مرايا – عمر كلاب

في ظل زخم الازمة الدائمة في شوارع عمان , بعد وقبل الباص السريع البطيئ , برزت مشكلة موازية للازمة وهي رداءة الشوارع البديلة وامتلاء شوارعنا بالمطبات ومناطق الاغلاقات الخاصة من البيوت او المحلات التجارية او السفارات , فكل مبنى وضع امامه ساترا من اسمنت او بلاستيك او خشب , وكأننا في زمن غير الزمن الراهن , الذي كان فيه المواطن يحدد ارضه عنوة بسياج من طوب او صفيح او حجارة والتي اخذت اسم اراضي الطبب او املاك الدولة .

نجحنا بمهارة في استساخ كل اشكال الهيئات المستقلة اللازمة وغير اللازمة , فلماذا لا نستنسخ هيئة جديدة تكون معنية بالمطبات المنتشرة في كل الشوارع وامام بيوتات اصحاب النفوذ ايضا , فهذا الكم الهائل من المطبات يحتاج الى مراجعة وتحديث وحداثة , سواء المطبات المقصودة الاصطناعية الغبية أو غير المقصودة الغبية أيضاً , فنحن نعيش في مطبات غير آدمية مليئة بالشوارع – وليس العكس – التى يسيطر على بعض المسئولين فكرة أنها مفيدة فى تقليل السرعة وبالتالى تقليل الحوادث .

طريقة عمل كثير من المطبات تدل على «غباء» شديد من قبل من قاموا به لتكتشف أن معظم السيارات مطالبة أن تأخذ المطب بالعرض لأنها لو أخذته فى خط مستقيم فستصاب فى قاع السيارة بما لا نعلم نتائجه , هنا يكون المطب مرتفعاً جداً فوق المطلوب بكثير وكأن الاردن لديها وفرة فى المواد المستخدمة فى عمل المطبات , تجد هذا فى الشوارع المقامة عليها السفارات الثقيلة او البيوت المسكونة من رجالات السلطة النافذين .

ربما يجازف مفكر او عالم اجتماع في تحليل ظاهرة المطبات المتناسلة مثل الارانب , بوصفها جزء من عبقرية رسمية ترى ان الاكثار من المطبات يجعل المواطن مشغولا بتجاوز المطب وبالتالي يصبح المواطن مرنا وقابلا للإبطاء او المناورة بدل السرعة في اجتياز الشارع والوصول الى الهدف اقول ربما , حتى لا يفسر البعض المقال بأنه يحمل في طياته ما لا يحتمل .

ولمزيد من التوضيح اطالب ان يقوم وزير الاشغال العامة وامين عمان وباقي رؤساء البلديات بزيارة الشوارع , ليشاهدوا بأعينهم ظاهرة لا تتكرر الا في شوارع الفقراء والاماكن غير المأهولة بطبقة الوزراء واصحاب الياقطات البيضاء , حيث تتصافح الحُفر مع المطبات وهذا جهد اضافي على المواطن الذي لا يعرف كيف يتفادى الحفرة والمطب في آن واحد ؟ فهذه مهارة تحتاج الى ريادة في التدريب اسوة في الاعمال الريادية الكثيرة السائدة في بلدنا اليوم وتحتاج الى تنمية مهارية ليست محلية ونحن للاسف لدينا وزارة للحكم المحلي وتنتظرنا اعوام كي نصل الى تعميق فهم التعامل الريادي مع المطب والحفرة في طريق واحد .

المواطن لم يعد يحتمل كل هذا الضغط , البطالة والفقر والتعليم الرديئ والخدمات البالية وباقي مآسي الحياة العامة , ونزيد عليه اعباء المطبات والحفر والاغلاقات والازمات , فهو ينفذ من الازمة بسلطان , ليجد المطب امامه ,وقبل ان ينفذ من المطب تدركه الحفرة , ولو كان في سيارة مصفحة او سيارة متهالكة مثل حياته .

ويظل السؤال , من الشخص المسئول عن المطبات؟ هل هناك إدارة عامة للمطبات؟ هل هناك قياسات عالمية أو محلية لكيفية صناعة المطبات؟ أم أن كل فرد يطلب مطبّه بمواصفاته الخاصة وحسب مزاجه ؟ اذا كانت الاجابة بالنفي,  فإنني اطالب بهيئة مستقلة تكون مهمتها ازالة المطبات الاصطناعية الغبية او المطبات غير الاصطناعية والغبية ايضا .

omarkallab@yahoo.com