مرايا – يغادر رسام الكاريكاتور الزميل ناصر الجعفري ‘الغد’ بعد سنوات، من العطاء المتواصل، والعمل الخلاق، الذي أرساه بروحه المشتعلة، تفتحا على قضايا الناس وهمومهم، وملامسة أوجاعهم اليومية.
وفي مسيرته الكاريكاتورية، ترك الجعفري في ‘الغد’ رسوماته التي كان يطل من خلالها على قراء الصحيفة ليرسم يوميات المواطن الأردني في إطار مزج بين السخرية المرة والنقد البناء، مشتغلا على الهم العربي.
وتمثل رسومات الساخر الجعفري؛ الذي ولد في عمان العام 1970، ونال دبلوم رسم كرتوني في جامعة بنسلفانيا الأميركية في العام 1997، محاكاة حيوية، محملة ببعد فلسفي لليومي، ولم تكن بقصد الهزل، أو تحويل خطوطه إلى مجرد نكتة يومية، بل ذهب إلى أعماق الفكرة، مستخلصا منها رائحة الواقع، وباثا فيها حياة جديدة، لتتسم رسوماته بطابع خاص به، يحمل بصمته الإنسانية والفنية والفكرية.
أتم الجعفري دراسة إدارة الأعمال، لكن موهبته في الرسم غلبت على غيرها، فعمل في بداية مسيرته العملية كمصمم، ورسام في أكثر من مؤسسة، وتنقل بعد استقراره في عالم الكاريكاتور في أكثر من صحيفة محلية وعربية، واحتلت رسوماته مكانها في صحف عالمية، لما اتسمت به من اقتراب حقيقي من هموم الإنسان.
وبعد عمله في صحيفة ‘العرب اليوم’ المتوقفة عن الصدور حاليا، انتقل الجعفري الى ‘الغد’ ليطل من صفحتها الاخيرة على متابعيه وعشاق رسوماته التي مزجت بين واقعية متزنة، وسخرية تطرق مناطق الألم، بالأسئلة الحارة.
وكان الجعفري عمل رساما في صحيفة القدس، ثم أدار تحرير صحيفة المقر الإلكترونية، ونشر أولى رسوماته في صحيفة المحرر العربية حين كانت تصدر في باريس بين عامي 1990 و1993، ورساما في الملحق السياسي لصحف الدستور في العام 1994، والبلاد الفلسطينية في رام الله بين العامين 1994 و1997.
حاز الجعفري على العديد من الجوائز، من بينها: جائزة الحسين للإبداع الصحفي للعام 2011، وجائزة دبي لصحافة للكاريكاتور العام 2008، والجائزة التقديرية لمسابقة إيران الدولية العام 2006، وجائزة الحسين للإبداع الصحفي للعام 2005، وجائزة الدولة التشجيعية- الأردن للعام 2006، وجائزة يوغسلافيا للكاريكاتور العام 2000.
وإذ ينتقل الجعفري من ‘الغد’، الى مرحلة جديدة في أفق لوحاته اليومية، التي تحمل بين خطوطها واقعا يستحق الترميز الكاريكاتوري مثلما تحمل هموم الناس، فلا بد من الإشارة الى تجربته المتقدمة في إصدار مجلة ‘توميتو كرتون’ هو وزملاؤه من رسامي الكاريكاتور الأردنيين، باعتبارها بادرة أولى لمجلة ساخرة، تصدر في الأردن، وربما في المنطقة العربية التي تفتقر لهذا النوع من الوسائل الإعلامية.
من جانبه، وجه ناشر صحيفة ‘الغد’ محمد خالد عليان شكره للزميل الجعفري، على سنوات العطاء التي قضاها في كنف ‘الغد’ رساما للكاريكاتور منذ العام 2012، ومديرا لتحرير الموقع الإلكتروني في الصحيفة، منذ العام 2014.
وأكد عليان أن الجعفري، الذي تميز بحسه الوطني الناقد، لوّن خلال تلك الفترة الصفحة الأخيرة في ‘الغد’ برسائل تعكس هموم الوطن والمواطن، فكانت رسوماته صورة لما يجول في خاطر كل أردني، متمنيا لمسيرته مزيدا من التقدم والنجاح والازدهار. (الغد)