كتب : د. محمد حسين المومني
مرايا – أشعلت إنجازات منتخبنا الوطني حالة من الفرح والفخار بين أبناء المجتمع الأردني بعد الأداء المتميز له في بطولة آسيا. الأردنيون داخل الوطن وخارجه دعموا وشجعوا منتخبهم، ما انعكس على الأداء العام لمنتخبنا الذي جاء رفيعا يليق ببلدنا وبالجهود المتميزة التي ترعى كرة القدم المحلية. حالة الفرح والافتخار الوطنية الجميلة التي سادت تستحق التوقف والتمعن، والتساؤل كيف يمكن العمل على إدامتها، خصوصا أننا نراها تتراجع احيانا. صحيح أن الأردنيين أظهروا دوما معدنا نقيا متميزا في الأفراح والأتراح، ولكن حالات الإحباط تسود أحيانا وتجعل كثيرين منا لا يرون الجانب المشرق من وطنهم.
الأوضاع الاقتصادية الصعبة جدا التي يمر بها الأردن تلقي بظلالها على المعنويات الوطنية العامة، ونرى تجليات ذلك بسلوكيات قيمية واجتماعية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، ومن هنا تبرز الرياضة بجميع أنواعها ومستوياتها كقطاع مهم وحيوي يمكن أن يستثمر لخدمة وتحقيق عدة أهداف وطنية، منها تعبئة الفراغ عند الشباب، وتوجيههم نحو نشاطات مفيدة وطنيا وذاتيا، وخلق روح التنافس الإيجابي الذي سينعكس على شبابنا وهم يخطون طريقهم في الحياة.
كانت الرياضة سابقا أكثر انتشارا ومتابعة في الأردن، وكانت تجري العديد من النشاطات الرياضية على مستوى المحافظات ومديريات التربية والمدارس والجامعات، وتشتد المنافسات وتصبح حدثا وطنيا متابعا يخلق الشغف والترقب. تراجع ذلك اليوم وأصبح يمثل شأنا ثانويا لكثيرين، ولا بد من استعادة الزخم لهذه النشاطات وعلى جميع المستويات المحلية والوطنية. لوزارة الشباب والتربية والتعليم والتعليم العالي دور مفصلي بذلك، ووزير الشباب محمد أبو رمان يعي الأمر تماما، ومؤمل أن يترجم ذلك لخطط عملية نراها تحرك قطاع الرياضة بالوطن ليأخذ دوره الذي نتمناه جميعا، ويحفز الشباب ويؤطر طاقاتهم ويشجع فيهم الإيجابية والمبادرة في الرياضة وغيرها من مناحي الحياة كافة.
محزن أن نرى حالات إحباط وطني تتفشى في دولة يشهد لها القاصي والداني بالقدرة والكفاءة والتميز حتى غدت أنموذجا للغير لإدارة الشأن العام والتعامل مع التحديات. لدينا تحديات نعم، وتراجعنا في الأداء في عدد من الملفات بالتأكيد، لكن بالمحصلة العامة لا يمكن أن نركز على الإخفاقات دون أن نرى ما استطاع بلدنا أن يحققه، والتحديات الكثيرة التي تغلب عليها. بيننا من امتهن التسويد وبث السلبية والتشكيك وتلويث كل ما هو إيجابي، ومن هؤلاء من بنى وجوده السياسي على ذلك. لكن لن يصح إلا الصحيح ولو بعد حين، وسيتم تحجيم السلبية والتشكيك غير الموضوعي، وسينتج الأردنيون ثقافة وطنية تعتمد التداول الموضوعي للشأن العام بإيجابياته وسلبياته دون قدح في الوطن وتقليل مكاسب الأردنيين. الرياضة والنهوض بها أحد أهم ميادين تحقيق ذلك، بما يخلق جيلا من شباب الأردن بروح منافسة إيجابية وسلوك يعكس أصالة الأردن وشعبه وتاريخه المليء بالمحطات المضيئة.