مرايا – كتب :وليد حسني – أصدرت وزارة الصحة أمس بيانا دعت”الشعب” فيه “الدعاء لها بالتوفيق والسداد (..) للحفاظ على الوضع الصحّي في البلاد “، وهي توضح كيفية احتساب كلف معالجة المصابين بفيروس كورونا البغيض في أماكن العزل.
قالت الوزارة إن حسبة كلف المريض تتوزع على”الاطباء والتمريض والعلاجات والأجهزة و المستلزمات الطبّية ومواد العزل والألبسة الخاصّة للحماية و غيرها ” مضيفة “إنّ هذه الأرقام لا تدفع مالياً ولكن هي الكلفة الإجماليّة لغايات تقدير الإنفاق وتعويض الناقص ودعم الكوادر و الكثير من المصروفات غير المنظورة “.
بدا البيان”الصحي” غير صحي تماما، وبدلا من إقناع المواطنين بصوابية وصحة الأرقام التي أعلنت عنها في وقت سابق جاء التبرير خاليا من روح الإقناع، واضاف مادة جديدة لـ”الشعب” للتهكم والسخرية، والتعامل مع الكلف العلاجية للمصابين والمشتبه بهم باعتبارها مادة للتندر والتنكيت والتبكيت.
فمنذ أن قالت الوزارة ان كلفة المشتبه به بفيروس الكورونا البغيض في العزل يوميا تتراوح ما بين 120 ــ 180 دينارا ، وكلفة المصاب تصل الى 1200 دينار يوميا والمواطن يختلق النكات والتعليقات الساخرة للتخفيف عن نفسه والهروب بالتنكيت من واقعه إلى الإضحاك المأساوي.
اليوم قالت الوزارة ان عدد من هم في العزل وصل الى 80 حالة، ولا نملك معلومات كافية عن عدد من تأكدت إصابتهم إلا حالة واحدة، فيما تحوم الشكوك حول الأعداد الحقيقية المصابة بالفيروس البغيض.
لعل أغرب مظاهر مواجهة الأردنيين للكورونا هي اللامبالاة وربما الإستسلام، هنا في كل الأردن لا تشعر أن ثمة جائحة فيروسية تجتاح الكون ووصلتنا، ومن الطبيعي أن يشعر الأردني بالتهديد ويظهر الكثير من الاهتمام الوقائي ــ على الأقل ــ إلا أنك لا تجد مثل هذه المظاهر الوقائية، بقدر ما تجد الكثير من النكات والتعليقات الساخرة وكأن القصة كلها مجرد إشاعات لا ترقى لعتبات الحقيقة المُرَّة.
هل هذه عادة سلوكية ثقافية عند الأردنيين؟ سؤال يحتاج للدراسة والتحليل، لكن المؤكد أن ثمة لامبالاة واستسلام وعدم اهتمام واتحدى أن تذهب للمناطق الشعبية والقرى والبوادي وترى أحدا يرتدي كمامة وهي أضعف مظاهر الاهتمام الوقائي.
لماذا يواجه الأردني هذه الجائحة الوبائية باللامبالاة وعدم الاهتمام والاستسلام؟ هو سؤال آخر يتوجب طرحه ودراسته لإعادة اكتشاف الشخصية الأردنية، وما الذي يدفع الشعب إلى هذا السلوك؟ وهل ثمة متغيرات في سيكولوجية الأردني؟ وهل سبب ذلك فقدانه للثقة بكل ما يدور حوله؟ أم أن للأوضاع الاقتصادية أثر في ذلك؟ أم هو عدم الوعي الكافي بمخاطر ما نواجهه ويواجهه العالم اليوم؟ أم لأنه يشعر بضرورة الإستسلام لكل ما يهدده بعد أن فقد قدرته على مقاومة ما يحيط به؟..الخ.
هي تساؤلات تبقى مشرعة أمام علماء وأساتذة الإجتماع الأردنيين بحاجة لتفسيرات، واعتقد أن الجامعات الأردنية ومراكز البحث ــ على قلتها وضعفها ــ يجب أن تتصدى لتحليل هذه الظاهرة.
بالنتيجة فان فيروس كورونا البغيض سينتهي وسيقضى عليه عالميا ومحليا، ومن المؤكد أننا سننجو باذن الله منه، لكن تبقى ظاهرة اللامبالاة هي الحاضرة والراسخة في سلوكيات الأردنيين وتلك مسألة في غاية الخطورة والأهمية..