مرايا – هل سَتُنَفِّذ قوات الاحتلال الإسرائيلي هجوماً برياً على قطاع غزة أم لا؟ ، تساؤل يتردد في الشرق الأوسط والعواصم الكبرى والمنتديات الخاصة بالنقاش العسكري، بعد 16 يوماً من اندلاع الحرب الجديدة “7 أكتوبر”.
وتبرز كل المعطيات بتردد إسرائيل نتيجة الضغط الأمريكي لتخوّف واشنطن من حرب إقليمية، ثم ضعف الثقة في صفوف قوات الاحتلال من المجهول الذي ينتظرهم.
وهكذا، يعدّ هجوم الفلسطينيين يوم 7 أكتوبر الجاري ضد غلاف قطاع غزة وجزء من إسرائيل من أكبر المفاجآت العسكرية في الشرق الأوسط، التي وضعت حداً لفكرة “الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر”.
وكما كان منتظراً، تعمل إسرائيل على استعادة جزء من صيتها العسكري المجروح عبر الهجوم على المدنيين، في عمليات تشبه الحرب العالمية الثانية عندما لم يكن يتم التفريق بين المدنيين والعسكريين، ويبقى أبرز مثال الجريمة البشعة ضد مستشفى المعمداني. وترغب إسرائيل الآن في قتل مزيد من الفلسطينيين ليكون مقتل أربعة فلسطينيين مقابل كل إسرائيلي على الأقل.
ووسط كل هذا، يبقى التساؤل: هل ستهاجم إسرائيل قطاع غزة برياً؟ توجد أسباب متعددة وراء الخوف في صفوف إسرائيل بالحذر من الإقدام على هذه المغامرة، غير أنه لا يمكن استبعاد التقدم البري الإسرائيلي، لكن سيكون نسبياً في كل الأحوال، ولن يتعدى التوغل لمسافة محدودة في القطاع. ومن أبرز العوامل التي تحول ضد التقدم البري، أو على الأقل جعله نسبياً ومحدوداً:
“حماس” ربما تتوفر على أكبر عدد من الأنفاق ذات الاستعمال العسكري بعد كوريا الشمالية. ولا يمكن لبرامج الرصد والرادارات العثور على كل الأنفاق
في المقام الأول، تنصح واشنطن حكومة بنيامين نتنياهو بالتريث في تنفيذ عملية برية ضد القطاع، لأن التقدم البري سيجر “حزب الله” إلى المواجهة، وهذا سيجرّ لاحقاً كلاً من إيران والولايات المتحدة. وأوردت “نيويورك تايمز”، أمس السبت، كيف أن واشنطن تحذّر إسرائيل من جرّ “حزب الله” إلى الحرب.
في المقام الثاني، لم تدمر إسرائيل بقصفها المتوالي، منذ أسبوعين، الآلة العسكرية الفلسطينية في قطاع غزة، وهي تدرك أن حركة “حماس” بنت أنفاقاً كثيرة، وذات تحصين عال للمقاومة لشهور كثيرة. تسبَّبَ القصف فقط في قتل المدنيين، وهذا ليس من شيم الجيوش التي تدّعي انتماءها إلى كيان ديمقراطي. وينقل الموقع الرقمي المتخصص في ما هو عسكري “غلاكسيا مليتاري” عن خبراء عسكريين أن “حماس” ربما تتوفر على أكبر عدد من الأنفاق ذات الاستعمال العسكري بعد كوريا الشمالية. وعملياً، لا يمكن لبرامج الرصد الإلكتروني والرادارات العثور على كل الأنفاق.
في المقام الثالث، هجوم 7 أكتوبر أصاب الجيش الإسرائيلي بنوع من الصدمة، نظراً لمستواه الاحترافي، بمعنى أنه جرى تنفيذه بمستويات الحرب الاحترافية التي تخوضها كوماندوهات الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا والصين. وعليه، يوجد تخوف من أن أي تقدم سيكون مصيدة عسكرية حقيقية ستجعل الجيش الإسرائيلي في موقف حرج، وستكون النهاية الحقيقية للجيش القوي.
في المقام الرابع، فَقَدَ الجيش الإسرائيلي الثقة بالنفس أمام العمليات النوعية لـ 7 أكتوبر، لا سيّما أن غالبية القوات العسكرية هي من الاحتياط التي لا تتوفر على جاهزية عالية للقتال في أكبر تحد تواجهه إسرائيل منذ 2006، حرب تموز.
في المقام الخامس، الراجح هو انخراط “حزب الله” في الحرب ضد إسرائيل بمجرد بدء العملية البرية، لأنه يخشى من قضاء إسرائيل على حركة “حماس”، الأمر الذي سيجعلها تولي كل ثقلها تجاه الشمال، بينما وجود جبهتين يعني تشتيت قوة إسرائيل وإضعافها.
تدرك واشنطن كل هذه العوامل، وهو الأمر الذي جعلها ترسل حاملتي الطائرات فورد وأيزنهاور إلى شرق المتوسط، تحسباً للتدخل المباشر، في حال اتساع رقعة الحرب، لأن إسرائيل، التي واجهت الجيوش العربية في الماضي، لم تعد قادرة على خوض الحروب الجديدة القائمة على الحركات المسلحة، لا على الجيوش النظامية.