مرايا – كتب : د.محمد المومني
المقصود نتنياهو! منذ اسبوع فقط ما كان أحد ليتوقع فوز رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو في الانتخابات. التوقعات كانت بتراجع مقاعد حزبه وتقدم منافسيه، وما تزال أسباب تقدمه الانتخابي المفاجئ عصية على التفسير الدقيق. لا أحد يستطيع للآن ان يفسر كيف يمنح الناخب الاسرائيلي مزيدا من الاصوات لرئيس وزراء سيمثل أمام القضاء في غضون اسبوعين بتهم فساد ورشوة واستغلال للسلطة. أي ديمقراطية ناجزة كانت ستلفظ هذه النوعية من السياسيين إما من خلال الانتخاب او ان يتم تنحيهم من قبل أحزابهم، لكن هذا لم يحدث في حالة نتنياهو.
استغل نتنياهو بآخر اسبوع ضعف نشاط منافسيه، وحالة الانهاك الانتخابي في إسرائيل، لينزل انتحاريا في انتخابات تعني له أكثر بكثير من منافسيه، فهو شخصيا ومحاكمته ستكون متأثرة بالفوز. كان نتنياهو يلقي خطابات يومية ليشحن قواعده الانتخابية، والبعض رأى أن ذلك سيقلل فرص فوزه لأنه سيظهره كمن يحاول أن ينجو من حبل المحكمة، لكنه نجح بزيادة عدد مقاعد حزبه لـ 36 والتوقعات أنه والاحزاب الاخرى الداعمة له سيقترب من تحقيق الاغلبية المطلوبة (61) دون أن يصلها ما قد يعني انتخابات رابعة في إسرائيل.
الانتخابات شهدت تراجع مقاعد حزب يسار الوسط أزرق أبيض المنافس لـ32 وحزب إسرائيل بيتنا لـ7، وتقدمت القائمة العربية الموحدة بتميز لتحصد 16 مقعدا مشكلة بذلك الطرف الايديولوجي النقيض لتحالف اليمين بزعامة الليكود. أصبحت القائمة العربية كتلة انتخابية حاضرة ومهمة ورقما أصيلا في معادلة الانتخابات الاسرائيلية سيستمر بالنمو السياسي والديمغرافي.
أشد ما يقلق في المشهد الانتخابي الاسرائيلي ليس فوز نتنياهو سيئ الصيت والفعل كانت آخر استفزازاته قوله إنه لا يهتم اذا ألغيت معاهدة السلام مع الاردن وهو كاذب بالجرم المشهود فالمعاهدة أهم لبلده استراتيجيا مما يعتقد، أشد ما يقلق في المشهد الاسرائيلي كمّ التيمن عند جيل الشباب في إسرائيل وهم الجيل الذي كان متوقعا أن يكون مؤمنا بالسلام والتعايش مع الجوار والداخل العربي. يقابل ذلك نبذا وكرها شبابيا عربيا لإسرائيل على عكس نظرية اليمين الاسرائيلي التي تقول ان السلام لا يمكن ان يحدث الا مع الجيل القادم من الفلسطينيين لانهم سيكونون قابلين للسلام مع إسرائيل واقعيا ووجدانيا. في الحالتين التقييمات مقلقة فالجيل الجديد من الطرفين أكثر رفضا وكرها للطرف الآخر وميادين المواجهة السياسية والاعلامية والرقمية والايديولوجية متاحة وحاضرة بين يديه. سم سياسي كريه يستغل الدين وفكرة حتمية صدام الحضارات بثه نتنياهو بين أوساط الناخبين الاسرائيليين الشباب دافعا إياهم لليمين كما يدفع الاقليم نحو اللااستقرار، وبذلك يكون نتنياهو قد أجهز على أجواء السلام ومستقبله، فبات شباب المستقبل مشبعون برفض الآخر او التعايش معه ومسلحون بترسانة من الادوات التي يوظفونها للرفض والمواجهة بدلا من تعظيم قيم القبول والتعايش والسلام.