسلوب الانتقال العامودي لولاية المُلك على سلَم النسب؛ فعرش المملكة الأردنية الهاشمية ينتقل من الملك إلى أكبر أبنائه الذكور من بعده، ومن ثم إلى أكبر أبناء ذلك الابن الأكبر وهكذا طبقة بعد طبقة. وقد جرى تطبيق هذا الحكم الدستوري على الملوك السابقين الذين تعاقبوا على عرش الدولة الأردنية، وذلك بعد وفاة المغفور له الملك عبد الله الأول ابن الحسين وانتهاء بانتقال الحكم إلى جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين.
إن سمو الأمير الحسين بن عبد الله الثاني يجمع اليوم صفتين دستوريتين؛ فهو ولي عهد المملكة الأردنية الهاشمية والابن الأكبر لجلالة الملك. بالتالي، فهو يحتل الترتيب الأول في سلّم انتقال ولاية العرش إليه، وذلك بعد عمر طويل ومديد لجلالة الملك المعظم.
كما أن المولود الذكر الأول لسمو الأمير الحسين بن عبد الله سيكون ترتيبه الثاني في تولي عرش المملكة الأردنية الهاشمية، وذلك استنادا لأحكام الفقرة (أ) من المادة (28) من الدستور، التي تحدد آلية انتقال المُلك من صاحب العرش إلى أكبر أبنائه سنا ثم إلى أكبر أبناء ذلك اﻻبن الأكبر. فالشروط الواجب توافرها فيمن يتولى المُلك في الأردن قد حددتها المادة (28/هـ) من الدستور، والتي تشمل أن يكون مسلما وعاقلا ومولودا من زوجة شرعية ومن أبوين مسلمين.
عضو جديد للأسرة المالكة ولقب أميرة للآنسة رجوة
ومن الأبعاد الدستورية الأخرى لزواج ولي العهد أنه سيؤدي إلى انضمام عضو جديد إلى الأسرة المالكة في الأردن، هي زوجة الأمير الحسين بن عبد الله الثاني. فهذه الأسرة قد جرى تحديد الأعضاء فيها بموجب المادة (3) من قانون الأسرة المالكة رقم (24) لسنة 1937، والذين يشملون «فرع حضرة صاحب السمو الأمير عبد الله بن الحسين، إلا أنه لا يشمل ذرية الإناث منهم اللواتي يتزوجن من غير أعضاء الأسرة المالكة الذين تشترط فيهم الكفاءة، وأولاد صاحب الجلالة الملك حسين ذكورا وإناثا، وعقب الذكور منهم المقيمون عادة في شرق الأردن الذين أصدر سمو الأمير المعظم إرادته السامية بقبولهم في الأسرة المالكة، وزوجات أعضاء الأسرة المالكة المتقدم بيانهم وأراملهم حتى يتزوجن». فكل عضو من أعضاء الأسرة المالكة يُطلق عليه لقب «أمير» أو «أميرة»، وذلك عملا بأحكام المادة (4) من قانون الأسرة المالكة.
إن العضوية في الأسرة المالكة في الأردن لها شروطها وأحكامها الخاصة، ويكون لجلالة الملك–باعتباره رئيس الأسرة المالكة–مجموعة من الحقوق في مواجهة الأعضاء فيها، تتمثل في منحهم الإذن بالزواج، ومراقبة ما ينفقه كل عضو من أعضاء الأسرة المالكة من المبلغ المخصص له في الميزانية العامة للدولة. كما يتسع نطاق صلاحيات الملك على الأسرة المالكة لتشمل إخراج أي عضو من الأسرة لعدم جدارته في الانتساب إليها، وذلك إذا ارتكب أمورا خطيرة تخل بكرامة رتبته الملوكية.
إن الزواج الميمون لسمو ولي العهد المعظم من شأنه أن يعزز من ثبات النظام الملكي في الأردن، وأن يديم حكم أسرة الملك عبد الله الأول ابن الحسين وفق أحكام الدستور الحالي لعام 1952. فهذا الدستور قد نشأ كعقد اجتماعي بين الحاكم وأفراد الشعب الأردني من خلال ممثليهم، حيث جرى الاتفاق من خلاله على ملامح النظام الملكي والحقوق والواجبات الدستورية الملقاة على عاتق كل طرف من أطرافه.
(مقال الدكتور ليث نصراوين)