مرايا – بهدوء: عمر كلاب- تثبت العلاقة الاردنية السعودية يوميا متانتها وتخطيها حواجز الكلاشيهات المعروفة والمكرورة في الديبلوماسية العربية , عن علاقة الشقيق بالشقيق وحُسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية , بل تؤكد انها اعلى حتى من العلاقة الاستراتيجية , دون النظر لحسابات الربح والخسارة او التبادل المصلحي , لصالح نظام التكامل المنفعي للبلدين , ولعل ما قاله السفير السعودي خلال لقاء اعلامي بمشاركة حكومية واسعة على مائدة وزير الدولة لشؤون الاعلام على شرف السفير السعودي يؤكد هذا العُمق ويكشف مقدار الكيمياء السياسية والاجتماعية بين الشعبين والقيادتين .

 اللقاء الذي شغلت معظم مساحته دلالات الدعوة السعودية للاردن للمشاركة في قمة العشرين , كشفت وتكشف حجم الاردن في العقل السعودي الرسمي والشعبي , فالاردن هو الدولة الوحيدة العربية المدعوة لحضور القمة بالاضافة الى الشقيقة الامارات بوصفها رئيسة مجلس التعاون الخليجي , والدعوة فرصة ورسالة لكل عقل تقوده رغائبية , لتحليل العلاقات الاردنية السعودية بقياسات الربح والخسارة او الامساك والانفلات بالانفتاح على دول الجوار والاقليم العربي , بعد ان غرقت عقول في تحليل فتور العلاقة لعودة سفير شقيق الى العاصمة عمان .

 قمة العشرين تجمع 75% من اقتصاد العالم , وتناقش بالعادة قضايا متعلقة باقتصاديات الكون , لكنها فرصة للاردن كي يحاول تقديم بعض المشاريع على هامش القمة مع دول حاضرة , بعد ان بدأ الصندوق السعودي حراكه الاستثماري في الاردن بمشاريع عملاقة , تقدم نموذجا جاذبا لاستثمارات كبرى في مشاريع ضخمة , فالكثير من المنظمات الدولية حاضرة للقمة بالاضافة الى اقوى 20 اقتصادا عالميا , ويحظى الاردن بتقدير هذه الدول ويمتلك ايضا اسلوب مخاطبتها ومهارة في ايصال رسائله القومية والوطنية والقيادة السعوية تدرك ذلك , فخطاب الملك في قمة الصحراء ما زال عالقا في الاذهان . 

اللقاء اكثر من ناجح , وحمل بذور استمراره وتأطيره ربما ليكون خلية اعلام تنقل دلالات انعقاد قمة العشرين في دولة شقيقة وهذا موضع تقدير وفخر اردني وعربي , فالشقيقة السعودية قطعت شوطا اصلاحيا داخليا لا يمكن الاغفال عن نتائجه ومدلولاته وهذه القمة ستكون فارقة للسعودية وللعالم العربي الذي تراجع اثره وتأثيره الكوني لاسباب متعددة لكن ابرزها عدم استثماره لقوته الاقتصادية والبشرية , التي نجحت السعودية في اتون حرب تشرين 1973في استثمارها وتوظيفها , والقمة الكونية فرصة لاسترداد هذا الحضور , فما زال العالم ينظر لاقطارنا نظرة قاصرة وبفوقية .

 

الرسالة السعودية واضحة ومقدرة ونجح السفير الشاب في ايصالها بمهارة وحرارة , كاسرا القيد الديبلوماسي الثقيل , فحسب تعبيره تبادل السفراء بين الاردن والسعودية هو اجراء بروتكولي لانهما حسب عقل القيادتين دولة واحدة , وهذه اشارة كافية لمعرفة حجم العلاقة والتوافق , وتكفي لترسيم شكل ونموذج العلاقة القائمة على اسس متينة غير قابلة للطي او الفتور حتى وان بدت بعض المعيقات الفنية في ترسيم العلاقة وحدودها وملامحها حسب تعبير وزير الصناعة والتجارة الذي اكد ان هذه التفاصيل الفنية في طريقها الى الترسيم النهائي . 

لقاء ناجح بكل المقاييس , وكاشف ايضا لمنسوب التنسيق المرتفع بين الحكومتين بما يحقق طموحات القيادتين , وكاشف اكثر بأن العلاقة قائمة على وصل الطبيعة التي لا يمكن فصل ما وصلته , وقائم على فهم عميق لخصوصية الجيرة والتجاور في المواقف والسياسات , دون مماحكة او استقواء , فالتركيبة الاجتماعية فيها الكثير من التقارب والتشابه وفيها ما هو اكبر من الجوار الجغرافي . omarkallab@yahoo.com