مرايا – كتب :عمر كلاب – حسب الارقام الرسمية فإن عدد الحاصلين على الجنسية الاردنية من خلال نافذة الاستثمار بلغت 116 مستثمر وهناك طليات قيد الدراسة تقارب ال 150 طلبا , وبحسبة بسيطة فإن المستثمرين المجنسين دفعوا ما يقرب ال 348 مليون دولار اي ما يفوق حجم استثمارات قطاعات واسعة ودون اي اخلال بالمعادلة الديمغرافية التي وضعها كثيرون حجر عثرة امام الاستثمار من بوابة الجنسية ولولا جرأة وزير الاستثمار السابق مهند شحادة لبقينا نراوح مكاننا .
هذه الارقام مبشرة بكل المقاييس واذا اضفنا المبالغ المتحصلة من طالبي الجنسية الاردنية , فإن الرقم مرشح للارتفاع وصولا الى مليار دولا وهذا رقم ضخم بالنسبة للاردن وايضا دون اخلال بالتركيبة الديمغرافية التي يتحدث عنها البعض بلغة تشابه لغة المفكر الماروني ” شيحا ” الباكي على التركيبة اللبنانية الفريدة حسب تعبيره مما اورث لبنان ازمات غير قابلة للحل او الانفراج, واذا استثمرنا هذه الاموال المودعة في ابواب اقتصادية حصيفة فإن العائد سيجنبنا الحاجة لمعونات واقتراض تفرض علينا الكثير من التعقيدات السياسية والاقتصادية .
الجانب الذي تحتاجه الحالة الاردنية بالاضافة الى الاستثمار والجنسية هو توحيد القاعدة الجمركية على شريحتين على الاكثر , بدل الشرائح التي تفتح الباب للفساد والافساد والرشوة والتهرب الجمركي الذي يضيع على الخزينة اموالا طائلة , وهذا الامر سبق ان وعد به وزير التخطيط السابق ووزير المالية الحالي الدكتور محمد العسعس , لكن الوعد تأخر والحزم الاقتصادية لم تقترب من هذا الملف الشائك رغم ان كل العقول الاقتصادية تتحدث عن وجوبه , ويبدو ان ثمة قوى مستفيدة من هذا الاختلال وتسعى الى اطالة عمره لاطول فترة ممكنة .
دراسة توحيد الرسوم الجمركية على شريحتين شبه جاهزة وسبق لكاتب المقال ان أطل على بعض تفاصيلها والغريب ان الفوارق في العوائد المتحصلة من التوحيد لا تذكر رغم انعكاسها الايجابي على عجلة الاقتصاد , ويكفي ان نضرب مثلا واحدا على التهريب والتهرب الجمركي بمادة المشروبات الروحية , حيث بلغت العوائد الجمركية من هذه المواد 24 مليون دينار وهذه نسبة ضئيلة جدا لحجم الاستهلاك , بل لعلها اقل من استهلاك محافظة واحدة , والغريب ان الجميع يعلم ذلك ولا أحد يتدخل لوقف هذه المهزلة , والاكثر غرابة في نفس السياق مادتي الصنوبر والقهوة التي نستورد منها مئات الاطنان في حين يتم التخليص على عشرات الاطنان فقط .
ولمزيد ن التوضيح حول هذا الملف فإن 12 سلعة فقط تحقق 85% من العوائد الجمركية فيما باقي السلع تحقق 15% والغريب ان احدا لم يجرؤ على المساس بهذا الاختلال رغم ان الملك تحدث عن هذا الاختلال بالاضافة الى الخلل الضريبي المتعلق بالتهرب , فهل تتجه حكومة النهضة الى هذا الملف لتغلقه وتُعيد الحقوق الى اصحابها وتوقف نزيفا هائلا في عوائد الدولة , التي تحتاج اليوم الى كل قرش بدل الاستدانة والوقوف على ابواب المقرضين والدول المانحة .
ما زلنا نقول انه رغم عواصف الاقليم والربيع المسموم الا ان الاردن قادر على المرور الذاتي من عنق الزجاجة بقرار اداري وسياسي يراعي مصالح الاردنيين بدل مراعاة طبقة الكريما او الطغمة السائدة التي أكلت وتأكل الاخضر واليابس في بلادنا دون ادنى رقابة او محاسبة , فالتهريب والتهرب الجمركي والضريبي خنجر مغروس في خاصرة الوطن والمواطن وانتج طبقة فاسدة مستبدة تحمي مصالحها على حساب مصالح المواطنين الذين يموتون قهرا وكمدا ويعيشون تحت وطأة الفقر والعازة , فمتى نستيقظ ونحسم المسألة ؟ . omarkallab@yahoo.com