مرايا – كتب : م. فهد سعيد أبو جابر- في الوقت الذي تنشغل فيه الحكومة بوضع اللمسات الأخيرة لقانون الضريبة المعدل تزامنا واعتماده مع بدء الدورة العادية لمجلس النواب، يؤطر خطاب العرش السامي نظرة جلالة الملك المعظم تجاه أولويات المرحلة المقبلة؛ حيث تمحور الخطاب حول جملة من المصطلحات العميقة بمضمونها كـ”دولة الإنتاج” و”الاستقلال الاقتصادي” و”التميز والإتقان في العمل” وجوانب أخرى تحث الحكومة بالدرجة الأولى على الإصلاح الاقتصادي.
لا أحد ينكر أن العبء على الحكومة في هذا المضمار مثقل بالإجراءات والسياسات التي بدأت بأخذها وتسعى لتحقيقها، مع إدراكها أن للقطاع الخاص دورا محوريا في النهضة الاقتصادية المنشودة، إلا أن الإجراءات الحكومية لا تدل على السعي لوضع إطار عام للنهوض بالقطاع الخاص الأردني ودعمه لـ”صناعة الفرص” و”الاعتماد على الذات” كما ورد في خطاب العرش.
كلنا مجمعون أن جذب الاستثمار الأجنبي له أهمية في تعزيز الاقتصاد، ولكن هذا الاستثمار في النهاية يسعى لتحقيق أرباح في الغالب ستخرج من الأردن عائدة إلى مصدرها، لذلك نحن بحاجة إلى وضع إطار عام لتنمية القطاع الخاص الأردني للتصدير للخارج ليرفد الاقتصاد الوطني بالدخل الذي يعاد تدويره داخل البلد، بالأخص الدخل المتأتي من قطاع الخدمات والذي يعتمد في إنتاجه على الكفاءات والكوادر الأردنية ويصرف أغلب مدخلاته من التصدير على تمويل موارده البشرية مما يسهم في الحد من البطالة وتحريك عجلة الاقتصاد.
رعاية نشاطات القطاع الخاص تنقسم حسب التخصص وطبيعة النشاط على وزارات عدة، فالصناعات تندرج بالدرجة الأولى تحت الصناعة والتجارة، أما قطاع خدمات تكنولوجيا المعلومات فيحظى برعاية واهتمام وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والقطاعات الهندسية تسعى لدعم ورعاية وزارة الأشغال والوزارات الخدمية، وهناك مساع من وزارة الصناعة والتجارة لتوسيع دائرة دعمها لبعض القطاعات المهمة كالاستشارات الهندسية، ولكن الحكومة بمجملها لم تسع لوضع إطار عام لدعم القطاع الخاص بخطة استراتيجية واضحة المعالم وبإجراءات عملية تحقق الدعم المنشود للمساهمة في تحسن الاقتصاد الوطني.
يحتاج دعم القطاع الخاص إلى استراتيجية وطنية تعزز كفاءته ومقدرته على التصدير والمنافسة في الأسواق العالمية، ولذلك فإن الحكومة بحاجة لاستحداث هيئة أو حتى وزارة مختصة تعنى بوضع وتفعيل هذه الاستراتيجية، وتتمتع بالديناميكية والمقدرة على التواصل ما بين القطاع الخاص من نقابات وغرف صناعية وتجارية وهيئات مهنية ومدنية وبين مجلس الوزراء والوزارات والهيئات الحكومية لضمان تمكين عمل القطاع الخاص وتعزيز دوره التصديري وتدوير إيراداته في السوق للمساهمة الحقيقية في تحريك عجلة الاقتصاد، وبالتالي فإننا نؤسس جوهرياً لنموذج اقتصادي تشاركي مجتمعي يسعى لتمكين فئة كبيرة من المجتمع ويستجيب لتطلعات جلالة الملك الذي يعكس بنظرته الشمولية تطلعات الأردنيين، وما على الحكومة إلا أن تجد الآلية الأنسب للتطبيق.
*الرئيس التنفيذي لمجموعة اتحاد المستشارين