مرايا -كتب : محمد قخري – الوقت اللي إنولدت فيه كان السرطان منتشر بفلسطين ، إنولدت سنة 1999 وكان الإحتلال منتشر بفلسطين وكان في إتفاقيات ومعاهدات وخونة وعملاء وهالسرطان معبي فلسطين ، أهلي تهجروا من قريتنا قرية سمسم جنوب شرق عسقلان سنة 1948 وسكنوا ببيت لاهيا شمال قطاع غزة ، كبرت ودرست الإبتدائي والإعدادي بمدرسة الفاخورة في جباليا ودرست أسبوعين اولى ثانوي في مدرسة أبو عبيدة وبعدها كملت بالصناعة وإشتغلت بالسباكة وإشتغلت بمصنع جلي وإشتغلت بكثير شغلات وآخر إشي إشتغلت مع أخوي بمطعم فلافل ويوم الجمعة كنت أشتغل مع صحابي بمطبخ جاج ومندي ، وساعدت أهلي بمصروف البيت وساعدت أختي بالجامعة ، كنت أصغر واحد بأخواني الشباب وفي إلي 3 أخوان شباب أكبر مني غير البنات ، كنت أحب اللبس وأنيق ومطيع لأهلي وأخواني وقريب من قلوبهم ، حلمي مان أعيش زي هالناس بس هالإحتلال وظروف غزة كان خانقنا شوي ، كنت أطلع ع ايرز ونشتبك مع اليهود وأروح لما الكل يروحوا وما كنت أخاف كنت جريء وأضل آخر واحد ، بعيد الأم أخوي جاب هدية لأمي وسألني ليش ما جبت الها هدية وحكيتله أنا بدي أجيبلها هدية كبيرة ، وصرت أعبطها وأبوسها وأحكيلها يا حنونة إشتريت عطر ولبسة جديدة ضبيتهم بالخزانة عشان أشخص فيهم ، سمعت إنه في مسيرة عودة سلمية للاجئين وبدهم يتجمعوا بمنطقة قريبة من البلدات اللي تهجروا منها وينصبوا خيم ويضلوا قاعدين ويتمسكوا بالعودة ، جهزت حالي للمسيرة وخلص بدي أطلع أنا وأهلي زينا زي هالناس ، جبت لأمي بصل وحكتلها بدنا فطير يوم الجمعة ، حكتلي انه في مسيرة يوم الجمعة خليها ليوم ثاني ، يوم الجمعة روحت على البيت وسألت أمي جهزتيلي أكل ؟
حكتلي آه ، أكلت معلقتين رز وأنا واقف وتحممت ولبست اللبسة الجديدة ورشيت عطر وطلعت مع هالناس ، كان في خيم وفي عجال كوشوك والناس معتصمة ومتجمعين بأقرب منطقة لبلداتهم القديمة ، كان في جنود صهاينة قناصين منتشرين والشباب بتولع كوشوك عشان الدخان يحجب الرؤية على القناصين وما يقدروا يقنصوا هالناس المعتصمة ، وكانوا يرموا حجار بس الحجر يا دوب يوصل 10 متر قدامهم ، هالحجر كان مجرد إثبات وجود ع مقاومتنا وإنه إحنا موجودين ورح نضل نقاوم ، القناصين بلشوا يطخو رصاص عشوائي وإستشهد أكم شب وإنصاب ناس كثير ، أخوي أجته طلقة بصدره وبمعجزة ربانية كان التلفون بجيب القميص بصدره وأجت الطلقة بالتلفون ، ورجاني التلفون كان مفتفت حكيتله فدا القدس يخوي ، رنيت ع أختي وحكتلها كيف التلفون حماه وأختي حكت لأمي وأمي خافت وحكتلها خليه يتأكد بلاش يكون مش حاس فيها ،،
أخوي محمد حكالي يلا نروح حكيتله روح لحالك ، وحالي من حال هالناس ، كنت أجيب كوشوك وبنولعه وبنرمي حجار وما كنت خايف كنت قدام كل الشباب بالمقدمة والكل لاحظ علي إني كثير حركة وملفت وحرك ، لمحت شب كان قريب من السياج رايح يجيب عجل قريب من السياج والجنود بطخوا عليه ومش قادريين يصيبوه جاب العجل وزحف ع بطنه وقام يركض ووقع والطلق جنبه زي المطر وأجى لعنا بس قرب من عنا رحت ركاض عليه حلمت منه العجل وركضت أكم متر عشان أنا سريع بس شفت إشي قدامي غريب ؛ شفت إنه العودة قربت وشفت قريتنا قريبة كثير منا ، ما كنت سامع صوت حد ولا شايف إشي قدامي الا إشي ما حد رح يعرفه ، بس فجأة بعد الركض مترين حسيت بإشي حامي دخل براسي ، كانت طلقة من جندي قناص ، بعدها وقعت على الأرض وإستشهدت !!
بلحظات الدم عبى الدنيا وخلصت حياتي من ورى قناص حب يجرب هوايته بالقنص ، طخني وأنا بعيد عنه وما بحمل سلاح وما بشكل خطر عليه 1% وعدمني قدام الدنيا كلها، حملوني على المستشفى لعل وعسى بس للأسف خلص الإشي اللي شفته كان مغري أمثر من هالحياة أخوي حكى لأمي عبد إستشهد ، ما صدقته لما حكالها عبد الفتاح إستشهد فكرته بمزح ، لحد ما شافت الفيديو كيف إنطخيت !
كان في مصور صورني كيف إنطخيت ومبين إنه ما معي سلاح وبعيد عن السياج وبركض بإتجاه معاكس للجنود وإنتشر الفيديو بسرعة ، اتجمعوا أهلي بالخيمة وشافوا الفيديو ، شعورهم كان لا يوصف ، ما حد بقدر يحس بشعور أهلي إلا إذا قاسها على حالها وتخيل إنه أخوه أو إبنه إنطخ بنفس الطريقة والقاتل معروف ، ويشوف الفيديو بعيونه أمي حكت إبني عبد الفتاح فديته لفلسطين وعندي كمان 3 أولاد فدا القدس ، أبوي كان قوي وفخور ، الناس حزنت علي ونشروا صوري وفيديوهاتي وحزنوا علي ، أنا فرحان بحالي ومفتخر بحالي بس حزنان ، حزنان على هالشعب إللي حكى إستشهاد عبد الفتاح عبد النبي وإرتفاع عدد الشهداء إلى 13-14-15 وعدوني رقم ورح ينسوني ، حزنان على شعب بتعامل مع الشهيد كرقم بعدوه اليوم وبنسوه بكرة ، كمان حزنان على الفصائل اللي بتتسابق تتبنى هالشهداء وتهني بوقت لازم هي تتسابق والشعب يهني ، إستشهدت وأهلي لقوا سبب أقوى ليتمسكوا بقرارهم ولقيوا دافع اقوى ليزيد إصراهم وتمسكهم بحق العودة .
الشهيد ليس رقمًا، “محمد فخري التلاوي”