مرايا – كتب :د. محمد حسين المومني- تقف إيران بكل صلف وبعيون مفتوحة تريدنا أن نصدق أن انتقامها كان مزلزلاً! لغاية كتابة هذه السطور حصيلة الخسائر البشرية الأولية كانت صفرا، وحصيلة الدمار المادي تقترب من ذلك. عزلة كاملة وارتباك واضح وتقوقع استراتيجي مضحك ذلك الذي يعيشه ساسة الثورة في إيران. وبالرغم من لا زلزالية الرد الإيراني وفقدانه أي مستوى من التهديد الاستراتيجي، فقد خرج علينا منهم من يؤكد انهم لا يسعون لحرب في إشارة لخوف من الانتقام. آخرون أيقنوا سذاجة الموقف خاطبوا الداخل ان هذه الصفعة لا علاقة لها بالانتقام لمقتل سليماني فذاك شأن زلزالي آخر قادم. المعلومات ذات المصداقية تشير أيضا ان الإيرانيين حذروا من صواريخهم بزمن يكفي لتجنب أي خسائر بشرية واعطاء فسحة للعدو للاختباء! مسرحية هزلية بائسة تظهر ارتهان إيران وساستها لشكلهم وماء وجههم أكثر من اهتمامهم بمصالح بلادهم. كيف يمكن لأي سياسي إيراني محترم ان ينظر بعين شعبه ويبرر ان الصواريخ الزلزالية التي أطلقت كان حصيلة دمارها صفراً مكعباً؟ ولماذا اطلقت على قواعد بالعراق وليس أهدافا أخرى تطفو في الخليج أسهل واقرب؟!
بالرغم من الهزلية والسريالية التي يعاني منها الخطاب الإيراني، وبالرغم انه لا يقنع إلا ساسة إيران وغلاة ثورتها، إلا اننا ومع كل أسف نجد أصواتا عربية وأردنية تطبل لهذا الخطاب، ما اراه امتهانا معيبا لكرامتهم الوطنية، وانسياقا هابطا خلف خطاب الثورة الإسلامية الإيرانية، التي كانت وما تزال سببا رئيسا للتطرف الديني الاقليمي، وعنصر تهديد أساسي للاستقرار الاقليمي الذي عانت منه كافة الدول. من يطبل لإيران لا يعي خطرها ولا يفهم سياستها، ويسمح لعقله ان يكون مطية لخطابها الكاذب المعادي للشيطان الأكبر. ما يجب أن يعلمه هؤلاء أن الثورة الإسلامية لا تضمر الخير لأحد في الاقليم إلا الذين قبلوا أن يكونوا تحت ابطها، وانها في سبيل تصدير الثورة مستعدة ان تستبيح كل الدول والشعوب وامنها وازدهارها.
الشرق الأوسط سيكون أفضل حالا وأكثر استقرارا إذا ما اعتدلت إيران وأصبحت دولة كباقي الخلق من الدول. كان العراق صادا ورادعا قويا لمشروع التمدد الإيراني، وقد كانت الحرب عليه خطيئة وجريمة استراتيجية أحد أهم نتائجها تسليم العراق على طبق من ذهب ليصبح ساحة أمامية لإيران. قاوم العالم قبول تلك الحقيقة في ان العراق أصبح رهينة بيد إيران، ولكن سلسلة حقائق وقرارات تبين ان هذا هو الواقع، وأصبح جل الجهد الدولي الآن مكرس للتعامل مع هذا الواقع الاستراتيجي الخطير. من المفاهيم الاستراتيجية الخاطئة المستمرة ايضا والتي يجب تصحيحها والانتباه لها، عدم القبول الدولي ان القضاء على السعي الإيراني المستمر للهيمنة لن يكون الا من خلال طهران وليس أذرع طهران، فما لم نقض على رأس التهديد فالتهديد لن ينتهي أبداً.