مرايا – كتب: سميح المعايطة
بين حين وآخر وفي كل ازمة في الإقليم أو حتى داخل الأردن هنالك سجال بين الأردنيين المؤمنين بالأردن والحريصين عليه والمقدرين لتاريخه ووقفاته مع كل الأشقاء وبين أصوات تخرج من داخلنا او تأتي من الخارج تكون مهمتم وما يشغلهم هو شتم الأردن وأهله والإساءة له واتهامه عبر اخبار كاذبة او اقاويل وافتراءات، والهدف هو ان تظهر صورة هذا البلد بأنه بلد يجمع كل انواع الشر، بينما التمجيد ومنح اوصاف نصرة العروبة والاسلام لدول لا تختلف عن الأردن في نهجه السياسي وأقل منه بكثير في مواقف مناصرة قضايا الأمة.
ولأن الامر يتكرر فإن علينا جميعا ان ندرك ان كل الاساءات والافتراءات لاعلاقة لها بما يفعل الأردن وماهي مواقفه بل هي مرتبطة بوجود هذا البلد وقدرته على الاستمرار والحفاظ على نفسه، وهناك البعض يغيظه ويملأ قلبه حقدا وجود أردن وأردنيين وحضور لهذا الوطن، وكل الازمات داخلية وخارجية تكون فرصة لإخراج ما في قلوب هؤلاء من حقد وسوء وامنيات شريرة، فالقضية ليست موقفا الأردن من العدوان على غزة او الدعم الانساني او المستشفيات الأردنية في الضفة وغزة بل هي احقاد يجري اعادة تشكيلها بشكل اتهامات واختلاق قصص والمهم الإساءة للأردن.
آخر قصص كانت المحاولات العدوانية من تحالف ميليشيات طائفية مع تجار المخدرات وبعض الجهات السورية عبر هجوم عسكري منظم لاختراق الحدود وعبر عدة محاولات افشلها الجيش، وهذا الامر يتكرر منذ سنوات لكن بمستويات مختلفة، لكن لوجود الحرب في غزة “اخترع” البعض حتى من المحسوبين على الاردن ان هذه العمليات تأتي لتهريب اسلحة الى فلسطين، ويتعاملون مع الناس بتذاكي، وينسون انها محاولات منذ سنوات وانها تأتي من سورية التي لها حدود مع فلسطين والجولان، وانه لو كانت هذه العصابات تريد فلسطين فلديها الحدود مع لبنان تحت سيطرة من ينتجون المخدرات وحدود سورية مع فلسطين، فلماذا يتركون حدودا تحت سيطرتهم ويأتون للأردن؟ وهل تهريب اسلحة الى فلسطين يحتاج الى تجار مخدرات؟
وحتى عندما يكون للأردن مستشفى في غزة ويقوم بتزويده بالمعدات بإنزال جوي فإن البعض يلوم الأردن ويتهمه وكأنه فعل أمرا يغضب الله، فالأردن دولة تقوم بواجبها تجاه المرضى هناك عبر معبر رفح او الإنزال فما هي جريمة الأردن؟ تماما مثلما نرى مشاهد للبعض من المحسوبين على الأردن يحاولون إظهار المستشفى مقصرا..
الأمر اختلاق افتراءات على هذا البلد وحقد على وجود دولة اسمها الأردن وان لها شعبا اسمه الأردنيون، أما هذا الحقد فالتعبير عنه في الازمات الداخلية والخارجية.
ومن المدهش أن البعض من القوى السياسية التي تخرج للشارع تكون مشكلتها ان ترفع علم الأردن او لا ترفعه وهي ذات المشكلة اي وجود الأردن والايمان به كدولة فهل هناك أردني حقيقي تكون لديه مشكلة مع علم بلده هذا إذا تعامل مع الأردن انه وطن وليس ساحة عمل!
قبل سنوات طويلة نشأت ازمة مع الاخوان المسلمين على وضع العلم في المركز العام وجاء محافظ العاصمة آنذاك الى المركز وكان جدال حول مساحة العلم، فهل من المعقول ان يكون وضع العلم في مقر جماعة تقول انها تعمل ضمن الدستور قضية وازمة، لكن القضية معلومة وواضحة لان الجوهر النظرة لهذا البلد والايمان به وبدستوره، واتحدث عما في القلوب وليس في تصريحات التمويه.
ربما على كل أبناء هذا البلد الصادقين في الدفاع عنه ان يدركوا ان المشكلة ليست في تفاصيل القضايا التي يتم الاساءة فيها للأردن بل في قلوب وقناعات كل الجهات داخل البلد وخارجه التي تبحث عن اي امر لتحوله الى مصدر إساءة للأردن واهله ومؤسساته، والسبب الاهم هو الحقد على فكرة وجود بلد وشعب يحملون هذه الهوية وحاضرون في العالم وصادقون في الدفاع عن قضايا امتهم.
حتى لو فعل الاردن كل ما يتحدثون عنه وكنا نحارب اليوم اسرائيل بينما كل العرب ومعهم السلطة الفلسطينية يتحدثون عن حل سياسي فإن هذا المعسكر الذي تحركه احقاده سيشتم الأردن لانه خرج عن القرار العربي.
البعض لا يكتفي بعدم الوقوف الى جانب الأردن في مواجهة الارهاب وميليشيات المخدرات او مواجهة داعش بل نتحول الى متهمين وكأن جيوش ايران وحزب الله التي تدعم الارهاب ضد الأردن لم تتبرأ من عملية حماس ولم تعقد تفاهمات مع اميركا وانها أنهت حربها مع اسرائيل في الجولان وجنوب لبنان ولا يعطلها إلا سماح الأردن للمخدرات بدخول أراضيه!
هي القلوب السوداء وعدم الايمان بالدولة الأردنية وحرصهم على الاساءة الدائمة له واظهاره متهما، ومهما فعل الأردن فإن هذه الاحقاد لن تذهب من قلوب هؤلاء اينما كانت هويتهم وولاءتهم، فهي حرب مرتبطة بوجود الأردن وليس بما يفعل.