مرايا –
الأول من حزيران (يونيو) 2023، هذا اليوم سيبقى استثنائيا يسجل في التاريخ، تستعيده الأجيال المقبلة لجمالية المشهد ورقيه، حينما عمت فرحة الهاشميين والعائلة الأردنية بأكملها بهذا العرس الوطني المبهج بكل تفاصيله.
لم يكن يوما عاديا عاشه كل الأردنيين والعالم أجمع، أول من أمس، إنما مثل حالة استثنائية بحجم فرح هذا الوطن.
شوارع الوطن من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه، امتلأت منذ ساعات الصباح بالعائلات صغارا وكبارا يحملون الأعلام الأردنية، مبتهجين بانتظار مرور موكب زفاف سمو ولي العهد الأمير الحسين والأميرة رجوة، لتقديم التحايا لأميرهم المحبوب.
لحظات ستبقى راسخة في الذاكرة لن تنسى أبدا، من تناغم يليق بالأردن وشعبه، من سعادة استقرت بالقلوب، من تواضع الهاشميين في كل مشهد من مشاهد الاحتفال بطقوسه المستمدة من تاريخ وثقافة هذا الوطن.
هي مشاعر قد يصعب وصفها، لكنها لامست مشاعر كل إنسان شاهد وتابع تفاصيل الزفاف الملكي، ليشعر أن كل ما في الحدث مناسبة عائلية خاصة هو جزء أساسي منها، تعنيه وتعني كل أفراد أسرته.
“اليوم نفرح بالحسين.. ابني وابنكم”، هكذا قال جلالة الملك عبدالله الثاني في مضارب بني هاشم، وفي حفل الحناء الذي أقامته جلالة الملكة رانيا، وجهت جلالتها كلمتها للحضور “الحسين ابنكم وانتوا أهله وهذا عرسكم”، وهو ما شعر به كل مواطن على أرض الأردن بأن الاحتفاء بزفاف سمو ولي العهد هو احتفاء خاص يقام في كل بيت.
تجهيزات حفل زفاف ولي العهد بكل تفاصيله، كانت عابقة بالتراث والتقاليد والعادات الأردنية الأصيلة، لتتصدر صورة الأردن بهويته الموحدة، وتنوعه وجماله وروحه وأصالته، ولتكون أنموذجا يحتذى في العالم أجمع.
الأغاني الوطنية والتراثية والأهازيج الفلكلورية و”المهاهاة”، تعالت أصواتها في كل مكان، فيما دبكات الشباب امتدت في الشوارع وأماكن التجمعات المخصصة لمرور الموكب الأحمر، وتوشح الصغار والكبار بالكوفية الأردنية حاملين الأعلام، محتفين بسمو ولي العهد “أميرهم المحبوب” والأميرة رجوة الحسين.
في مشاهد مؤثرة، ظهرت سيدات كبيرات في السن يرتدين الأثواب الأردنية، وقفن منذ ساعات الصباح الباكر يحتفلن بالشوارع برفقة عائلاتهن، ويغنين للأمير والأميرة، والفرح يغلف وجوههن ينتظرن لحظة مرور الموكب الأحمر، ودعوات لم تتوقف أن تكون حياتهما هانئة مليئة بالسعادة والخير والازدهار.
أما الأطفال، فقد عاشوا يوما لن ينسوه في مراحل عمرهم المقبلة، وهم يشاهدون “زفاف الحسين” بتفاصيل ستبقى راسخة في عقولهم، يتحدثون عنها بحب ودهشة وجمال في كل مناسبة.
وفي مشهد على امتداد الوطن، كانت محافظات الأردن جميعها، أشبه بمكان احتفال واحد؛ فرح واحد، غناء واحد، احتفاء واحد، شعور بالفخر والاعتزاز، حيث تجمعت الجماهير من كل قرية ومدينة، وضمن فعاليات شعبية أقيمت، شعر فيها الجميع بالسعادة وعبروا عنها بكل الطرق.
كل الأنظار كانت وجهتها وبوصلتها الأردن، تفاعل عربي وعالمي مع “العرس الأردني”، في وقت تصدرت فيه أجمل العادات التراثية ليرى الجميع الأردن بأبهى حلة، وفي حالة وطنية خاصة.
ازدهى الأردن بالضيوف العرب والأجانب الذين جاؤوا من مختلف بقاع الأرض، ليشاركوا الأردنيين فرحتهم بزفاف الأمير الحسين، وليكونوا شركاء فعليين في احتفالات الأردن التي استمرت لأيام لـ”عريس الشباب”.
سيبقى هذا اليوم شاهدا على الفرح الذي تجسد في كل أنحاء الأردن بزفاف “عريس الأردن الغالي وعروسه الغالية”، لتحمل تلك اللحظات كل معاني الحب والافتخار والعز وتبقى عابقة برائحة تراب الوطن وجماله وروحه الطيبة.
أول من أمس، زفت الأردن أميرها الحسين، الذي نهل المعرفة والحكمة والقيادة والتواضع وخدمة الشعب من والده الملك القائد عبدالله الثاني وجده الحسين بن طلال. وها هو الأمير الشاب يمثل أنموذجا يقتدي به الشباب، يكمل ما بناه أجداده لرفعة الأردن وازدهاره وتطوره، والاستمرار في مسيرة الإصلاح والبناء.