مرايا – بقلم: د.ماهر الحوراني – لاشك ان دور الاردن التعليمي في المنطقة دور فاعل لما عرف عنه من جودة ونوعية عالية ومما جعله محط إعجاب في المنطقة وهذا ماتعكسه اعداد الطلبة الوافدين الدين يدرسون في الجامعات الاردنية والبالغة قرابة (40) الف طالب وطالبة من العرب والأجانب، وهو العدد الذي تزايد منذ 2017-2018 بسبب التسهيلات والاجراءات من قبل وزارة التعليم العالي تنفيذا لأولوية استقطاب الطلبة الوافدين في الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية … ولجهود الوزارة وعملها على خطة لزيادة أعداد هؤلاء الطلبة الى (70) ألفا بحلول عام 2020.
حيث قامت الوزارة بتأسيس مديرية لشؤون الطلبة الوافدين لمأسسة وزيادة استقطاب الطلبة وتنظيم الخدمات المقدمة لهم وتحسينها للدراسة في مؤسسات التعليم العالي الاردنية.
وقد بذل الدكتور فداء التميمي مدير المديرية جهودا كبيرة مع الامين العام للتعليم العالي الدكتورعاهد الوهادنة لتنفيذ توجيهات جلالة الملك في الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية والخاصة بالطلبة الوافدين وبما ينعكس ايجابا على مصلحة الجامعات والاقتصاد ومصلحة الوطن ككل.
ولكن للأسف حصل «وكالعادة» خلل في التطبيق بسبب تضارب السلطات ما بين وزارة التعليم العالي من جهة وبين هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي وضمان جودتها من جهة اخرى.
فبعد مغادرة معالي الاستاذ الدكتور عادل الطويسي وزير التعليم العالي والبحث العلمي « السابق» الذي كان قد تكرم على الجامعات الخاصة (ونظرا للظروف التي تمر بها المنطقة العربية) باستثناءات في استقطاب بعض الطلبة الوافدين متمثلة بنسبة 30٪ على الطاقة الاستيعابية للجامعات وأيضا استثناء بعض الطلبة الوافدين والحائزين على معدل (مقبول) في البكالوريوس بالالتحاق بالدراسات العليا في الجامعات الخاصة.
حيث تم بناء على ما سبق العمل والتنسيق مع سفارات بلدان هؤلاء الطلبة (وفق الاستثناءات) وقبول أعداد من هؤلاء الطلبة في جامعاتنا.
وتفاجئنا قبل ما يقارب الاسبوعين قيام مجلس التعليم العالي (بناء علي تنسيب من هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي ) بإلغاء هذه الاستثناءات، ووضعنا بموقف محرج مع الطلبة ودولهم مما قد يتسبب بأزمة بين الاردن وتلك الدول التي تربطنا بها علاقات متميزة.
والسؤال هنا:
ترى، لمصلحة من يتم اتخاذ قرارات غير مدروسة تؤثر على مصلحة الوطن بكامله وتفقد الطلبة الوافدين وذويهم ودولهم الثقة بمصداقية مؤسسات التعليم العالي في بلادنا ؟!
فالاردن هو الدولة الوحيدة التي تتمتع بامكانيات قوية لتكون مركزا للتعليم في المنطقة نظرا لطبيعة البلاد السياحية وللعادات والتقاليد المناسبة للطلبة وذويهم ولتوفر البنية التحتية الجيدة من شبكات نقل وخدمات وفنادق ومطاعم وغير ذلك .. الى جانب وجود جامعات اردنية تضاهي افضل الجامعات في المنطقة من ناحية مرافقها وتجهيزاتها وأساتذتها المشهود لهم في جميع دول الاقليم والعالم.
فمن الأولى استثمار هذه الميزات لاستقطاب أعداد كبيرة من الطلبة العرب والاجانب لان ذلك يشكل مصدرا اضافيا للدخل الوطني”بترول الأردن” عبر تشجيع السياحة التعليمية انسجاما مع التوجه العام الحكومي بتشجيع (القطاعين التعليمي والسياحي) فالطالب العربي او المسلم غير العربي يصرف عملات صعبة داخل البلاد سواء تكاليف دراسته أو إقامته ومعيشته أو زيارات ذويه له … الخ .. وكمثال فقط دخول طالب من مناطق 48 للاردن يدفع رسوم 55 دينار، وهو يغادر أو يحضر اهله عنده اسبوعيا.
أيضا إن إدخال الطلبة الوافدين ببرامج دولية في الجامعات والغاء الموازي، يوفر عملات صعبة ويحرك العجلة الاقتصادية عبرالسياحة التعليمية أيضا.
فهل يعقل أن نكون نحن أفضل «تعليميا» من بريطانيا أو الولايات المتحدة الامريكية بالنسبة لعقلية استقطاب الطلبة ،حيث ان هذه البلاد تمنح جامعاتها الاستقلالية الكاملة في تحديد سياسة القبول “كل جامعة تقبل حسب برامجها وخططها” فمنهم من يخضع الطالب الاجنبي لسنة تحضيرية ومنهم من يدخله «كورسات» تقوية لتطوير مستواه، وفي نهاية الأمر وبعد ان ينجح الطالب يتم التحاقه بالتخصص الذي يرغب بدراسته.
فمن الاولى أن نحتذي بتلك الجامعات العالمية في عمليات استقطاب الطلبة من الخارج بدون معوقات، وتعديل التشريعات والقوانين وفق هذا التوجه (قبول الطلبة الوافدين والتسهيل عليهم عبر المعدلات أوعبر العدد).
كما انه لابد من إعطاء الجامعات استقلالية في القبول «كل جامعة وفق وضعها» مع الالتزام بتطبيق معايير الاعتماد العام والخاص ومعايير الجودة.
اننا وبعد ولادة هذا الاشكال الكبير قمنا كجامعات خاصة بالتواصل مع دولة رئيس الوزراء ومع رئيس لجنة التربية والتعليم في مجلس النواب.. لشرح معاناتنا ولايجاد حل لهذه المعضلة الكبرى ولايجاد منظومة تشريعية ثابتة بهذا الشأن دون تغيير أو تبديل مع مغادرة مسؤول أو قدوم آخر .. وكذلك التعامل مع جهة واحدة فقط كمرجعية حتى لاتضيع الامور « بين حانا ومانا…».
ان مالكي الجامعات الخاصة يرفضون العقلية الجامدة في بعض مؤسساتنا وتركيزها على الشكليات وتجاهل المضمون.. مثال ذلك أنه يجب علينا أن نركز على المخرجات وليس المدخلات والمدخلات فقط .. مع تطبيق المعايير وأنظمة الجودة بشكل علمي والابتعاد عن الشخصنة !!، وذلك بالعمل بروح الفريق الواحد «بين مؤسسات التعليم العالي بشكل عام وبجميع أفرعها» مع الجامعات، وذلك بالتوجيه ومساعدة هذه الجامعات لتطوير نفسها والوصول الى أفضل النتائج التي تعود بالنفع على سمعة التعليم العالي في الوطن عموماً.. وليس التصيد لخطأ هنا أو خطأ هناك لهذه الجامعة أو تلك!! .. ذلك الى جانب توجيه الهيئات الرقابية على سير العملية التعليمية في هذه الجامعات للتأكد من جودة مخرجاتها التعليمية.
وكذلك السماح للجامعات بفتح برامج وتخصصات يحتاجها سوق العمل في بلدان المنطقة لتشجيع الطلبة الوافدين على الدراسة في الاردن .. والابتعاد عن البيروقراطية في اتخاذ القرارات بخصوص الموافقة على افتتاح برامج «البكالوريوس أو الدراسات العليا»… حيث لم يبت في الكثير من الطلبات عبر التأخير والتسويف وتضيع الفرص لاستقطاب طلبة من الخارج.
كما ان عدم السماح للجامعات الخاصة بزيادة الطاقة الاستيعابية للجامعة الا مرة واحدة بالعام .. هو ظلم كبير لان الجامعة اذا كان لديها الامكانيات لاستقطاب اعداد أكثر من الطلبة وهي محققة لمعايير الاعتمادين العام والخاص، فما المانع اذن من تقدم الجامعة ” فصليا ” بطلب رفع الطاقة الاستيعابية وليس كل عام .. مع ملاحظة ان رفع الطاقة الاستيعابية للجامعة يحد من البطالة وخصوصا بين الاساتذة وكذلك الموظفين ،علما ان الجامعات تدفع رسوم للتعليم العالي مقابل زيادة الطاقة الاستيعابية أو مقابل استحداث تخصصات أو اعتمادها.
لهذا كله … نتوجه لدولة رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز لدراسة هذا الوضع واتخاذ القرارات الكفيلة بمعالجة هذا الامر “موضوع الطلبة الوافدين والاستثناءات” قبل فوات الأوان أو خسارة أعداد كبيرة من الطلبة الوافدين لصالح دول أخرى مثل تركيا ومصر وغيرها.
كما نأمل أيضا أن يفتح الباب لقبول الطلبة الحاصلين على شهادات توجيهي من تركيا وغيرها “من الطلبة الأردنيين” وعدم خسارتهم لصالح جامعات دول أخرى ، وعدم وضع عراقيل أمام الجامعات، بل الدعم والتسهيلات في قبول الطلبة الوافدين”من كافة الجهات المعنية بهذا الامر” واحترام سيادة الدول الأخرى وقوانين التعليم فيها.
انه في حال تم تطبيق هذه الافكار وتنفيذها بالشكل الصحيح لاستقطاب الطلبة من الخارج الذين يلتحقون بالجامعات الحكومية والخاصة، فإن ذلك لاشك سيحل جزءاً كبيرا من المديونية في الجامعات الرسمية والخاصة .