مرايا – محمد فخري – من بداية المقاومة الإسلامية باللبنان إلتزمت دينياً ومن هذا الإلتزام شوي شوي تدرجت وصرت قائد بالوحدة الأمنية لحزب الله ، أهلي وأصدقائي وصحابي وكل الناس ما كانوا يعرفوا هالإشي ، كان عمري 17 سنة لما بدأت هالإشي ، كنا ببداية الإجتياح الصهيوني في لبنان وحطيت براسي إنه العدو الصهيوني يرحل عن الدنيا أو بنقطعهم ، يعني لو بطلع بإيدي بقطعهم بأسناني ومن هون أجتني المهمة والفرصة اللي ما بتتعوض ؛ تفضلت على كثير ناس إنه أعمل عملية إستشهادية وأفجر الصهاينة بفلسطين ، وبالفعل إنحطت خطة ومشيت عليها وكانت إنه بدخل فلسطين بجواز سفر مزور وبعمل عملية إستشهادية داخل فلسطين وبنثبت للكيان إنه بنقدر نوصل ونضرب ، بالفعل دخلت فلسطين بجواز سفر بريطاني بإسم “أندرو نيومان” ونزلت بغرفة بفندق لورنس بشارع صلاح الدين وبلشت أتصيد وأدور وين في مكان ممكن يوجع هالكيان ، خطر ببالي إنه بإجتماع القيادات كلهم مع بعض وبلشت أستنى بالفرصة وأتكتك الأمور لحد ما أجاني تلفون من لندن يوم الخميس وإنحكالي : معناش وقت نفذ بسرعة .
هون أنا وقتت المنبه الساعة 5:30 الفجر يوم الجمعة ، وجهزت العبوة الناسفة وزبطت أسلاكها وما حطيت البطاريات ونمت ، من التعب والإرهاق ما صحيت ع المنبه وصارت الساعة 7:10 وإنفجرت العبوة فيي وبالغرفة !
تقطعت وكل قطعة من جسمي أجت بمكان ، لحمي لزق ع الحيطان ، أجى الإسعاف لمني والعالم إلتمت وأخذوني على مستشفى هداسا عين كارم وربطوني وحطوني تحت المراقبة وحراسات مشددة ، وكان فيي روح ونفس خفيف وحالوا يخلوني أعيش عشان يعرفوا مين أنا ، وبعد شهر إصحيت من الغيبوبة مش شايف اشي ولا حاس بإشي وسألوني مين إنت ؟
حكتلهم بدون تردد : أندرو نيومان .
هسا اللي إقدرت أستوعبه من وضعي إنه رجلي الثنتين من عند الركبة إنقطعوا ، إيدي اليمين إنقطعت وإيدي الشمال ما ضل منها إلا إصبعين ، ذاني اليمين بطلت أسمع فيها والشمال نسبة عجز 60% ، فقدت حاسة الشم والتذوق وفوق هيك فقدت بصري كله لإنه العبوة إنفجرت بوقت مش وقتها !
يعني صرت بنص جسم وفوق هيك ما عندي الا لسان بحكي ، بس وصلتني رسالة ربانية إنه عدم إستشهادي فيه اله سبب وفي رسالة ولازم هالرسالة توصل وأصولها وقررت إنه ما أعترف ولا بإشي وتوقعت حبس 20 سنة ، الصهاينة ما عالجوني وخلوني على قيد الحياة وكانوا يعطوني دواء مخدر بحكوله ترامادول أو إشي زي هيك ، وع الأغلب عشان يعرفوا مين أنا ، جابوا أسير مختطف من لبنان ولما عرفوا إني من قادة حزب الله وعرفوا إنه “حسين محمد المقداد” إسمي الحقيقي حكولي :
إنت كنز ووقع علينا ..
جاوبتهم : أنا تنك ومصدي ما رح تستفيدوا مني ،،
وهمه حكوا عني كنز ذهب لإنه في طيار صهيوني معتقل بحزب الله ، وفكروا يطلعوه بدالي ، المهم حاولوا معي يوخذوا معلومات وعالفاضي ، كنت كل ما أتذكر بنتي فاطمة اللي عمرها سنة أصير أعيط وهون عرفوا وجعي حكولي بنرجعلك نظرك لعينك اليمين وبتشوف بنتك مقابل معلومات وحكيت إلهم : رح أحرم حالي من رؤية بنتي ، بس رح أضل ورى خطواتها وأنفاسها .
رفضت أعطيهم أي اشي وحكيت إلهم عندي لسان وإصبعين كمان خذوهم هذول اللي ضلوا ، بالسجن تأقلمت وحطيت لحالي تحدي إنه بدي أعيش مع هالوضع ، ربنا معي حسيت إنه جنبي ما خفت ولا تعبت مع إنه كنت عايش ع دواء مخدر بس ولا همني الحمد لله، بعد سنتين من إعتقالي بسنة 1998 أجى خبر إعجازي إنه رح يتم تبديل جثث فطايس صهاينة “أنصارية” مقابلي بين حزب الله والكيان وبالفعل الحمد لله تمت هالصفقة ، بس كنت خايف إنه كيف أهلي وقرايبي وحبايبي رح يستوعبوني هيك بحالتي وكل علمهم إنه أنا أسير حي مش شهيد حي ؟
رجعت لبلدي لبنان ، تكرمت وإنحطيت تاج ع روس الناس والمقاومة وإعملت 5 عمليات ، والكل إستشهد فيي حتى حسن نصر الله حكى عني ، زوجتي تيسرت بحالها وما كملنا حياتنا مع بعض ، وأنا تزوجت غيرها وأنجبت غدير وهديل وكان عندي فاطمة ، هالزوجة رزقة من ربنا صعب أوصفها وأوصف صمودها ؛ قبلت فيي وبجروحي وبإصابتي على حالتي وبوضعي وبتفتخر بهذا الاشي ، وأنا ضليت بدي أقاوم بس الإعاقة الجسدية منعتي ما كان في حل إلا بالعلم لإنه هو اللي بنافس الجهاد بنفس الدرجة حتى إنه بتفوق ع الجهاد بالفعل كملت تعليمي ، جبت ماجستير فلسفة وبعدها برضو كمان ماجستير إدارة أعمال ، بحكي فرنسي وإنكليزي ، ودارس بالجامعة الأمريكية وبعرف الغرب وأجوائهم ، لسا بحلم أكمل دكتوراء وأصير أعلم بالجامعات ، كل هذا من ورى البرامج الناطقة ومساعدين بقرأوا ع مسمعي وأنا بحفظ ، عايش ومتكيف مع جرحي أحلى عيشة ، متواضع ما غرني علمي ولا عملي ولا اشي لإنه كلشي بروح وبيجي وما بضل إلا جوهر الإنسان ، كنت قريب من الشهادة بس ربنا إختارني أكون نص شهيد ؛ أكون شهيد حي ، شهيد شهادته جراحه اللي بتجدد وما بتلتأم ، جراحه الرسالة اللي لازم يوصلها ، اللي هي وسام على الصدر ، صح إنزرعت رجلي بالأرض ومسكت بإيدي المقاومة وعيوني راحت لشمس الحرية بس أنا شهيد حي ، شهيد عايش حياة أبدية وحاس حالي بمنزلة الشهداء الأحياء .

* كتبت هذه القصة للمقاوم والجريح والأسير والشهيد الحي “حسين محمد المقداد” الذي تعرض لخلل أدى لإنفجار عبوة ناسفة به سنة 1996 كان من المقرر تفجيرها بأبرز قادة الكيان الصهيوني بواسطة :