مرايا – محمد فخري -بالصف التاسع لما الأستاذ كان يسألني شو بدك تصير يا معاوي لما تكبر أجاوبه بدي أصير دكتور أسنان ، كنت شاطر بالرياضيات والإنكليزي وكان حلمي أصير دكتور ، ما كنت أعرف ولا حتى أستاذي بعرف شو رح أصير لما أكبر لحد 10/11/2015 كنت أنا وابن عمي إسمه علي بمحطة القطار الخفيف لمنطقة بزغات زئيف بالقدس المحتلة ، أنا كان عمري بهذاك الوقت 14 سنة وعلي عمره 11 سنة ، فجأة ما شفنا إلا طخ وصوت وكركبة وعجقوة ، علي وقع ع الأرض وكان بنزل منه دم من بطنه ، وأنا أجوا علي جنود من وحدة أليسام بطحوني ع الأرض وشلحوني البنطلون والبلوزة والبوت وضليت بالأواعي الداخليه ، وقلبوني ع وجهي وفي جندي قعد على ظهري ورجلي وكلبشني من ايدي ، علي ابن عمي نقلوه ع مستشفى هداسا عين كارم وأنا أخذوني بأوعيي الداخلية ع سجن المسكوبية غرفة رقم 4 ، غطوا وجهي بنايلون وضليت بالبرد يمكن 6 ساعات لحد ما نشف دمي وصار جسمي أزرق وبلشوا تحقيق معي وأنا مش عارف شو في أصلا ، بس اللي فهمته إنه أنا وعلي ابن عمي بدنا نطعن مستوطن أو جندي من اليسام والجنود مسكونا !
وتهمتنا محاولة طعن جندي من وحدة أليسام ، وهذا الحكي مش صحيح وهاي تهمة لبسوني اياها ،
علي عملوله عمليتين وكان بجسمه 3 طلقات ببطنه وبالحوض وبإيده ، شالوهن منه ونقلوه بعدها على معهد داخلي بيت نقوبا وهو معهد تحت الشرطة الصهيونية للأطفال الصغار لإنه عمره 11 سنة وقانون الصهاينة تحت 15 سنة ما بنسجن ، ع أساس أنا عمري 14 سنة كبير ، ضلوا يماطلوا فيي عشان يصير عمري 15 سنة ويحاكموني ع قانونهم ، قعدت 10 أيام بالمسكوبية وتحقيق وضرب وقلت نوم ، نشفوا دمي وكانوا يسبوا علي ويوقفوني بالبرد بدون أواعي لحد ما دم جسمي نشف وصار أزرق ، كبرت سنة بعد المماطلة وصار مسموح إنه أتحاكم حسب قانونهم المطاطي ، وزني صار 20 كيلو من التعذيب ، وصرت ألبس نظارة طبية لإنه نظري خف من التعذيب ، لبست جاكيت أكبر من جسمي مصنوعة للرجال ؛ وأنا كنت رجل وبستاهل هالجكيت إللي هي وسام وفخر للأسرى ، ما كنت أقدر أنام بالسجن وكنت أنام بالمحكمة من التعب ، القاضي بحكي وأنا نايم ، بشهر 7/2016 حكموني بعد مماطلة 6 سنوات ونصف وغرامة 26 ألف شيكل يعني 6.700 دولار ، والتهمة حيازة سكين ومحاولة تنفيذ عملية طعن ضد جندي من وحدة أليسام ، بس سمعت الحكم صرت أضحك وحكيت للقاضي :
مفشي أقل من هيك ، أقل من 6 سنين مفشي !
وقعد يوجهلي لائحة الإتهامات اللي كلها كذب وأنا بضحك وبحكيله :
مش فاهم … مش فاهم .
المحامي بسألني : إنت موافق ع الحكم ؟
جاوبته : أنا شو عملت لآخذ هيك حكم !
بالأخير إنسجنت وأنا مش فاهم شو في ولا ليش ولا حتى وين أنا ، بالسجن ما قدرت أتأقلم والوضع مخزي بس كونه ما في حل ولا في أي اشي ممكن يخفف عليك بدك تضل مبتسم وتضحك قدام الجنود عشان تقهرهم وتخفف عن حالك ، لإنه ضحكتك وإبتسامتك هي سلاحك بالسجن ، أول زيارة لأبوي إلي بتذكر إنه كان واقف بعيد وبتخيل كيف رح يكون شكلي من ورا الزجاج وأنا مكلبش ، أول ما شافني أنا ضحكت وإبتسمت وهو ما قدر يضل واقف قعد ع الأرض ورجليه ما حملته ، أنا حشرت دموعي وهو حشر دموعه وأكيد هو بس روح عيط كثير وأنا كمان عيطت كثير بالحمام مشان ما حد يشوفني ، أنا بدي أخفف ع أبوي وإلا هو يخفف علي ما كنت عارف ، وحتى أمي كمان بتذكر بسجن مجدو بس إنتهت الزيارة أغمى عليها ونقلوها ع مستشفى ، كانت تيجي تزورني مرة كل أسبوعين أو كل شهرين أو كل سنة ، والله ما بعرف الوقت بالسجن اليوم بمرق كأنه سنه ، كانت تجيبلي أواعي معها وكل مرة ترجع تروحهن معها ويمنعوها تفوتهم ، بدي مصروف شهري 1600 شيكل مشان أقدر أشتري حاجاتي ، مش قادر أتأقلم ولا أتعود ، شغلوني بكانتين السجن لإني شاطر بالحساب وأمين وما بسرقش ، أمي عملت 3 عمليات وقعدت فترة ما تزورني وبس اسأل عنها بحكولي إنها مشغولة مع إخواني ، مرة سمحولها تشوفني بدون زجاج وتتصور معي ، عبطتني وحضنتني وعيطت كثير والمرة اللي بعدها ما قدرت تتحمل وتيجي تزورني وتشوفني من برا الزجاج ، شو أعمل ؟
مليان أسرى بتجرب عليهم إبر وأدوية ، وأسرى مرضى ، وأطفال ، مليان شغلات ما بتنحكى ومحدش داري عنهم ولا حد مهتم إلهم ، أنا طفل إنحرمت من ألعابي من بسكليتي من طفولتي حتى حلمي بإني أصير دكتور بختفي شوي شوي !
أصحابي أولاد جيلي قربوا يدخلوا ع الأول ثانوي ويدرسوا جامعات ويكبروا ويحققوا أحلامهم حلم حلم وأنا لساتني مش فاهم !
صورتي انتشرت جديد والناس بتحكي ي الله كيف كبر بسرعة ، وما بعرفوا شو شفت بالسجن مشان أكبر هيك بسرعة ، ما بعرفوا إنه لا ليل ولا نهار بميز ، ما بعرفوا إني باخذ أواعي السجناء اللي معي بلبسها لحد ما تنشف أواعيي من الغسيل لإنه بقدش أشتري ، ما بعرفوا إنه جسمي أزرق من برد الشتاء ووزني وصل 20 كيلو ، الناس ما بتعرف إنه مقولة السجن للرجال مقولة كذابة ولازم تتعدل وتصير “السجن لمعاوية علقم قاهر السجان” زي ما حكالي أبوي أصبر وأضحك وأقهر سجانك ، هيني بضحك وصابر وربنا بعرف شو في جوا السجن ، بس اللي لازم الكل يعرفه إنه أنا مسجون من 3 سنين وإنه من حقوق الإنسان بفلسطين بند أول بحكي :
رضاعة المقاومة ، هيك إحنا بنرضع المقاومة من أمهاتنا وبنكبر مقاومين ، الصغير فينا شهيد والكبير شهيد وحتى الصغير شهيد والكبير أسير ، كل أبطال فلسطين شهداء بالقبور أو أسرى بالسجون مش فاهمين ، ومش متذكرين إلا كلمة بهمش .
* هذه القصة لأصغر الأسرى في سجون الإحتلال كتبت بواسطة :